ألآليات القانونية لحماية حقوق ألإنسان

ألآليات القانونية لحماية حقوق ألإنسان
الرقابة بمختلف أنواعها من أجل قيام دولة الحق والقانون، من الرقابة السياسية الرسمية إلى الرقابة الشعبية الرسمية، والرقابة الإدارية والاقتصادية، وعلى هذا الأساس تبدأ الرقابة من القمة الهرمية الرسمية لمؤسسات الدولة من خلال الرقابة على دستورية القوانين،والرقابة على ممارسات السلطات وضمان عدم خروجها عن النصوص الدستورية وإخضاع جميع ممارساتها للرقابة الدستورية والشعبية ومن هذه السلطات نجد السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، فهذه الأخيرة تعتبر هي المعبر الرئيسي في النظم الديمقراطية عن صوت الشعب فهي مرآة كل تفضيلاته، ورغباته، كما تعكس السلطة التشريعية تقاليد وأعراف الشعب وليس الرغبات والتفضيلات فقط ،ومن ثمة وجب أن لاتخرج تشريعات هذه السلطة عن تلك الأعراف والتقاليد، ولا يمكن أن تشرّع هذه السلطة تشريعات وقوانين تحد من حقوق وحريات الأفراد بل العكس من ذلك. ولن تسود سيادة القانون داخل المجتمعات لو لم تحظ حقوق الإنسان بالحماية، والعكس صحيح؛ فلا يمكن حماية حقوق الإنسان في المجتمعات بدون أن تكون سيادة القانون قوية. وسيادة القانون هي آلية تفعيل حقوق الإنسان، وتحولها من مجرد مبدأ إلى حقيقة واقعة.
حقوق الإنسان قضية مثيرة للجدل ولا يكفي للنص التشريعي ضمن المواثيق والدساتير ووضع آليات حماية وضمانات لا يكفي لصون حقوق الأفراد، فبالرغم من التكامل النظري للآليات مابين المحلية،الإقليمية، والدولية، غير أن نقل هذه الآليات ،والضمانات، من المستوى التجريدي إلى المستوى الواقعي لتجسيدها فعليا مسار يشوبه الكثير من الأخطار والتهديدات،حيث تتميز آليات الحماية بالانتقائية في العمل، وازدواجية المعايير، وتسييس نشاطاتها،مما جعلها محل استنكار واستهجان الكثير من الدول خصوصا في العالم الثالث بعد أن أصبحت تلك الآليات وسائل تغلغل في يد الدول الكبرى تتخذ من تقاريرها مطية وذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول،وهكذا ضعفت مصداقية هذه الآليات، وقلت قدرتها على الاستجابة الفعلية والحازمة والسريعة للانتهاكات والتحديات الفعلية التي يعرفها موضوع حقوق الإنسان، وفقدت بذلك الكثير من التزام وتعاون بقية الهيآت الإقليمية والمحلية، نتيجة الآثار السلبية التي باتت تترتب على عمل هذه الهيآت، فالكثير من تقاريرها وتوصياتها أصبحت محل شبهة، ويكتنفها الغموض واللبس قبل صدورها أصلاً.
وسيادة حكم القانون هو أن يكون جميع الاشخاص و المؤسسات الخاصة منها و العامة، بما فيها الدولة يخضعون للقانون المستقل بشكل متساوي. وهذه القوانين يشترط فيها ان تكون منسجمة مع مبادئ و أنماط و معايير العدالة، فيضٌمن معها سمو القانون، المساواة امام القانون، المحاسبة، النزاهة في تطبيق القانون، الفصل بين السلطات، المشاركة في صنع القرار، وحدة روح القانون، الشفافية و تجنب التعسف، و الوصول للعدالة مع التجانس بين كل القوانين. هذه القيم و المبادئ تكاد تكون معدومة فى نظامنا العدلي و القانوني، و بسبب هذه التجاوزات الماثلة تزحزحت ثقة المواطنين بالنظام القضائي القائم. خاصة بعد تنامى ظاهرة الافلات من العقاب و تداخل السلطات و الاختصاصات و تعارض القوانين. وفى مثل هذه الظروف ليس غريباً ان يستشرى الفساد فى كل مفاصل الدولة، و تُكسّح آليات محاربته، بل يتدخل أصحاب النفوذ للتستر على بعض المجرمين او تعويق و عرقلة سير العدالة.
حقوق الانسان هى مجموعة الحقوق والحريات المقررة والمحمية بمقتضى المواثيق الدولية والإقليمية لكل إنسان و في كل زمان ومكان منذ لحظة الإقرار بوجوده بوصفه كائناً حياً وحتى مابعد وفاته، والتى تلتزم الدول بإقرارها وضمانها وحمايتها على أراضيها والمترتب على إنتهاكها او الإخلال بها المسؤلية الدولية للدولة الحاصل على أرضها هذا الإنتهاك بمقتضى المواثيق الدولية المعنية والمنظمة لها امام الآليات الدولية والإقليمية المنشأة لهذا الغرض والمسؤلية الجنائية الشخصية لمرتكب هذا الإنتهاك، وضمان تعويض المجني عليه.
في حالة كون الإنتهاك يعد جريمة وفقاً للمواثيق الدولية والتى توفر كذلك للفرد ضحية هذا الإنتهاك صفة الشخصية الدولية بمنحه الحق في مخاصمة الدول وفق الآليات الدولية والإقليمية المنشأة لهذا الغرض لتصحيح ما لدى الدول الأعضاء من مخالفات وتعويض المجني عليه عنها.
لقد كانت المبادرة الأولى سنة 1970 حين قدمت جمعية حقوق الإنسان بالعراق اقتراحا بالعمل على إصدار إعلان عربي لحقوق الإنسان تمهيدا لاتفاقية عربية ومحكمة عدل عربية. وبناءًا على ذلك الاقتراح تشكلت لجنة خبراء قامت بتحضير الإعلان الذي صدر في العام التالي باسم “إعلان حقوق المواطن في الدول والبلاد العربية”، وجاء ذلك الإعلان مكونا من ديباجة و31 مادة .وجاءت المبادرة بإنشاء هذا المشروع عن اتحاد الحقوقيين العرب الذي عقد ندوة في بغداد عام 1979 حول حقوق الإنسان في الوطن العربي، بحيث وضعت تلك الندوة مشروع اتفاقية عربية لحقوق الإنسان وعدة قرارات تدعو فيها الجامعة العربية لتنشيط لجنتها، وقد كانت هذه المبادرة الدافع الحقيقي لجامعة الدول العربية حيث ما لبثت أن كلفت مجموعةً من الخبراء العرب بوضع ميثاق عربي لحقوق الإنسان، وفي 31 مارس 1983 ، أعلنت الجامعة عن مشروع ذلك الميثاق وعن إحالته إلى الدول العربية لتعطي رأيها فيه.
وقد أوكل الدستور العراقى للجنة القيام بمهام لجنة حقوق الإنسان التى قررها الدستور لحين إنشائها وتشمل هذه المهام: تعزيز الوعى الفردى بأهمية حقوق الإنسان فى العراق، ومراجعة القوانين والأعراف الموجودة حالياً، ومساعدة الحكومة فى اتخاذ الخطوات المناسبة من أجل حماية حقوق الإنسان فى العراق، والعمل على تعزيز وضمان وجود توازن بين التشريعات والأنظمة والأعراف الدولية وبين الوسائل المستخدمة فى تطبيق حقوق الإنسان فى العالم، والتحقيق فى الشكاوى التى يتقدم بها الأفراد، وكذلك التحقيق فى أى مخالفة فيها انتهاك لحقوق الإنسان، كما تقوم اللجنة، إذا اقتضى الأمر بتحويل المشتكى عليه إلى المحكمة أو إلى أى جهة إدارية مناسبة، كما تقوم بزيارة المؤسسات التابعة للدولة للتأكد من مراعاتها لمبادئ حقوق الإنسان، والعمل على نشر وتوزيع الأبحاث والأنشطة التعليمية فى المدارس ومن خلال وسائل الإعلام والتقارير والرأى العام. وتتفاوت أهمية الدور الذى تلعبه اللجان البرلمانية لحقوق الإنسان اتصالا بالدور الرقابى والتشريعى الذى تلعبه البرلمانات ذاتها، فحيثما يهيمن فريق سياسي واحد على البرلمان تزداد هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية وتضمحل قدرة البرلمان على الرقابة والتشريع وبينها لجنة حقوق الإنسان، وحيثما تزداد التعددية فى البرلمان ونسبة المعارضة تزداد قدرة البرلمان على الرقابة والتشريع، وتزدهر اللجان البرلمانية ومن بينها لجنة حقوق الإنسان.
لكن شهدت التسعينيات من القرن الماضى، والعقد الحالى تطوراً بالغ الأهمية فى دور الإعلام كآلية للنهوض بحقوق الإنسان، بفضل بروز دور الفضائيات وزيادة مؤسسات الإعلام الجماهيرى المستقلة من إذاعات وتليفزيونات وصحف مستقلة وخاصة، وانتشار الإعلام الإلكترونى والمدونيين والتطور الكبير فى النظام الاتصالى، فضلا عن موقف بعض الحكومات من التفاعل مع قضايا حقوق الإنسان وإضطرارها إلى مجاراة الواقع بعد أن تحللت قدرتها على مواجهته. حتى خلال حصول الحوادث الاجرامية كالحروب على جميع المستويات الداخلية ام الخارجية فالحماية مطلوبة ولها ادوات شرعت ليس فقط من قبل الانظمة القائمة بل وخاصة القانون الدولي او النصوص الدولية مثل اتفاقيات الامم المتحدة بينها اتفاقيات جنيف لسنة 1949 التي تنص على حماية الضحايا خلال الحروب سواء كان العسكريين او الجرحى و المدنيين او الاسرى والممتلكات فالحماية مطلوبة. لكن عدم معاقبة المنفذين لهذه الجرائم تؤدي الى ازديادها وتفاقمها. رأينا من خلال وسائل الاعلام المرئية كيف كان يذبح البشر من الآيزيد يين والمسيحيين والشيعة والسنة من قبل داعش في العراق وسوريا.
وما هي اتفاقيات جنيف والمعاهدات الدولية الأساسية في مجال القانون الدولي الإنساني الا وسائل قانونية على المستوى الدولي. أنها تحدد قواعد حماية الأشخاص في حالات النزاع ألمسلح بما في ذلك الجنود من إجراءات معينة والجرحى وأسرى ألحرب ولكن أيضا المدنيين وممتلكاتهم بالاستعانة بوسائل الوقاية والعلاج كآليات الامم المتحدة المتمثلة في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالإضافة الى الصليب الاحمر وغيرها من المؤسسات ذات صلة. ان اتفاقية جنيف الأولى تعود الى العام 1864. مع ذلك لقد تم كتابة النصوص المعمول بها اليوم بعد الحرب العالمية الثانية. سبعة نصوص جاري العمل بها في الوقت ألراهن. اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة في 12 آب 1949، وتم التصديق على البروتوكولين الاضافيين المؤرخ 8 حزيران 1977، والبروتوكول الإضافي الثالث لعام 2005. واتفاقيات جنيف الأربع هي على المستوى ألعالم وهذا ما يعني أن كل دول العالم توافق على الامتثال لها. هنا التدخل الدولي اثبت شرعيته في اكثر من بقعة في العالم. نعم التدخل الدولي أصبح لابد منه بغية انقاذ الابرياء ليس في اوضاع الحرب فقط بل وأيضا خلال البناء الجديد لما بعد الحروب. ومثل العراق بهذا الصدد واضح جدا , سوف لا يمكن للعراقيين النجاح في بناء سليم مع كل الموارد و الغنى النفطي والزراعي والصناعي والسياحي والبشري خاصة. لأن القرار يقع في ايادي محدودة صنعت لنفسها مكانة وحصانة خاصة وعلى حساب الشعب وثرواته وحياته.

د. ماجد احمد الزاملي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here