أهمية الترجمة في العصر الحاضر

أهمية الترجمة في العصر الحاضر
ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد – كلية شط العرب الجامعة – البصرة
[email protected]
تأليف: مونيكا كابرال* (2020) Monica Cabral
للترجمة دور هام في أيامنا هذه وهي تؤدي دورا محوريا في مجال أقامة العلاقات ونشر
الأفكار وأيصال المعلومات الى مختلف أرجاء المعمورة.
نعيش اليوم في عصر العولمة الذي يتميز بترابط أعداد كبيرة من البلدان والثقافات سواء حصل ذلك عبر العلاقات التجارية أو السياسية أو مجرد العلاقات الثقافية المتبادلة. مع ذلك هناك بعض العقبات التي تقف حجر عثرة أمام مثل هذه العلاقات وهي لغوية في معظمها لكون مثل تلك العلاقات والتبادلات الثقافية تقام غالبا بين البلدان والشعوب التي لاتتحدث اللغة ذاتها مما يعقد التواصل في ما بينها. وفي وقتنا الحاضر الذي يربو فيه عدد اللغات التي يتحدث بها الناس عن 7 آلاف لغة تتبوأ الترجمة مكانة مرموقة لكونها تتيح الفرصة للناس للتواصل في ما بينهم وكذلك فهم أفكارهم وثقافاتهم دون الحاجة الى تعلّم لغة ثانية. أضف الى ذلك يمكننا التفاهم مع الآخرين وكذلك التعبير عن أنفسنا بشكل أفضل في ظل أستخدام لغتنا الأم وأن كنا نتقن أكثر من لغة أخرى. على أن أهمية الترجمة اليوم لاتقتصر على هذا الأمر.
التحدث باللغة الأنكليزية: هل يشمل الجميع؟
تشير النشرة اللغوية السنوية الموسومةEthnologue 1 الى أن اللغة الأنكليزية هي اللغة الأكثر رواجا في العالم أذا اخذنا في الحسبان عدد متحدثيها من أبناء تلك اللغة وكذلك من غير أبناءها الذين يبلغ أجمالي عددهم مليارا ومائة مليون متحدث منهم 379 مليونا من متحدثي اللغة الأنكليزية الأصليين. كما تتميز اللغة الأنكليزية بالحضور المتميز في حياتنا اليومية من خلال أستخدامها في وسائل الأعلام أو الأنترنت على سبيل المثال. من هنا يمكن الأستدلال على أن التحدث باللغة الأنكليزية أو فهمها لايشمل الجميع.
وقد توصلت دراسة أجرتها المفوضية الأوربية في عام 2012 الى ان (ربع المواطنين الأوربيين فحسب يستطيعون فهم تقرير أخباري مكتوب باللغة الأنكليزية).تجدر الأشارة أن التمكن من اللغة شفهيا أو كتابة أو معرفة قواعدها اللغوية لايعني أننا نفهم تلك اللغة بشكل مطلق ، فمن المهم جدا أيضا السعي لمعرفة الجوانب الثقافية الخاصة باللغة التي تشمل العادات والمعتقدات. عليه فأن مهمة المترجم تكمن في أستخدام سائر تلك الخصوصيات اللغوية والثقافية في عملية الترجمة الى اللغة والثقافة الهدف. لذا يتمثل الهدف الرئيسي في التأكد من أن الجميع يفهمون المحتوى الأصلي والحفاظ على جوهره.

الترجمة تدعم الأقتصاد العالمي
نظرا لأوجه التقدم المتعاظمة في مجالي العولمة والتكنولوجيا لم تعد المسافات مثار قلق في مايخص أقامة علاقات سياسية أو تجارية أو على مستوى الحكومات. ويشهد عالم اليوم زيادة متسارعة للعلاقات في مابين البلدان المختلفة وذلك بسبب الجوانب الأيجابية التي نورد البعض منها في أدناه:
تقليص كلفة المنتجات وأنتاجها.
أستخدام المهارات الأحترافية التي ربما لن تكون متطورة في بلد ما.
الزيادة الحاصلة في عدد الأسواق التي يمكن الأستثمار فيها.
مع ذلك هناك عقبة لغوية ، في غالبية الحالات، فالبلدان المختلفة لاتتحدث اللغة ذاتها.
من هنا تبرز الحاجة الماسة لوجود خدمات ترجمة مكتوبة وكذلك ترجمة فورية يتولى أمرها أشخاص محترفون مقتدرون ومؤهلون لأن حصول خطأ بسيط للغاية يمكن أن يقوّض علاقات وطيدة. ثم أننا نلاحظ هذه الأيام نمو أسواق أخرى خارج أطار الطيف اللغوي الأنكليزي مثل السوق الصيني ، على سبيل المثال ، الذي تنامى بسرعة في السنوات القليلة الماضية ، وهذا الأمر أدى بدوره الى السعي وراء المترجمين المحليين.
دور الترجمة في نشر الثقافة والمعلومات
أن غالبية أوجه الثقافة التي نهتم بها في وقتنا الحاضر ، سواء تعلق الأمر بالأدب أو السينما أو الموسيقى أو التلفاز ، تأتي من البلدان الناطقة باللغة الأنكليزية. وأذا اعتبرنا أن معظم الجوانب الثقافية هي في الأصل لاترتبط بلغتنا المحلية فأن الحاجة تبرز الى وجود مترجمين أكفاء ومؤهلين لأنجاز الترجمة المكتوبة أو الترجمة في أسفل الشاشة السينمائية (السترجة) subtitling لسائر الكتب المرغوبة أو الأفلام أو البرامج التلفزيزنية. والناس في الغالب يعتبرون ذلك أمرا حتميا متناسين أن غياب الترجمة سوف يدفع الناس الى الأقتصار على الثقافة المحلية فحسب. ورغم أن هذا الأمر ليس سلبيا لكون أي بلد من البلدان يضم جوانب ثقافية كثيرة فأن ذلك يظل أمرا محدودا لأننا في حاجة للأطلاع على ثقافات الآخرين ومدركاتهم الحسية المدهشة. كما تحظى الترجمة بأهمية كبيرة من خلال نشر المعلومات ، فمن خلال الترجمة نحصل على الأخبار ونطلع على الأحداث التي تحصل يوميا في ارجاء العالم التي تصلنا عبر وسائل عديدة بلغتنا. وبدون الترجمة سوف نتقوقع في داخل عالمنا المحلي الضيق وهذا أمر كارثي بأعتقادي لأننا سوف نجهل مايدور حولنا في هذا العالم.
أن مايميز البشر عن غيرهم من الكائنات الحية الأخرى هو القدرة المعرفية ، لذا ماذا يبقى لبني البشر أذا أفتقدوا تدفق المعلومات الواردة من أقطار العالم الأخرى؟مع ذلك لاتقتصر مهمة الترجمة على وقتنا الحالي فحسب أنما تؤدي دورا جوهريا في فهم التاريخ وكذلك تطور الأنسانية فبأمكاننا أن نعود الى الزمن الماضي وأن نعيش في الزمن الحاضر وأن نحلم حول المستقبل. ولعل ترجمة الأنجيل الى أكثر من 600 لغة يجعل من الكتاب المقدس أكثر الكتب رواجا في الوقت الراهن.
أهمية الترجمة في دعم السياحة
تشكل السياحة جانبا مهما من جوانب تعزيز الدخل القومي ، فعلى سبيل المثال يزور البرتغال سنويا الآلاف من السياح ، لكن من غير المتوقع أن يتحدث أي سائح اللغة البرتغالية أو يفهمها. لذا تبرز أهمية الترجمة في نمو هذه الصناعة وتطويرها سواء تم ذلك من خلال الأدلة أو المقالات السياحية التي تحفز الناس على زيارة البلد مثل الكتيبات والمواقع الألكترونية والأفلام الترويجية وغيرها. من هنا تمثل الترجمة جانبا مهما للغاية في قطاع السياحة لأنها تعين على الأحتفاء بالسياح كما أنها تعزز شعبية البلد وتساهم في جعله قبلة لعشاق السفر ، وهذا بدوره يؤدي الى تعاظم موارد البلد المائية.
خلاصة
في عالم اليوم تحظى عملية أقامة العلاقات الدولية بأهمية خاصة في ذات الوقت الذي نطلع فيه على المعلومات ونمارس مختلف أنماط التسلية من مختلف أرجاء العالم. لقد بدأنا نشهد نشوء القرية العالمية حيث يتشارك الحميع بالأفكار والعادات والثقافات ، وغدا من المستحيل ، من الناحية العملية ، التهرب من العولمة القائمة بالفعل والتي بدأت تتجذر يوميا الأمر الذي يحتم علينا ضرورة تكييفها ومن ثم التمتع بها الى أقصى حد ممكن. والترجمة نشاط أساسي للغاية فهي تلغي الحواجز والحدود ، ومن خلال الأستعانة بها نعيش اليوم في ظل مجتمع مثقف الى حد كبير حيث يمكننا الحصول على أية معلومات نرغب بها. لقد غدت الترجمة ضرورة لابد من الأقرار بها مع وجود أكثر من 7 آلاف لغة في الوقت الحاضر. ورغم أن اللغة الأنكليزية هي اللغة الأبرز من بين سائر اللغات الأخرى فأن من المستبعد أن نظن بأن (برج بابل) Tower of Babel سوف ينهار قريبا!

Why is Translation Important in Today’s World?


———————————————————————————————————
* تعمل مونيكا كابرال (برتغالية الجنسية) في مجال الترجمة من اللغتين الأنكليزية وألأسبانية الى اللغة
البرتغالية وهي الآن طالبة ماجستير في أختصاص (الترجمة الأختصاصية).
1 مشروع بحث ضخم أبتدأ عام 1951 يعمل به مئات اللغويين وغيرهم من الباحثين من مختلف
أرجاءالعالم. ويعتبر هذا المشروع الأكثر شمولا من نوعه في توفير المعلومات المتعلقة باللغات من خلال
أصدار نشرة سنوية تتناول اللغات المنتشرة في العالم. (المترجم)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here