الحوار المتحضّر ، بين متدّين ومتفتح

في لقاء على الهامش مع احد الإخوة الذي اكن له كلّ الإحترام والتقدير ، جرى حديثاً متشعباً

في مختلف جوانب الحياة ، وإنتهى بنا المطاف بين التعصب الأعمى وبين المرونة والإنفتاح ، فقال

يا اخي ما بال المتعصبين ماذا يكون ضررهم لو أنا ذهبت إلى الجحيم ، وإذا ذهبنا كلانا إلى الجحيم

فهناك الكثير من القاعات الفارغة والمساحات الشاسعة ، وأنا لا اعتقد أن هناك مشكلة بسبب الإزدحام .

فقلت له : المضحك المبكي أنهم الذين يقررون من يذهب إلى الجنة ومن يذهب إلى النار ، وكأن الله

منحهم توكيلاً رسمياً ، ففي الوقت الذي تعتقد أن معتقداتك مقدّسة ، في الوقت نفسه غيرك مقدساته أيضاً

كذلك ، وأين هي الحقيقة الكاملة ؟ ومن يقرر أن لدى فلان الخبر اليقين والحقيقة المطلقة ؟ فلا تجبرني

بالطريقة التي اعبد بها الله ، ومن أنت حتى تقرر ؟ وتحلل وتحّرم على مزاجك ؟ وما هو الحال مع

الملحدين الذين لا يدن لهم ؟

فقال : اصبت يا اخي ، ولكن في الماضي الجميل ، لم نكن نشعر بأية فوارق طبقية او عنصرية أو

دينية او قومية أو مذهبية ، والكل يحتفل ويعيّد ويبارك ، والكل فرحانين ، أنه ببساطة كلنا إخوة في

الإنسانية ، أما الآن فأول سؤال يسألك المتعصب ما أسمك ؟ ومن أين أنت ؟ وما هو دينك ؟ وهذا

حرام وهذا حلال ، وبعض الفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان ، غير معقولة وغير منطقية لا يقبلها

العقل السليم .

وفي الدول المتقدمة والناس المتحضرين لا يسألوك مثل هذه الأسئلة ، ويعتبرون هكذا سلوك

مستهجناً وغير حضاري وغير ضروري ، وهو كمن يتدخل فيما لا يعنيه .

قلت له :اصبت يا اخي الكريم : مما يؤسف له ، إن الوافدين من دول العالم الثالث ومن الشرق

الأوسط خاصة ، يجلبون معهم كل المفاهيم القبلية والعنصرية المتخلفة ، وتراهم ينتقدون البلدان

التي آوتهم وقدمت لهم ما لم يتوفر لهم في بلدانهم ، ومنها الحرية والمساواة وإحترام آدميتهم ولا

تمييز بين الناس ما داموا يحترمون القانون ، فالقانون فوق الجميع ولا إستثناء ، والأولى بهم أن

يعودوا أدراجهم إلى أوطانهم الأصلية ويكفوا عن التذمّر والإنتقادات الجارحة ، وإلا فالإلتزام

وإحترام قوانين الوطن الجديد ملزمة ، وقد يأتي اليوم التي تقرر الأوطان الجديدة طردهم ، خصوصاً

عندما يحاولوا تطبيق قوانينهم وعاداتهم وتخلفهم على الأوطان الجديدة .

بقلم – منصور سناطي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here