موسم خلع اللثام
في رواية الكاتب ( غارسيا ماركيز ) و التي بعنوان ( قصة موت معلن ) و التي تتشابه احداثها مع ( قصتنا ) حيث ان جميع سكان القرية يعلمون ان شخصآ بعينه سوف يقتل و هم يعرفون القاتل و المقتول الا القتيل هو الوحيد الذي لا يعرف انه المستهدف و كذلك كان الأمر مع الضحايا من الحراك الجماهيري التشريني فالجميع الحكومة و الأحزاب و المتظاهرين كلهم يعرفون القتلة و حتى الضحايا يعرفون انهم مستهدفون و سوف يلاقون مصيرهم و نهايتهم بعكس بطل رواية ( ماركيز ) و اذا كانت الأحزاب الأسلامية و ميليشياتها تتستر على القتلة و الجناة و تسميهم بالطرف الثالث المجهول الهوية تارة و اخرى ترمي بالتهمة على السفارات الأجنبية في محاولة بائسة و يائسة في ذر الرماد في العيون و نفث الدخان بكثافة و حجب الرؤية .
طالما نادت جموع المتظاهرين و أشرت على القاتل بشكل واضح و صريح على ميليشيات الأحزاب الأسلامية و منها ينطلق القتلة و المجرمين و الذين كانوا في حماية ( رئيس الوزراء ) المقال ( عادل عبد المهدي ) الذي كان شريكآ في جرائم أغتيال الناشطين السلميين في الساحات و الميادين او على الأقل متسترآ على القتلة و المجرمين و هرب دون ملاحقة او مساءلة قانونية كأقرانه من رؤساء الوزارات الأسلاميين ممن تسببوا بكوارث و نكبات مثل سقوط محافظة ( نينوى ) و احتلال ثلث العراق و مازالوا طليقين و يطمحون و بوقاحة قل مثيلها الى الترشح و تشكيل الوزارة القادمة و هؤلاء هم المسؤولين عن الدماء التي اهرقت سواء كانت من الجيش و صنوف القوات المسلحة الأخرى في التصدي و تحرير الأراضي من ( داعش ) او تلك التي أريقت في ساحات التظاهر و الأعتصام .
رأس الخيط كان اعتقال القيادي في ( الحشد الشعبي ) المتهم بأغتيال الناشطين في محافظة ( كربلاء ) و قد يكون هو متورطآ في قضايا اغتيال اخرى و كذلك فأن زملائه من ( قادة ) فصائل الحشد الآخرين هم ايضآ في خانة الأتهام و الشبهة في عمليات الخطف و القتل و الأغتيال التي طالت المنتفضين و المعتصمين لذلك ثارت ثائرة ( قادة ) تلك الفصائل و انطلقت التهديدات و بدأت الأستعراضات العسكرية و ابراز العضلات ليس فقط دفاعآ عن زميلهم المعتقل انما خوفآ على انفسهم من كرة الثلج المتدحرجة و التي سوف تجرف كل من كان في طريقها .
استشعار بعض قادة ( الحشد الشعبي ) من الخطر الذي بدأ يحيق بهم كان وراء تلك الأستعراضات و التهديدات التي طالت رئيس الوزراء و الطاقم الحكومي و المنطقة الخضراء و استذكارآ لمقولة ( اكلت يوم اكل الثور الأبيض ) كان ذلك الدفاع المستميت و غير المفهوم عن شخص توجه له تهمة القتل ( متهم ) و ليس ( مدان ) لكن زملائه من ( القادة ) هبوا لنجدة انفسهم اولآ و لم يتركوا القضاء يبت في أمر هذا المتهم براءة او ادانة و كأنهم يخفون أمرآ جللآ وفقآ للمثل الشعبي العراقي و الذي يبقى الناس يرددونه ( اللي تحت ابطه عنز يمعمع ) .
الطرف الثالث و كما كان معروفآ للجميع هم بعض ( قادة ) فصائل الحشد الشعبي و لكن دون أدلة او اثبات و ما ساعد في طمس الأدلة و الأثباتات هو تواطئ الأجهزة الأمنية المخترقة مع عناصر الميليشيات و افساح المجال امامهم في الدخول الى ساحات التظاهر و قتل الناشطين او في عمليات الأغتيال التي شملت حتى الأعلاميين المحايدين كذلك و كما حدث في محافظة ( البصرة ) حين هرب المجرمون بعد انكشاف جرائمهم و هوياتهم و شخصياتهم الى ( ايران ) و بأمكان الحكومة العراقية ان كانت تتحلى بالشجاعة و الحكمة و الجدية الطلب من الحكومة الأيرانية تسليم هؤلاء المجرمين الجنائيين الى العدالة كي يتمكن القضاء العراقي من محاكمتهم و أنزال الحكم العادل بحقهم .
الطرف الثالث القاتل يميط اللثام عن و جهه الكالح الشرير و تبدأ تلك السلسلة من المجرمين بالتهاوي و السقوط المتتالي بعد ان اوغلوا في الدم الحرام و ما هروب اعضاء بارزين في ( فرقة موت البصرة ) الى ايران و القبض على آخرين و أحالة ( قائد ) بارز في الحشد الشعبي الى التحقيق و هكذا و كما بشرت كل الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء و كل مؤلفات الفلاسفة و الحكماء و هي تتوعد الظالم بيوم سوف يكون أشد و أقسى و هذا هو لسان حال المسلمين المؤمنين ( و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) و الذي يتشدق هؤلاء القتلة المجرمين بالأنتساب الى الأسلام و الألتزام بتعاليمه .
التمرد العسكري الذي شهدته العاصمة ( بغداد ) عند قيام فصيل او عدة فصائل من قوات الحشد الشعبي و التي هي تحت ( أمرة ) القائد العام للقوات المسلحة بالأستعراض التهديدي و تطويق المنطقة الخضراء ( الدولية ) و محاولة أقتحامها و هذا يعتبر و في كل القوانين العسكرية هو تمرد على القيادة العسكرية و عصيان الأوامر و التعليمات و كذلك فأن قيام فصائل من الحشد الشعبي بتلك التحركات المريبة انما هو انقلاب عسكري كاد ان يطيح بالحكومة و الدولة و من واجب رئيس الوزراء و من صميم وظيفته هو الحفاظ على أمن المواطن و سلامة الدولة و المحافظة على النظام العام و التصدي لأي قوة تعتدي على تلك الثوابت و بالتالي فأن تلك الفصائل قد فقدت شرعيتها و اصبحت تحت عنوان قوات متمردة تنوي القيام بأنقلاب عسكري و يجب التعامل معها على هذا الأساس في التصدي الحازم و الشجاع و ان لم تنفع المبادرات السلمية في نزع اسلحتها و محاكمة عناصرها المتمردة فأن اللجؤ الى القوة المسلحة و حسم الأمر و ليكن ( ان آخر العلاج الكي ) .
حيدر الصراف
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط