بعد قضية «طريد السيستاني».. جدل الانتماء للحشد الشعبي يعود إلى الواجهة ومطالبات بـ «الحل»

عاد جدل الانتماء إلى مؤسسة الحشد الشعبي الرسمية إلى الواجهة، بعد قضية اعتقال القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح، و«العراضة» التي نظمتها مجموعات مسلحة تنضوي ضمن الهيئة في العاصمة بغداد، فيما برزت مطالبات أبعد من ذلك بـ «حل» الحشد الشعبي.

وشهدت العاصمة بغداد، انتشاراً للدبابات في المنطقة الخضراء، على خلفية اعتقال مصلح الملقب بـ «طريد السيستاني»، حيث شوهد رئيس أركان الحشد الشعبي عبد العزيز المحمداوي، وهو يحتفل مع المقاتلين المتجمهرين أمام مقر رئاسة الحشد في المنطقة الخضراء، ويلتقط الصور معهم وسط هتافات حماسية.

قوة الميلشيات لا تخيفنا

ونفى وزير الدفاع العراقي جمعة عناد، السبت، إطلاق سراح مصلح، ضمن تصريحات لوح فيها باستخدام القوة ضد فصائل الحشد الشعبي.

وقلل عناد، في تصريحات له، من قوة فصائل الحشد الشعبي التي ظهرت في شوارع بغداد مقارنة بالقوات النظامية، وتساءل: «كيف لـ40 آلية غير مدرعة تحمل مجاميع من الأفراد، أن تقف أمام جيش يمتلك من القدرات ما يؤهله لمحاربة دولة؟».

وقال الوزير العراقي: «نحن نرفض استخدام ثقافة لي الأذرع، خاصة وأن الفصائل المسلحة لا تستطيع إخافة دولة أو جيش».

وأضاف أن «قدرات الدولة حالياً تفوق قدرة النظام السابق في تسعينيات القرن الماضي»، لافتاً إلى أن القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، رئيس الحكومة، يشدد دائماً على ضرورة الاحتواء، وعدم إراقة الدماء، لكن البعض يفسر سكوت الدولة خوفاً، إلا أن تغليب مصلحة البلد هي الأولى».

وأضاف أن «هذا التوتر يصبح خطيراً في حالة حدوث قتال ما بين القوات المسلحة التابعة للدولة والحشد الشعبي التابع للدولة أيضاً، فالبلد لا يحتمل المزيد من الشهداء والجرحى»، داعياً إلى «عدم تكرار ما جرى مرة أخرى».

الحكومة تدرس عدة سيناريوهات

وأجمعت مصادر عسكرية وبرلمانية عراقية على أن الحكومة العراقية تتدارس حاليا سيناريوهات الرد على المظاهر المسلحة في حال تكرار حدوثها داخل بغداد.

ويحاول الكاظمي استثمار الزخم الإيجابي الداعم لبسط سلطة الدولة ولجم سلاح الميليشيات الإيرانية المنفلتة، على خلفية اعتقال القيادي البارز في الحشد الشعبي قاسم مصلح لتورطه في جرائم إرهابية وجنائية.

وفشلت، حتى الآن، ضغوط حلفاء إيران على الكاظمي لإطلاق سراح مصلح المتهم بقيادة جماعات اغتيال بحق نشطاء يعارضون هيمنة إيران على قرار الدولة العراقية.

وبدت السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية متحدة في العراق بعد اعتقال مصلح، حيث عبرت جميعاً عن مواقف واضحة تؤكد ضرورة بسط سلطة الدولة والقانون ولجم السلاح المنفلت.

ويلفت مراقبون إلى أن قيادة الحشد الشعبي لم تنزلق إلى موقع التحدي، وهو ما سيشجع حكومة الكاظمي على المضي في إجراءات التحقيق مع مصلح وفسح المجال أمام القضاء للقيام بواجبه على أكمل وجه.

الباحث في الشأن السياسي العراقي، محمد الشمري، أكد أن «الوقت مناسب في الوقت الراهن لاتخاذ خطوات جادة نحو الحشد الشعبي، سواء عبر تفكيك مجموعاته، أو إعادة ترتيب أوضاعه، بسبب التوجه الإقليمي والأوضاع الداخلية المحلية وضغط الاحتجاجات الشعبية، فضلاً عن وجود رئيس حكومة غير متصالح مع تلك الجماعات، التي باتت تفرض أجندتها على الدولة بشكل عام».

وأضاف الشمري في تصريح لـ (باسنيوز)، أن «الجيل الشبابي الجديد مُدركٌ أكثرَ من سابقه، وأبدى التزامه بمفهوم الدولة رغم أن مؤسساتها قد ساهمت بقتله، فبعد كل هذا القمع، تجد الشباب يُطالب بمحاسبة قتلة المتظاهرين وفق سلطة القانون حصراً، وإنهاء الإفلات من العقاب، ويدعو إلى عدم التعدي على قوات الأمن وإن تعدّت تلك القوات عليه».

دور مبالغ فيه

وتابع الشمري، أن «الاندماج والاختلاط بين طوائف ومذاهب وقوميّات العراق واختلاط دمائهم جميعاً أثناء التظاهر ومواجهة الجماعات الإرهابية، ساهم بنوعٍ من تنازل الجميع عن هويّاته الفرعيّة صوب مصلحة هويّةٍ عراقيّة جامعة، يكون الكل جزءً من الكل فيها، وهو ما يشجع نحو اعتماد خطاب وطني، يرفض وجود الجماعات المسلحة».

ويقول مراقبون للشأن العراقي، إن دور الحشد في قتال داعش «كبير»، لكن أن تتم المبالغة فيه عبر وسائل إعلام الفصائل المسلحة بشكل مستمر يغيظ ضباط القوات المسلحة ويبخسهم حقهم، وهو ما يؤكد أن ما قاله وزير الدفاع علناً يقال سراً بشكل يومي من قبل الضباط والجنود في الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب.

وبحسب توقعات محللين، فإن صفحة الحشد الشعبي ستنتهي عبر دمجه، أو تشذيبه، ليخضع للأوامر، مرة بسبب طرحه كورقة في مفاوضات الغرب مع إيران أو مفاوضات إيران مع السعودية، ومرة بفعل ضغط حكومة الكاظمي على إيران من أجل إخضاع الفصائل المسلحة لقانون الحشد الشعبي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here