جرائم غسل العار .. أغلب ضحاياها نساء بريئات قتلن نتيجة الشكوك

بغداد/ سارة البياتي

“قتلت مظلومة” تلك كانت صرخات اخت الضحية، “قتلها زوجها وضرتها”. “الزوجة الثانية كانت تكره اختي ذات السبعة وعشرين ربيعا وتحقد عليها”، تروي لنا اخت المجني عليها تفاصيل قتل اختها بذريعة الخيانة الزوجية وغسل العار المزعوم في المجتمعات العشائرية.

وتقول إن “اختي تزوجت قبل سبع سنوات من ابن عمي القاتل زوجها، وهي ام لثلاثة أطفال بعمر الزهور وفي يوم قرر زوجها ان يتزوج عليها رغما عنها فتزوج وبعد فترة بدأت رحلة العذاب والموت لأختي”.

وتابعت بالقول: “حيث كان يزورهم ابن عمي الآخر وصديق زوجها منذ الطفولة والذي كان يسكن في الحي نفسه ويجلس مع جميع افراد العائلة في غرفة الضيوف فقامت الزوجة الثانية بتسجيل فيديو لهم وهو يتحدث مع اختي بكلام عادي وافهمت زوجها بانها تخونه مع ابن عمه فما كان من زوجها الا ان قام بضربها بعنف وطردها من البيت الى بيت أهلها”. وتضيف اخت الزوجة “بعد عام من هذه الحادثة بدأ الزوج بالتواصل معي بذريعة اننه نادم واحبها ومشتاق لها ويريد ان يعيدها للبيت وتم التواصل بينهما عبر الموبايل، وفي يوم من الايام طلب منها المجيء اليه دون علم أحد من اهلها وعدم جلب الاولاد معها وما كان ردها الا نعم لأنها كانت تظن انه يحبها ويريد عودتها وذهبت اليه وهي لا تعلم انه الوداع الأخير لأطفالها وأهلها”.

وتشير الى ان “زوجها قام بأخذها الى منطقة مهجورة من سهل نينوى وتحديدا قرب ناحية برطلة وقام بضربها بأبشع الطرق من ثم قتلها بالسلاح وذلك باطلاق النار على رأسها توفيت على الفور وتركها ولاذ بالفرار لجهة مجهولة وترك رسالة لأهلها (غسلت عاري الذي عجزتم عن غسله)”.

هكذا يتم قتل عشرات النساء العراقيات سنويا ومازال المجرم حرا ولا يتم عقابه قضائيا بحجة غسل العار وحماية الشرف الذي يعتبره ناشطو حقوق الانسان جرائم محمية بالقانون فالعقوبة بحسب المادة 409 من قانون العقوبات العراقي التي لا تتجاوز الثلاث سنوات لمرتكبيها جعلت هذه الظاهرة تتفشى في المجتمع دون رادع.

وفي ظاهرة ليست الاولى من نوعها أقدم الاب على قتل ابنته التي كانت تتكلم مع حبيبها عبر الهاتف في الساعة الثانية بعد منتصف الليل الذي كان يعدها بالزواج بعد تحسن ظروفه المعيشية.

قتلت (فاطمة) بأبشع طرق القتل فقد تم تعذيبها بإدخال شيش الحديد الذي يستخدم في البناء في رأسها من ثم رموا جثتها في أحد مكبات النفايات وفي الصباح وجدت القوات الامنية جثة الفتاة واخذوها للطب العدلي ليتبين ان الفتاة ما زالت باكر، وبعد تحرك الشرطة كان الاب قد هرب الى جهة مجهولة.

وتنتشر هذه الجرائم بشكل خطير في العراق ولكن لا توجد هناك إحصائيات دقيقة وموثوقة لعدد ضحايا جرائم الشرف لسببين، الاول دفع الرشوة لدوائر الطب العدلي لتزوير شهادة الوفاة، والثاني خوف شهود العيان من الاعتراف للجهات المعنية بسبب الملاحقة العشائرية التي هي اقوى من القانون.

وتقول المحامية علياء سالم ان “الكثير من المجني عليهن بريئات لكن شكوك الأهل تتسبب بوقوع جريمة القتل قبل التأكد من عذريتهن حيث تم اكتشاف الكثير من تلك الحالات من قبل الطب العدلي لكن بعد فوات الأوان”. بدورها، اشارت الدكتورة ذكاء العطار الى فرض المجتمع الكثير من المحظورات والقيود على قضايا الشرف عامة وعلى قضية غشاء البكارة خاصة، الامر الذي ادى الى انتشار الكثير من الشائعات والمعلومات الخاطئة التي ادت في الكثير من الاحيان الى ارتكاب القتل والعنف وافساد العلاقات والشكوك بسبب الجهل فقد يفض غشاء البكارة بحوادث السقوط على منطقة المهبل والرياضة المختلفة وانواع القفز العنيفة (..). ولكن هذا لا يعني القول بأن ركوب الدراجات يؤدي الى فض غشاء البكارة او فقدان العذرية حيث لغشاء البكارة انواع المطاطي فهو الاكثر صعوبة في فضه وفي الكثير من الاحيان لا يفض الا مع ولادة الطفل الاول او بالتداخل الجراحي.

وبحسب العطار، لا يمكن للفتاة معرفة نوع الغشاء الا بعد زيارة الطبيبة النسائية حيث تخبرها بنوع الغشاء.

ويرى باحثون اجتماعيون ان قلة الوعي والثقافة غالبا تأتي من العصبية القبلية بجعل الجاني يرتكب جريمة دون التفكير او الفحص الطبي قبل وقوع الجريمة.

وهذا مما جعل الكثير من الفتيات يقتلن بلا سبب وغالبا ما تستخدم الاسلحة النارية للقتل للتخلص من النساء المتهمات بالخيانة والسلاح الابيض وبعض الحالات يتم استعمال النار في حرق جسد الفتاة ثم تبلغ السلطات بانتحار الضحية حيث تتم التغطية على الجريمة واغلب الرجال الذين ارتكبوا جرائم الشرف او اشتركوا فيها هم من عوائل متشددة وملتزمة بالقوانين العشائرية.

ويأتي هذا الارتفاع الملحوظ في معدلات الجرائم بعد الانفتاح الذي حصل داخل المجتمع العراقي بعد عام ٢٠٠٣ مع دخول وسائل التواصل الاجتماعي الذي يسهل التعارف بين الجنسين واقامة العلاقات الحب والصداقة.

وبحسب الاحصائيات فإن عدد سكان العراق لعام 2020 و2021 هو ٤٠ مليونا و١٥٠ الف فيما اظهرت الاحصائية ان نسبة الاناث ٦٠% اما الذكور٤٠% وكانت نسب جرائم قتل النساء هي الأعلى.

• تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here