“والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا”

“والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا”

القران الكريم يوكد بعضه بعضا وفي كل اياته يوكد حقيقة ثابتة وهي ان اي تغيير في الطبيعة البشرية يجب ان يبدأ من الانسان نفسه “ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم”. وقال تعالى ايضا “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”. هذه هي سنة الله في خلقه الى يوم القيامة فمن عمل خيرا لن يحصد سوى الخير ومن عمل شرا سيحصد لا محالة شر مثله.
شعبنا واهلنا في العراق بحاجة الى وقفة جادة للتعرف على الاسباب الحقيقية لما يعانوه من انهيار على جميع الاصعدة. لكن الاهم من كل ذلك ما هو السبيل الذي يقلب المعادلة ويغير الخط البياني الى التصاعد والتقدم والتنمية. وما هي الاوليات التي ينبغي سلوكها للفلاح والنجاح في هذا التحدي. وسط عالم تريد دوله ان يبقى العراق على ما هو عليه.
لا ينبغي ان نتغافل عن مدى الانحطاط والتخلف الذي اصاب شعبنا منذ وقت طويل. فبدا الوهن يصيبه عندما تحول الى شعب اتكالي يعتمد ويفتخر بتاريخ الاباء والاجداد والسلف الصالح من السومريين والاكدين والاشوريين والبابليين. ثم الحضارة الاسلامية حيث مدارس الكوفة والبصرة والمستنصرية. فقد خرج العلم من دار السلام عاصمة الخلافة الاسلامية بغداد في وقت كانت تعيش اوربا في الظلمات.
ان العراقيين اليوم شعب يفتخر باجداده وماضيه دون ان يفعل شي لحاضره او يخطط لمستقبله. ناسيا او متناسيا الايات القرانية القائلة “تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يفعلون”. او قوله تعالى “ولا تزر وازرة وزر اخرى”. او قوله “وان ليس للانسان الا ما سعى وان سعيه سوف يرى”. او قول الشاعر العربي: لا تقل اصلي وفصلي انما اصل الفتى ما قد عمل.
اما من الناحية الاقتصادية فمنذ نهاية ثلاثينات القرن الماضي بات شعبنا يعتمد على الثروة النفطية. ويتجه في اغلب اعماله نحو المشاريع الريعية الامنية كالجيش والشرطة والوظائف الخدمية غير الانتاجية. ويتخلى شيئا فشيئا عن المشاريع الانتاجية لا سيما الزراعية وبعض الصناعات الغذائية والتحويلية.
اليوم بعد ان تراجع العلم والمعرفة ودخلنا في الجهل والخزعبلات والتخلف في الميادين العلمية. كالجامعات والمدارس والصحية كالمستشفيات والمراكز الطبية. اضافة الى تخلف لا مثيل له في الزراعة والصناعة دون الحديث عن التخلف الحضاري كشيوع الطائفية والعنصرية مما يوجب علينا ان نعترف باننا في العراق لا نزال نسير ونطبق الشطر الثاني من الاية القرانية الكريمة والذي خبث لا يخرج الا نكدا. فلا نزال في الانهيار نحو النكد والخبث والاستئصال في مجتمعنا. ليس هناك خبث اعظم من الارتكان على الجيش الامريكي المتغطرس لاحتلال وغزو البلد من قبل الطائفيين العملاء ولا نستغرب من النكد الذي نحصده كل يوم اثر تلك الخيانة.
لا نزال ننتظر ان نبدا الخطوة الاولى في مرحلة بناء البلد الطيب الذي سيخرج نباته باذن ربه. فلبدنا لا يكون طيبا الا بشعبه. امام الشعب تحدي بنيوي شخصي يتعلق بالقيام بتغيرات جوهرية دينية واخلاقية تتعلق بتطور الذات الانانية الى الذات الاجتماعية وفق مبدا ارساه رسول الله عندما قال لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه. عندها تتغير الوسائل والاهداف والاولويات. عمل بحاجه الى فهم صحيح للدين الذي جاء رحمة للناس. فنبني هويتنا الوطنية على اسس قوية ونتخلص من هيمنة الاجانب.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here