*أعلام الجبور*

//  ألشيخ المرحوم شلال محمد حسين مهدي حمد علي الخلف الجبوري ،  وكلمة الشيخ مثبته في سندات الطابو الصادره في العهد العثماني والتي تشير الى ذلك والتي نمتلك منها عدة نسخ والصادره قبل   400 سنه ، ولد عام  1911ميلاديه في بغداد ، الاعظميه ، الكريعات وتوفي فيها بتأريخ 15/ 1 / 1991 ، ونظراً لكوني سأكتب عن أعلام قبيلة الجبور في منطقة الكريعات وأستجابة للقرأن الكريم كلام الله الخالق الجبار حيث يقول (  وقضى ربك ألا تعبدوا ألا أياه وبالوالدين أحسانا ) ، وتأكيدا على برنا بوالدينا أحياءا ً كانوا أم أموات أذ لم يكن البر مقصورا في حياتهما فقط بل ضروري وواجب بعد وفاتهما أيضا فقد دعت جميع وصايا النبي وأهل بيته الاطهار الى بر الوالدين بعد وفاتهما ، وأكدت على ذلك بقضاء ديونهما الماليه والعباديه ، وأسداء الخيرات ، والاستغفار لهما ، والترحم عليهما ، وأعتبرت ذلك الاهمال ضربا من العقوق ، وأذ ينقل ألامام الصادق جعفر ( عليه السلام ) عن جده الرسول محمد ( صلى الله عليه وأله وسلم ، أذ يقول : قال جدي رسول الله ( سيد ألابرار يوم القيامه ، رجل بر والديه بعد موتهما )  وأستجابة لدعوى الرسول الكريم وأهل بيته الاطهار أكتب هذا الموضوع  عن والدي المرحوم وعن وجهاء منطقتنا الكريعات عسى أن أكون من الابرار يوم لاينفع مال أو بنون ألا من بر والديه وأقاربه ، تربى والدي في بيت كريم أذ فتح عينه وأذا به يجد والده ( الشيخ محمد ) يلقب ( ببيت ألشيتي ) نسبة الى كثرة ( الشياه والخراف ) التي كانت تذبح للضيوف ، توفى والده المرحوم الشيخ محمد وهو في سن العشرين من عمره وتحمل أعباء كبيره نتيجة لذلك أذا ماعلمنا أن شقيقه الوحيد قد توفى وترك يتيماً واحدا وبقي والدي هو الذكر الوحيد بين شقيقتين فقط أذ لم يكتب الحظ لجدي ( الشيخ محمد ) أن تعيش له ذريه رغم زواجه من ثلاث نساء أذ كان الاطفال يموتون عند ولادتهم ، بيت كبير ، وأملاك متناثره هنا وهناك ، ومضيف لايخلوا من ( الخطاطير ) من كل المحافظات ، مسؤلية عائله وشقيقات توفى أزواجهم ليتركوا عدد من الايتام ليكون والدي مسؤؤل عنهم جميعا ، عدد كبير من الفلاحين الذين كانوا يعملون  لدى جدي ( الشيخ محمد ) وكيفية أدارتهم والسيطره على عملهم ، كل ذلك دفع بوالدي المرحوم ( الشيخ شلال ) الى الاعتماد على نفسه وعلى المقربين من أولاد عمومته لكي يصحو من صدمة وفاة والده ( الشيخ محمد ) ، يحدثني ( أبي ) عن تلك السنين والدمعه لاتفارق عينه عن والده وكيف قضى حياته في البر والتقوى وحب ومساعدة الناس وعندما كان والدي يقص عليّ تلك وهو يتحسر ويتألم لانها كانت صعبة جدا بالنسبة له ، لم استطع أن أعبر بهذه الكلمات عن حياة والدي المليئه بالكرم ، والنبل ، والاخلاق ، والشجاعه ، والايثار ، وحب أهل البيت الاطهار ، والترحم على والديه دائما ، كان يلقب ( بالنظيف ) وعندما سئلت عن سبب ذلك عن طريق أقرانه قالوا لي ( أنه نظيف القلب ) ، أخلاقه :  يحدثني عنه أبناء  عمومته يقولون  كنا نخجل أن ننظر اليه أو نتحدث قبله ، أو نعطي راي في قضيه وهو موجود بيننا ، يتحدث بلغة القرأن الذي تعلمه من خلال ( الملالي ) ، لم يترك حديثا الا وأشار فيه الى حديث نبوي شريف أو قول لسيد البلغاء والمتكلمين أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب ( عليهما السلام ) الذي كان يعشقه حد الموت ، يحفظ من الشعر ما يبهر السامعين ، حتى أن احد أصدقائي في أحدى زياراته الى مضيف والدي سألني بعد خروجه من مضيفنا عن الجامعه التي تخرج منها والدي فقلت له في المره القادمه عندما تزورنا سأجعل والدي يجيبك ، وفعلا بعد ايام التقينا بوالدي مع صديقي فساله عن الجامعه التي تخرج منها فأجابه بكل بساطه أنها جامعة ( أهل البيت ) التي يجب أن نتمسك بها ، شجاعته التي لم يحدثنا عنها هو قط ، بل كل ماسمعته من قصص حدثني به أولاد عمومته ومن هم في عمره وبعض الناس والاصدقاء الذين عاشوا معه ، أذ يقول أبن عمه الاخ محمد علي حسون الحبيب  ، في تلك السنين كان ( الحراميه ) يسرقون اي شيء ويغزون أي منطقه لقلة الغذاء وأنتشار الفقر والحاجه ، ولكونه كان مشهوراً بشجاعته ولكونه أحد شيوخ الجبور في منطقة الكريعات ، كان لزاما عليه أن يحمي عشيرته وأهله من اللصوص ، ويحدثني ابن عمه المرحوم المعمر ( الحاج حسون العلي ) اذ يقول كان ابن عمي ( الشيخ شلال ) قد قطع عهدا على نفسه بأن ( لايدوس حرامي منطقة الكريعات ) وفعلا لم يستطع أحد في تلك الفتره أن يسرق بيتا واحدا من بيوتات الكريعات الشريفه من خلال شجاعة والدي وبقية أولاد عمومته الذين شكلوا عدة مجموعات تكفل بمصروفاتها وتجهيزها بالسلاح والدي المرحوم الذي كان مولع بجمع الاسلحه، وكانت المجموعات المكلفة بحراسة منطقة الكريعات كل من : المرحوم الحاج هاشم حماده ، المرحوم الحاج ابراهيم حسن ، المرحوم الحاج عيد حسن حمد ، المرحوم الحاج هادي الحسن ، والمرحوم الحاج حمزة حجي هادي ، والمرحوم الحاج حسن الاحمد ، والمرحوم كاظم الحمود ، وبيت المرحوم حسين عراو ، وبيت المرحوم حجي حمود ، والمرحوم الحاج ياس ، والمرحوم الحاج عباس حسون ،  وكانوا يتناوبون الحراسة في المنطقة،  وعن ايثاره ، يحدثني أولاد عمومته الذين تبرع لهم  بعدد من أملاكه وساعدهم بكل شيء وكان يتكفل بزواج شبابهم ودفن ميتهم وأغاثة ملهوفهم ومساعدة محتاجهم ، أما عن حبه لقبيلة ( الجبور ) فحدث ولاحرج فقد كان يحفظ كل شارده ووارده عن كرم وشجاعة ابناء القبيله وكان يلقي على اسماعنا الابوذيات والاشعار التي تمجد قبيلتنا ورجالها وشيوخها الشجعان ، ويتذكر أهالي الكريعات ( شيابهم ) تحديدا كيف أنه أستجاب لدعوة أبناء عمومته في ( الحويجه ) عندما تعرضوا الى أعتداء من قبل بعض العشائر هناك فذهب الى الحويجه مع 40 فارسا من أهالي الكريعات لنجدة أولاد عمومتهم هناك ولايزال ( شياب ) قبيلة الجبور في تلك المناطق يتذكرون ذلك وللتاريخ أقول في عام 1980 قبل الحرب العراقيه الايرانيه ذهبت أنا  وعائلتي الى شمال العراق لكي نصطاف ونقضي بعض الوقت هناك وعند عودتنا عن طريق كركوك شاهدت العديد من قرى قبيلة ( الجبور ) فقلت لمن كان معي تعالوا نحل ضيوفا عند أولاد عمومتنا ونسال عنهم ، فوجدت عدد من الشباب والنساء في البيوت وسلمت عليهم وقلت لهم اين الرجال فقالوا أنهم في المراعي لرعي المواشي فسالت عن ( شيابهم ) فقالوا أنهم يجلسون تحت تلك الشجره واشاروا الى شجره كبيره يتجمع عندها عدد من المعمرين فسلمت عليهم وقدمت نفسي لهم وقلت لهم أنا ( أبن الشيخ شلال ) والله لم أكن أتوقع على الاطلاق أن أسم والدي محفورا في نفوس وضمائر أولئك الناس فاشاروا الى الشباب أن أعطوا الاشاره الى الرعاة لكي يعود الرجال فأن ضيفنا عزيز علينا فأخذ الشباب يطلقون النار في الهواء وماهي الا ساعه وأذا يتجمع عدد كبير من الرجال لتحيتي وهم يسالونني عن والدي وصحته وحياته ، أما النساء فقد تكفلت بهم عدد من النسوه وأجلسوهم في بيت النساء واخذوني الى مضيف كبير حيث نحرت الذبائح على شرفنا ، وأخذت أردد مع نفسي ماذا زرع والدي في نفوس هؤلاء الناس كي يستقبلوني بهذا الشكل ؟ لايوجد شيخ عشيره من الشيوخ الاصلاء ( وليس شيوخ التسعين ) لايعرف والدي على الاطلاق ، من الموصل الى البصره ، أن الله سبحانه وتعالى لم يترك فضيله الا وجعلها في والدي لايمكن لي في هذه العجاله أن اسرد حياة رجل عاش ومات لم يعرف الحقد على أحد ، تربى على الخير اذ كان يقول لي لاتترك أي أنسان محتاج أذا كنت قادرا على مساعدته ، حتى وصل الامر به أن يقول لي وهو في أخر لحظاته ( لاتبذل علي ّ شيء قط فلقد أعطيت بما يكفيني أن أواجه ربي بوجه ابيض ) ولكنه أوصاني بوصيه عجيبه أذ قال لي ( سيأتيك أناس يطلبون منك راتبا  شهريا فاذا استطعت أعطهم لانني كنت قد خصصت لهم راتبا لهم ولعوائلهم ) وفعلا بعد وفاته أتتني عدة عوائل من ارامل وايتام  وطلبوا مني الراتب الذي كان والدي قد خصصه لهم ويشهد الله لم اقطع ذلك الراتب عن أولئك الناس حتى طلبوا مني ذلك ، من الامور التي تميز بها والدي ، لم يخلع الزي العربي عنه قط ، كان مشهوراً بأقتنائه لارقى وأثمن السبح الكهرب واليسر وكل الانواع النادرة وكذلك أشتهر بأمتلاكه ( لعصا ) كبيرة مصنوعة من الكهرب ، كما كان يمتلك مسدس واسلحة عديدة مصنوعة منذ مئتي سنه ، وكان مولع بالزراعة ، ولكنه في عام ١٩٤٠ أنتقل الى الشورجة وعمل في التجارة ويعتبر من أوائل التجار في الكريعات ، كذلك تميز بنوع ملابسه التي كان يرتديها والانواع النادرة والثمينه من ( العبي ) الاصليه ،  ومن ميزاته  الاخرى لم يذهب الى طبيب قط  الا مرضه الذي توفى بسببه ولم يكن بمرض أذ اصيب بجلطه قلبيه بسيطه دخل على أثرها المستشفى ولم يبقى بعدها سوى شهرين فقط قضاهم في بيتي في الاعظميه وعندما أقتربت ساعته طلب مني أن أدعو عدد كبير من محبيه واصدقائه ومعارفه لكي يراهم وأخذت الناس تتقاطر على بيتي في الاعظميه من كل المحافظات والعشائر وهو يحدثهم ويحدثونه حتى يوم وفاته رحمه الله في 15 / 1 / 1991 الساعه السابعه مساءا لتنتهي حياة رجل كريم ترك في نفسي الحسره والالم وعلمني الكرم والشجاعه والايثار وحب الاشراف والكرماء والشجعان والوقوف ضد الباطل واهله ويشهد الله والناس في أخر لحظه في حياته وهو ممسك بيدي ويردد ( الله يوفقك ياولدي ) ، أبي ثق أنني على دربك سائر ، ولن أتخلى عنه حتى ألقاك ، وأشكرك جزيل الشكر لانك علمتني الكثير ، وأنني في  كل صلاة ادعو لك وأترحم على روحك الطاهره وأذكرك بكل خير وأحدث أولادي عنك ، والدي أنك لم تمت لان مثلك لايمكن أن يموتوا فذكرك باق الى الابد في نفوس وضمائر من عاصرك وتعلم منك الكثير ، الرحمه الدائمه عليك ، وسابقى اذكرك مابقي من عمري شيئ ، وسلام عليك وعلى ذكراك الكريمه ورحمة الله وبركاته

ولدك المخلص
*جبر شلال الجبوري*

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here