اعتقال قائد كبير فـي الحشد بتهم قتل ناشطين فـي كربلاء واحتجاجات من قتلني تسقط رواية الطرف الثالث

بغداد/ تميم الحسن

يرفض ناشطون الاعتراف بـ”رواية الطرف الثالث” -المتهم منذ احتجاجات 2019 بقتل المتظاهرين- ان يكون وراء موجة العنف الجديدة التي جرت مساء الثلاثاء.
وارتفع عدد القتلى في تظاهرات “من قتلني” الى قتيلين اثنين ومئات الجرحى وعشرات المعتقلين، بحسب احصائيات مؤسسات رسمية.

ويشير الناشطون الى ان سلسلة القتل الاخيرة التي طالت المتظاهرين، نفذت عن طريق قوات حكومية قد تكون مخترقة من “مليشيات”. وبالتزامن مع ذلك، اعتقل قائد في فصيل مسلح متهم بقتل الناشط ايهاب الوزني وناشطين آخرين في كربلاء.

واظهرت مقاطع فيديو من تظاهرات الثلاثاء، قيام القوات المعروفة بـ”مكافحة الشغب” باستخدام العنف المفرط ضد المحتجين في ساحة التحرير وسط بغداد.

وقال احمد جابر، وهو احد الناشطين المتواجدين في تظاهرات الثلاثاء، ان “المليشيات قتلت المحتجين بادوات رسمية، عن طريق قوات الداخلية ومكافحة الشغب”.

واضاف جابر في حديث لـ(المدى) ان “اجهزة الامن مخترقة من قبل هذه المليشيات، وواجهت المتظاهرين بعنف شديد”. وفي غضون ذلك تسربت وثائق عن اعتقال قاسم مصلح قائد لواء الطفوف احد فصائل الحشد الشعبي، في احد المنازل في الدورة، جنوبي بغداد، وفق تهمة “4 ارهاب”. وقالت خلية الاعلام الأمني في بيان: “بناء على مذكرة قبض وتحري قضائية صادرة بتاريخ 21/5/2021 وفق المادة 4 من قانون مكافحة الارهاب نفذت قوة امنية فجر اليوم 26/5/2021 عملية القاء القبض على المتهم قاسم محمود كريم مصلح وجاري التحقيق معه من قبل لجنة تحقيقية مشتركة في التهم الجنائية المنسوبة اليه وفق السياقات القانونية”.

وأضافت: “تجدر الاشارة الى ان العملية لا تستهدف أي جهة عسكرية او امنية كما يشاع من المروجين للفتنة وان جميع الاجهزة العسكرية والامنية هي تحت امرة القائد العام للقوات المسلحة”.

وبحسب مصادر في كربلاء ان “التحقيقات الاولية كانت قد وصلت الى اتهام لواء الطفوف بقتل ايهاب الوزني في كربلاء قبل اسبوعين”.

ومصلح، كان قيادي في احد التشكيلات الامنية بحماية العتبة الحسينية في كربلاء بعد 2003 قبل ان يتقلد مناصب ارفع في الحشد الشعبي بعد 2014.

كما ترجح تلك المصادر وقوف اللواء ذاته وراء مقتل فاهم الطائي، الذي قتل قبل عامين في كربلاء ايضا.

وحاولت مواقع قريبة من الفصائل اظهار اعتقال مصلح، بان وراءه منع الاخير دخول قوات اميركية الى الانبار عبر سوريا. وينتشر “لواء الطفوف” بشكل خاص في المناطق الحدودية في الانبار المحاذية لسوريا، كما يتهم بالقيام بعمليات تهريب على الحدود.

كما تسربت معلومات عن استعداد السلطات لغلق المنطقة الخضراء وسط بغداد كاجراء احترازي، بعد ساعات قليلة من اعتقال مصلح بسبب توقعات بتصعيد من الفصائل ضد الحكومة.

في الوقت ذاته استغربت هيئة الحشد تكليف “لجنة ابو رغيف” – وهي لجنة مكافحة الفساد التي شكلها الكاظمي العام الماضي- باعتقال قاسم مصلح، رغم ان تهمته تتعلق بالارهاب.

واشارت وثيقة منسوبة لهيئة الحشد نشرت في عدة مواقع امس الى قيام “قوة من لجنة الامر الديواني المكلفة بقضايا الفساد باعتقال قائد عمليات الانبار الحاج قاسم مصلح فجر الاربعاء”.

واضافت الوثيقة ان “الجهة المكلفة بعملية الاعتقال هي امن الحشد وليست خلية الامر الديواني وخصوصا ان الاعتقال بتهمة تتعلق بالارهاب وهي خارج صلاحيات لجنة الامر الديواني”.

واكدت الهيئة بحسب الوثيقة المنسوبة للحشد، قرب اطلاق سراح مصلح لانها “تهمة كيدية وتحت ضغط الاعلام”.

ارتفاع عدد الضحايا

بالمقابل أظهرت مقاطع مسجلة من أحداث مساء الثلاثاء، اصوات اطلاق نار باتجاه المتظاهرين الذين فروا من ساحة التحرير الى منطقة السنك.

المفوضية العليا لحقوق الانسان بدورها اعلنت عن توثيقها سقوط قتيلين و150 مصاباً ببغداد في تظاهرات الثلاثاء، 25 أيار. وذكرت المفوضية في بيان أن تظاهرات ساحة التحرير أدت “لمقتل متظاهرين اثنين واصابة 20 آخرين، ومازالت اصابة العديد منهم خطرة حتى الان، وإصابة 130 من القوات الامنية”.

واعتقلت القوات الأمنية “عددا كبيرا” من المتظاهرين ثم اطلقت سراحهم، فيما تبقى 11 متظاهرا معتقلا، وفقا للبيان.

وأشارت المفوضية في بيانها الى حرق كرفانين اثنين تابعين لقوة حفظ النظام، نتيجة استخدام الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع من قبل القوات الامنية والحجارة والآلات الحادة من قبل المتظاهرين.

مع سبق الإصرار

وبدأ من صباح الثلاثاء، المتظاهرون التوافد الى ساحتي النسور والفردوس والتحرير، قبل ان يلتقي الجميع في ساحة التحرير، وسط العاصمة.

واوضح الناشط احمد جابر ان “التظاهرات كانت تسير بشكل طبيعي حتى قبل وقت قصير من الغروب، حيث حصلت القوات على اوامر بطردنا من التحرير”. وبحسب وثائق للمصابين الذين وصلوا الى مستشفيات بغداد بعد التظاهرات وتسربت الى الاعلام، فان 10 مصابين كانوا بسبب اطلاق نار.

وتابع جابر ان “احد الشهداء مصاب في رأسه ما يعني ان هناك تعمدا واضحا من القاتل ولم يكن اطلاق النار عشوائيا”.

ورد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على تلك الاحداث بفتح تحقيق رسمي، يضاف الى عشرات اللجان السابقة في حوادث قتل المتظاهرين. وقال الاخير في تغريدة مساء الثلاثاء: “دعمنا حرية التظاهر السلمي في العراق، وأصدرنا أوامر مشددة بحماية التظاهرات وضبط النفس ومنع استخدام الرصاص الحي لأي سبب كان.” واضاف الكاظمي إنه “اليوم سنفتح تحقيقا شفافا حول حقيقة ما حدث في اللحظات الأخيرة من تظاهرة ساحة التحرير لكشف الملابسات. الأمن مسؤولية الجميع ويجب أن نتشارك جميعاً في حفظه”.

استراحة محارب

وكانت التظاهرات التي انطلقت الثلاثاء، تحمل عدة مطالب ابرزها كشف هوية الجهات المسؤولة عن قتل نحو 700 متظاهر وجرح اكثر من 20 الف في احداث تشرين 2019. وانتقد امير الخطيب، ناشط آخر كان متواجدا في لحظة الهجوم على المتظاهرين في ساحة التحرير في اتصال مع (المدى): “الوعود الزائفة للحكومة والبرلمان” في محاسبة الجناة.

وفي الاطار ذاته كان النائب عدنان الزرفي، قد وعد بالاجابة على سؤال “من قتلني” الذي رفعه المحتجون، داخل البرلمان.

وقال الزرفي وهو مرشح سابق لرئاسة الحكومة في تغريدة على (توتير) “ما حدث من قمع عبثي للمتظاهرين في ساحة التحرير وبقاء القاتل ملثماً يلعب في الظل ويستبيح دماء العراقيين يضاعف مسؤوليتنا لنصرة القيم الوطنية التي تبنتها تشرين”. وأردف قائلاً: “من قتلني صرخة حق عميقة انطلقت من اولياء الدم ووصلت الى البرلمان وستبدأ باستجواب القادة الأمنيين وتنتهي بـاعلان من قتلكم”.

ودفعت الحكومة قوات كبيرة لساحة التحرير بدأت تضاهي او تفوق عدد المتظاهرين الذي قدموا من عدة محافظات بالاضافة الى بغداد. وعقب موجة العنف اكد جابر والخطيب ان المتظاهرين “اخذوا استراحة محارب” لمنع استمرار “الحكومة في قتل المحتجين”.

لكن الناشطين توعدا ايضا بالمضي في الحركة الاحتجاجية في الايام المقبلة “بعد التقاط الانفاس وتأمين حشود اكبر”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here