عدم الغاء مجلس النواب لقانون (المحاصصه السياسيه 2008/44) الذي حكم القضاء ببطلانه يضعه أمام طائلة القانون..؟

عدم الغاء مجلس النواب لقانون (المحاصصه السياسيه 2008/44) الذي حكم القضاء ببطلانه يضعه أمام طائلة القانون..؟

بقلم الدكتور جلال الزبيدي
حقوقي وأستاذ

التراجيديا العراقيه تمر بمنظومه من التحديات والتي تعمل علي تحويله بشكل ممنهج الي بقايا دوله وتطيح بمعالم الدوله الدستوريه..وللاسف كان مجلس النواب العراقي هو المحرك والمنتج لهذه التراجيديا السوداء؟ والتي وفرت بيئه تشريعيه متهرئه وفاسده.. ولن ابالغ اذا قلت ان مجلس النواب تحول الي حاضنه للفساد التشريعي. حيث بدأ يتغول بشكل يدعو للاستغراب في تكريس قيم المحاصصه السياسيه والفساد المالي والإداري وبشكل رسمي ودون حسيب ورقيب. وتمادى في اصدار قوانين(العفو العام)عن المزورين والفاسدين وسراق المال العام واعادة تجميلهم بمساحيق سياسيه لاعادة انتاجهم وزراء وسفراء ورجال دوله للنظام الجديد؟ وليس بعيدآ المحاولات المحمومه لبعض الكتل النيابيه لاصدار قانون(المال مقابل الأحكام السالبه للحريه)؟ كما قام بتكريس قانون للانتخابات وحسب مقاسات الكتل الكبيره ولن ننسى دوره سابقآ في تشويه وتحريف قانون (سانت ليغو) كي يلبي المصالح الطفيليه لاحزاب الاسلام السياسي المتنفذه.. ومن المفارقات الغريبه ان مجلس النواب العراقي لم يتمكن عقد جلسه للتضامن من الشعب الفلسطيني لغياب النصاب القانوني ولكنه بنفس الوقت عقد جلسه بكامل اعضائه عند مقتل قاسم سليماني وابو مهدي المهندس..؟ لابل هناك اكثر من150 نائب تعودوا الغياب عن اجتماعات مجلس النواب ولم نسمع محاسبتهم ولو لمره واحده حسب النظام الداخلي للمجلس لا بل هؤلاء هم السباقون في حضور الاجتماعات لمجلس النواب عندما يتعلق الامر بأمتيازاتهم وحماياتهم وتقاعدهم وجوازات سفرهم مدى الحياة؟ وهذا يجعلنا نعود ولو قليلا بالذاكره الي زمن النظام الديكتاتوري السابق حيث كان النائب حينذاك بعد انتهاء الدوره النيابيه يعود لوظيفته الاداريه السابقه بلا امتيازات وبلا جوازات سفر دبلوماسيه مدى الحياة..؟؟
ولكن علي الرغم من استهجان الراي العام العراقي لهذا السلوك الذي يتناقض مع القيم الدستوريه والاثراء علي حساب فقراء العراق وتحوله لسوق للاوراق النقديه وليس لمؤسسة تشريعية عادله.. حيث ارسى مجلس النواب في بدايات تشكليه انماط من القوانين التي تعزز الفساد القانوني وتكرس لاخلاقيات فلسفة(المغانميه) السياسيه وذلك باصدار ((قانون المحاصصه السياسيه رقم 44لسنة 2008)) والذي بدأ يؤسس لنزعة المحصصه وللفساد السياسي والمالي والاداري بالعراق..حيث وعلى ضوء هذه المسلمات التشريعيه تم اصدار قانون رفحاء سيىء الصيت وقانون الخدمه الجهاديه وقانون السجناء السياسيين وقوانين الاوقاف الطائفيه وغيره..؟
لكني هنا ساعود للحديث عن قانون المحاصصه السياسيه الذي اصدره مجلس النواب رقم 44لسنة أن هذا القانون كرس قانونيآ للمحاصصه السياسيه والطائفيه بالعراق وعمل بشكل ممنهج علي تهديم أسس الدوله المؤوسساتيه بالعراق وتلغيم دوائر الدوله واجهزتها بأنصاف المتعلمين من وزراء وسفراء ووكلاء وزارات ومدراء عامين ودرجات خاصه حيث تم توزيع هذه الوظائف علي الأحزاب الاسلاميه المتنفذه وذلك بمقدار حجمها بمجلس النواب وتغييب اعتبارات الكفاءه والنزاهة والخبره والشهاده العلميه في عمليه غزو للوظيفه العامه شكلت عبئآ على العمليه الانتاجيه وظاهره للبطاله الوظيفيه المقنعه..؟ وقانون المحاصصه السياسيه هذا يشكل حالة نادره حتى في أخلاقيات السلوك الوظيفي.. وشكل انتهاك صارخ للدستور العراقي النافذ والذي يقول في الماده 14 منه ((العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القوميه او الاصل او اللون او الدين او المذهب اوالمعتقد…))؟
حقيقة انا لا اعرف ماذا اسمي هذا قانون المحاصصه هذا فهل هو حقآ تدليس تشريعي أم انه قرصنه سياسيه او انه يجمع مابينهما..!!
كما ان قانون المحاصصه السياسيه الذي شرعه مجلس النواب يناهض أيضآ الماده 16من الدستور العراقي النافذ والتي تؤكد على(( تكافىء الفرص كونه حق مكفول لجميع العراقيين…)) لكن مجلس النواب ضرب عرض الحائط احكام الدستور العراقي وتغول في إشاعة ثقافة ورهانات المحاصصه السياسيه وبشكل َمنهج ومريب حيث قام مجلس النواب في حينه بنشر هذا القانون المشبوه رقم44لسنة2008 بجريدة الوقائع العراقيه بالعدد 4102 وبتاريخ 24/12/2008 واصبح للاسف واقعآ تشريعيآ ملزمآ وقاعده لنشر فكر وثقافة واخلاقيات الفساد والمحاصصه بالعراق حيث تقول الفقره 06 من هذا قانون المحاصصه2008/44 انه يجب((تنفيذ المتنفق عليه في مطالب القوائم والكتل السياسيه وفق استحقاقها في اجهزة الدولة لمناصب وكلاء الوزارات ورؤساء للهيئات والمؤوسسات والدرجات الخاصه. وعلى مجلس النواب المصادقه على هذه الدرجات الخاصه))؟ ان مشرعي هذا القانون للأسف يتمتعون بخزين من الغباء الدستوري يحسدون عليه..! فكان الاجدر بهم ان يطلعوا على نص الماده 61 من الدستور العراقي 2005 والتي حددت بوضوح اختصاصات وصلاحية مجلس النواب بالنسبه لشاغلي الوظائف العليا بالدوله ولا يوجد من بينها مسمى او عنوان (القوائم والكتل السياسيه)؟؟؟ وهذا الاختصاص أفتعله مجلس النواب زورآ وتزويرآ لتمرير صفقات للفساد المالي والإداري وليس له سند دستوري او قانوني وهو انتهاك صارخ وخطير لقانون الوظيفه العامه في ظل غياب مجلس الخدمه العامه.. لذلك قررت المحكمه الاتحاديه العليا قي حكمها القضائي رقم 89 لسنة2019 ببطلان الفقره 06 من هذا القانون كونه يشكل اعتداء على احكام الدستور العراقي النافذ وسابقه قانونيه خطيره تكرس للنزعه المحاصصاتيه بالعراق..وهذا الحكم القضائي بات وقطعي وذلك تأسيسآ على الماده 94 من الدستور العراقي والتي تقول(قرارات المحكمه الاتحاديه العليا باته وملزمه للسلطات كافه)..؟ الا انه من المؤسف حقآ لازال البرلمان العراقي يتمادي اكثر فاكثر في نزعة المحاصصه السياسيه ويتهرب من تطبيق حكم المحكمه الدستوريه وهذا مما يضع رئيس البرلمان وأعضاء مجلس الرئاسه تحت طائلة قانون العقوبات العراقي.لأن مخالفة أحكام المحكمه الاتحاديه العليا يعتبر جريمه دستوريه ويتم ملاحقة مجلس رئاسة مجلس النواب بدعوى انتهاك قدسية أحكام القضاء العراقي..؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here