تركيا تستعد لهجوم بري واسع.. وشركاتها تسرق 450 طن خشب من غابات كردستان يومياً

بغداد/ تميم الحسن

تنوي تركيا توسيع انتشار قواتها في شمالي البلاد مع حملة منظمة لتجريف الغابات واحراق عدة كيلومترات من المزارع قرب دهوك. ويتوقع ان تقوم انقرة بشن عملية هي الاوسع منذ الحملات العسكرية التي اطلقتها العام الماضي لملاحقة حزب العمال الكردستاني “pkk”.

وتحتل تركيا عشرات الكيلومترات في عمق الاراضي العراقية، وتضع العشرات من الثكنات والنقاط العسكرية داخل اقليم كردستان ايضا.

واستنكرت الحكومتان الاتحادية والاقليم اعمال قطع الاشجار التي تقوم بها انقرة داخل الاراضي العراقية، ووصفت تلك الاعمال بـ”غير المسؤولة والعدائية وغير الحضارية”.

مصدر مطلع في كردستان يرجح في حديث مع (المدى) ان عمليات تجريف الغابات وراءها “توسيع لحجم القوات المنتشرة والقواعد العسكرية في شمالي البلاد للاعداد لعملية عسكرية كبيرة”. ومنذ عدة أسابيع تستمر المواجهات العسكرية بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، في منطقة كيستا قرب دهوك.

ويقوم الجيش التركي بقصف المنطقة بكثافة، حيث شبت حرائق في بساتين وحقول المنطقة الواقعة خلف قرية كليي قومريي، وجلكي، لتصل ألسنة اللهب إلى قلب قرية جلكي القديمة. ويبلغ تعداد القوات التركية المتواجدة داخل الاراضي العراقية 3 آلاف عسكري، وهو رقم قابل للزيادة مع احتمالية شن عمليات برية واسعة. وبدأت العملية العسكرية التي أطلقت عليها تركيا اسم “مخلب البرق – الصاعقة” يوم الجمعة (23 نيسان 2021) الماضي بحجة تواجد مقاتلي حزب العمال. واستهدفت انقرة مناطق متين وآفاشين وزاب، وتمكنت القوات التركية من السيطرة على نقاط ستراتيجية في جبل كيستة والمرتفعات المطلة على قرية هرور وعلى قرية دشيش، التي تستقر فيها قوات حرس الحدود الاتحادية.

أشجار كردستان

بالمقابل استنكر وزير الزراعة محمد كريم، ووزيرة الزراعة في إقليم كردستان بيكرد طالباني، في بيان مشترك، اعمال قطع الاشجار وتجريف الغابات التي تقوم بها قوات انقرة في المناطق الحدودية مع تركيا.

واوضح البيان أن مجموعة من الشركات التركية وبمساعدة من القوات التركية، قامت بقطع أشجار الغابات الطبيعية في مناطق بادينان في الإقليم، ونقل تلك الأشجار المقطوعة إلى داخل تركيا والتجارة بها. وبحسب المصادر ان تلك الشركات تنقل يوميا مايقارب “450 طنا من الاشجار” الى داخل الاراضي التركية.

ووصف البيان المشترك تلك الأعمال بغير الحضارية، والعدائية التي تؤذي البيئة العراقية وبيئة إقليم كردستان. كذلك دعا البيان الحكومة التركية إلى وقف تلك الأعمال، مناشداً منظمة الأمم المتحدة وممثلي الدول والمنظمات الدولية، “بالتعاون لإيجاد الحلول لهذه الأعمال غير المسؤولة واللاإنسانية ضد البيئة ومحاولة إنهائها بصورة تامة”. وبحسب المصادر ان القوات التركية دخلت الى العراق بعمق يتراوح بين “25 الى 30 كم”، وسيطرت على مناطق بعرض 50 كم. كما دمرت الحرائق نحو 2 كم مربع من الغابات والمزارع، فيما وضعت انقرة 40 نقطة وثكنة عسكرية داخل الاراضي العراقية.

حملة برية واسعة

وتتوقع المصادر ان “تركيا تحضر لهجوم وشيك على جبل قنديل” بعد عدة عمليات غير ناجحة واجهت فيها انقرة مقاومة شديدة من الـ”pkk”. وفي نيسان الماضي أعلن الجيش التركي أنه أطلق عمليتين عسكريتين في شمالي العراق، وأنه شن خلالهما هجوما بريا وجويا واسعا على قواعد المسلحين.

وتوغلت تركيا عدة كيلومترات داخل الاراضي العراقية في الايام الاولى من المعارك، حيث الهجوم البري الاخير هو نسخة ثانية لمعركة لم تنجح نفذت قبل 3 اشهر، كان من المخطط لها ان تستمر نحو قضاء سنجار وهو اهم معاقل الـ”pkk” في البلاد.

والهجوم الاخير هو بديل عن المعركة الفاشلة التي شنت في شباط الماضي وانتهت بسبب مقتل 12 جنديا تركيا وتوجيه اللوم للجيش والرئيس التركي رجب طيب أردوغان “لسوء التخطيط والتنفيذ، في شمالي العراق”.

وفقد الجيش التركي في بداية المعارك الاتصال بمجموعة من القوات الخاصة التركية مؤلفة من 9 جنود أنزلتهم مروحية في منطقة زاب الواقعة على الحدود التركية مع إقليم كردستان، ولم يعثر عليهم حتى الآن.

وكانت وزارة الدفاع التركية قد اعلنت حينها عن مقتل جندي تركي، متأثرا بجروح أصيب بها في شمالي العراق. وأطلقت تركيا عمليتي “مخلب البرق” و”الصاعقة”، ضد منظمة العمال الكردستاني في مناطق “متينا” و”أفشين-باسيان” شمالي العراق. وأعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار وقتذاك، أن 6 عسكريين أتراك، قتلوا خلال العمليات الجارية في شمالي العراق.

ولفت إلى أن قواته تمكنت من تحييد 31 مسلحا من منظمة العمال الكردستاني، وضرب 1132 هدفا بالمدفعية، إلى جانب 120 هدفا من خلال غارات جوية.

وأكد أكار أن بلاده عازمة على مواصلة مكافحة “الإرهاب” في شمالي العراق “حتى القضاء على آخر إرهابي”.

وسبق ان أخطرت انقرة، بغداد في اواخر العام الماضي، بانها “ستقوم بنفسها” خلال الشهرين المقبلين –في اقصى حد- بالقضاء على عناصر حزب العمال الكردستاني، اذا لم تستطع الحكومة العراقية طرد المسلحين وخاصة من قضاء سنجار.

ولم ينته شهر واحد من الشهرين المفترضين، حتى شنت انقرة هجوما ثالثا خلال اقل من عام لملاحقة حزب العمال المعارض لتركيا داخل الاراضي العراقية، كما اعلنت انقرة اعتقال قيادي كبير في حزب العمال من داخل سنجار.

بقاء لفترة طويلة

ويقدر وجود 4 آلاف مسلح تابع لـ pkk في مناطق كردستان، وسنجار، وهي اكثر المناطق التي تقلق انقرة. ويدير الحزب المعارض لتركيا السلطة في سنجار منذ اكثر من عامين، فيما ابرمت حكومتا بغداد واربيل العام الماضي، اتفاقية لإخلاء المدينة من المسلحين ومنهم حزب العمال. في غضون ذلك يقول هريم كريم، عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان ان “اكثر من 500 قرية في كردستان تعيش اوضاع الحرب بسبب العمليات التركية”.

وقدرت منظمات معنية بحقوق الانسان اخلاء نحو 50 قرية على الاقل في مناطق دهوك من سكانها بسبب التدخل التركي.

وانتقد كريم في اتصال مع (المدى) البيانات الحكومية العراقية، معتبرا ان “ذلك الاجراء هو ضعيف جدا لما تقوم به تركيا من تدمير للاقتصاد العراقي وللبيئة”.

وتوقع النائب ان تركيا “تخطط لبقاء طويل الامد في العراق”، مضيفا ان “تدخلات انقرة العسكرية في الدول المجاورة عبر التاريخ اثبتت بان عودة قواتها امر صعب للغاية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here