الـ بيك- آب المنفلتة تعود لاغتيال ضابط رفيع في المخابرات على طريقة قتل الناشطين

بغداد/ تميم الحسن

للمرة الثانية في غضون بضعة أشهر، تنفذ عملية اغتيال ضد ضباط في جهاز المخابرات في بغداد دون معلومات عن هوية الفاعلين. ووصل عدد الضباط في الاجهزة الامنية والعسكرية المختلفة الذين قتلوا منذ مطلع العام الحالي الى نحو 10 ضباط.

واعتبرت لجنة الامن في البرلمان ما يجري بانه “مؤشر خطير” للوضع الامني في العاصمة، فيما لم يستبعد ان تكون فصائل مسلحة وراء تلك الاحداث.

وتداولت صفحات ومواقع إلكترونية مقطع فيديو يظهر تعرض عجلة مدنية الى هجوم من مسلحين، بداخلها ضابط كبير في المخابرات.

وبحسب مصادر مطلعة، ان الضحية هو العقيد نبراس فرمان، وهو مسؤول رفيع في جهاز المخابرات، وتم اغتياله عن طريق عجلتين نوع “بيك اب” في منطقة البلديات شرقي بغداد.

وبحسب مقاطع الفيديو المنتشرة، ظهر تجمع المارة قرب سيارة صالون بيضاء، حيث قام المارة بحمل الجثة التي من المفترض انها تعود للضابط، ووضعها في تابوت خشبي.

واتهمت “البيك اب” في عمليات اختطاف وملاحقات سابقة طالت ناشطين في النجف وبابل، كما ظهرت في احتجاجات 25 ايار الماضية وسط بغداد.

وبحسب شهود عيان ان هذه العجلات، وهي موديلات حديثة، لا تحمل في اغلب الاحيان لوحات مرورية ولا يعرف الى اي جهة عائدة.

وأطلق ناشطون اسم الـ”بيك أب المنفلتة” في شباط الماضي، في استعارة لجملة “المليشيات المنفلتة” المتداولة بين الاوساط السياسية، على العجلة التي لاحقت متظاهرين في ذلك الوقت.

القتلة يعيشون بيننا

سعران الاعاجيبي عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان قال لـ(المدى) بان “عمليات اغتيال ضباط وسط بغداد مؤشر خطير على الوضع الامني داخل العاصمة”. وفي آذار الماضي اعلنت الاجهزة الامنية مقتل محمود ليث برتبة مقدم في المخابرات، في هجوم شنه مسلحون مجهولون في منطقة المنصور، غربي بغداد.

واضاف الاعاجيبي معلقا على الاغتيالات: “هذا يعني ان القتلة يعيشون بيننا كما كان داعش يعيش سابقا بين السكان ويقوم بعمليات التصفية بشكل مفاجئ”.

ورجح النائب ان تكون عمليات الاغتيال مرتبطة مع قرب الانتخابات المبكرة التي من المفترض ان تجرى في تشرين الاول المقبل. وتابع: “مع كل موسم انتخابات تقوم بعض الجماعات المخربة بتخويف الناخبين والمرشحين لإبعادهم عن المشاركة”.

ويوم الاحد اعترفت القيادات الامنية بشأن حادث التفجير الذي جرى الاسبوع الماضي في منطقة الكاظمية، بانه “عمل ارهابي” بعد ان قالت سابقا بانه حادث عرضي بانفجار اسطوانة غاز.

وهجوم الكاظمية الذي تبناه بعد ساعات من حدوثه تنظيم “داعش”، هو الثاني في هذا العام بعد انتحاريي ساحة الطيران في كانون الاول الماضي، الذي تبناه التنظيم ايضا.

“داعش” ليس وحده!

بالمقابل لا تملك لجنة الامن في البرلمان معلومات دقيقة عن منفذي حملات الاغتيال للضباط او حتى الناشطين.

ويقول الاعاجيبي وهو ضابط سابق برتبة عميد ان “عملية الاستفسار من القيادات الامنية تحتاج موافقة القائد العام رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لذلك لم نسمع منهم حتى الان”.

واضاف عضو لجنة الامن: “لكن بحسب اتصالاتنا مع القيادات الامنية لانستبعد وقوف داعش باغتيال الضابط، الا ان اغتيال الناشطين والمدنيين قد يرجح ايضا كفة جماعات مسلحة اخرى غير التنظيم”.

ويتهم ناشطون فصائل مسلحة تستخدم عناوين الحشد الشعبي في حملات الاغتيال التي جرت في احتجاجات تشرين والتصفيات التي نفذت في الاشهر الماضية.

وكانت عدد من الفصائل قد شنت قبل ايام من مقتل المقدم في المخابرات في حادث المنصور، هجوما غير مسبوق على الجهاز الذي كان يرأسه مصطفى الكاظمي، رئيس الحكومة الحالي.

وقال الأمين العام لمجلس عشائر العراق ثائر البياتي في تغريدة على حسابه بتويتر آذناك ان “المليشيات الولائية تتحدى الحكومة العراقية والكاظمي شخصيا بعملية الاغتيال بعد أيام من الاتهامات التي وجهتها المليشيات للحكومة بنقل 300 عنصر من جهاز المخابرات إلى المنافذ الحدودية”.

وفي آذار الماضي، زعم الأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي دخول فريق إماراتي لإدارة جهاز المخابرات العراقي.

وكتب الخزعلي في تغريدة على حسابه في تويتر: “بناء على ما نقلته مصادر موثوقة عن مجيء فريق أمني إماراتي لإدارة جهاز المخابرات العراقي، هناك أسئلة تطرح نفسها، وهي: هل وصل العراق إلى هذه الدرجة من الضعف حتى يستباح بهذه الطريقة؟”.

وأضاف: “هل نقل 300 منتسب من جهاز المخابرات إلى الجمارك الحدودية له علاقة بمجيء هذا الفريق؟، أليس أن الإمارات كلما دخلوا قرية أفسدوها مثلما فعلوا في اليمن وليبيا؟”.

وتابع الخزعلي يسأل: “ما حجم المؤامرة التي تحاك ضد العراق؟، وما أسرع خطوات تنفيذها في الفترة الأخيرة وما أجرأ منفذيها؟، ولا أعلم سبب السكوت أو التهاون إزاء هذا الموضوع، إن ما يجري ومنذ فترة أقل ما يقال عنه خطير ويهدد مستقبل الدولة”.

بالمقابل كانت قد ردت المخابرات على تصريحات الخزعلي، ولوح الجهاز آنذاك بمقاضاته قانونياً، ووصف تصريحاته بـ”السياسية التي تتجاوز كل السياقات”.

وجاء في بيان جهاز المخابرات نستغرب “لمثل تلك التصريحات التي تتجاوز كل السياقات الطبيعية للتعاطي مع حساسية الجهاز وطبيعة عمله، ناهيك عن الطعن بانتمائه الوطني (…)”.

وأعرب الجهاز عن أسفه لاضطراره الرد والتوضيح، مؤكداً “الاحتفاظ بحقه القانوني بمقاضاة كل من يحاول النيل من كرامة منتسبيه (…)”.

وأظهرت لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد السجال بين الخزعلي والمخابرات، إصابة مقدم المخابرات محمود ليث برصاصة في رأسه. واكد بيان للقوة الامنية الماسكة في المنصور أن “المجني عليه يعمل في المخابرات برتبة مقدم، وتم نقله الى مستشفى اليرموك من قبل نسيبه، حيث فارق الحياة داخل المستشفى”.

حركة الجماعات المسلحة

بدوره استبعد علي البيدر الباحث في الشأن الامني وقوف “داعش” وراء تلك الهجمات بسبب ضعف التنظيم.

وقال البيدر في حديث مع (المدى) ان “داعش الان في أوهن مراحله منذ ظهوره في 2014، وغير قادر على معرفة اسماء وعناوين الضباط في اجهزة حساسة مثل المخابرات”. واضاف البيدر ان “داعش يمكن ان يستهدف ضباطا في الجيش او الشرطة الاتحادية او مكافحة الارهاب لانهم على احتكاك مع تلك الجهات التي تقوم بعمليات عسكرية ضد التنظيم”.

وسجل في البلاد منذ بداية العام الحالي، مقتل 7 ضباط في الجيش والشرطة في هجمات متفرقة في كركوك والطارمية شمالي بغداد والشعلة غربي العاصمة، ورجح وقوف “داعش” وراء تلك الاحداث.

ولم تصرح الحكومة حتى الان بشأن العقيد فرمان، باستثناء تصريح لوزارة الداخلية نبهت فيه من حدوث تشابه مع اسم ضابط آخر تابع للوزارة التي اكدت بانه لم يتعرض لاي حادث، فيما لم تنف او تؤكد خبر اغتيال ضابط في المخابرات.

بالمقابل ادعت منصات رقمية مقربة من بعض الفصائل ان العقيد الذي تم اغتياله مسؤول عن متابعة ملفات الفساد في جهاز المخابرات، في تلميح الى ان الاستهداف قد يكون بسبب قضايا فساد في الجهاز.

ورجح علي البيدر الباحث في الشأن الامني، ان تكون هذه العمليات ضمن “اجندات سياسية” لاستهداف المخابرات.

واضاف البيدر “ربما الضحية كان مكلفا بمتابعة شبكة مخدرات او فصائل مسلحة في العراق وحين وصل الى بعض الخيوط قامت تلك الجهات بتصفيته”.

ويؤكد البيدر ان “جهاز المخابرات غير مسيس الى حد كبير، لكن بعض الدول الاقليمية قد تشن حربا ضده إذا عرقل حركة الجماعات المسلحة التابعة لها في العراق”، متوقعا تصاعد عمليات اغتيال ضد عناصر الجهاز في الفترة المقبلة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here