زرع البذرة الإنسانية في النفس البشرية
جميعنا يملك نزعة إنسانية في داخلة لكن كيف نستطيع ان نحفز هذة النزعة لتخدم البشرية ونعمقها في أفكارنا لخدمة الخير حتى يطلق علينا إنسانيون، الإنسان مُحب للخير ويحتاج من يحتضن ويحفز الخير والتسامح داخلة، عندما نرى هذا الكم الهائل من الدمار والحروب الذي يذهب ضحيتها الأبرياء من النساء والاطفال تنتابك نوع من الكآبة لعدم عدالة الحياة وتنسلخ من أفكارك المحبة لكونك رأيت الجانب المرعب والمظلم من إجرام الإنسان، لكن تيقن الظلام لا يستطيع مقاومة سطوع الشمس المشرقة مهما كان عمق وسبات هذا الظلام وإن طال الزمن، لنجعل عقولنا تنموا ولتكن شمس تضيء الخير من حولنا ولننشر ثقافتنا نحو الحُب والتسامح وربطها بإنسانيتنا حتى لا تفقد بريقها، كُن إنسان في تعاملك ولا تربط إنسانيتك بدين أو معتقد أو مذهب فجميعها فشلت لتقديم صورة إنسان محُب للخير ولم تأتي سوى بحروب وهدم وإراقة الدماء، كُن إنسان لخدمة البشرية من تعليم وصناعة وزراعة وطب وفكر وأدب ومساعدة الآخرين جميعهن مرتبطات بالإنسانية، لإن الإنسانية عطاء بلا مقابل وليس حروب ودمار.
نعم اعترف احيانا ان الحياة ليست عادلة بالمرة، لكن نحن كبشر بأنسانيتنا نستطيع ان نجعلها عادلة، تكاتفنا و اتحادنا و رحمتنا على بعضنا البعض هي من تجعلنا نحول كفة الحياة من غابة مليئة بالوحوش الضارية التي يأكل بها القوي الضعيف الى جنة في الأرض، الامر ليس سهلاً بالمرة، لأن الأنا التي تعشش داخل الإنسان انانية جداً و مبدأها واضح ( انا و ما بعدي الطوفان ) فأن تمكنا من قتل هذه الأنا، اصبحنا حينها انسانيون بحق، و سنتعلم كيف نحب بعضنا البعض بعيداً عن التسميات العنصرية كالدين و العرق و الجنس و اللون و الحواجز و الحدود، سنتعلم كيف نتكاتف و عندها لن نسمع عن المجاعات و الحروب و الفقر، انها الجنة لكن لا يمكننا بلوغها حتى نعي بأننا على الرغم من اختلافاتنا فنحن كيان واحد !
عندما نذهب الى المكتبات ونقتني كتب تغذي أفكارنا الإنسانية وتضيف لنا أفكار متنورة سيغير كثير من تعاملنا بالإنسانية الى الأفضل ، و عندما نذهب اليها اكثر من الذهاب الى المول، فأعلموا ان التغيير قد حل بالبلاد و رياح الجهل قد ذهبت منا بعيداً ، نحن الان نعيش في عصر التكنولوجيا و نقتني الحديث منها و نستخدمها وهذا ليس دليلاً على التقدم (كالقرد الذي يحمل ايفون ويعرف كيف يضغط على الازرار فقط ظن منه انه دخل عصر التكنولوجيا ) اما عقولنا و الافكار التي نحملها لازالت تعيش في العصر الجاهلي، الأعتماد على كتب القدماء والأسلاف واقوالهم الذي توحي للإنتقام ذهب أوانها ولا تضيف لنا شيئاً بل بالعكس ستكون علينا كابوس يجعلنا نمرح في مخيلات الماضي بكل مساوئه، الحاضر هو علم التكنولوجيا والتطور وأقتناء كتب المتنورين من علماء القرون السابقة والحاضرة وفهم تأريخها أفضل من أقتناء كُتب الذي توحي لعصور الظلام من تأريخ بنيت على بناء الدول بالدم.
كيف نعرف إنَنا وصلنا الى مرحلة الإنسانية؟ تقديم المساعدة للآخرين بدون تمييز وعنصرية يؤكد لنا إننا نسير في درب الإنسانية، نشر المحبة ومساندة الفقراء أيضاً يؤكد مسيرتتا نحو أفق الإنسانية يجعل ضميرنا مرتاح لما سعينا أو قدمناه من خير، المجتمع الذي يعطي أعجاب ومشاركة بالآلاف لموضوع “ما” يدعو للعنصرية والتطرف لا تنتظر منهُ خيراً، والمجتمع الذي يعطي أعجاب ومشاركة بالالاف لموضوع “ما” يدعو لمساعدة الفقراء والدفاع عن حقوق الإنسان هو هذا المجتمع الذي تتأمل منهُ خيراً، وممكن ان تقيس المجتمعات من خلال ثقافة التواصل الإجتماعي، وفعلاً أجريت مقارنة بين ثقافات الدول العربية ووجدت فرق كبير جداً بين ثقافة الدول الغربية من خلال تويتر والفيس بوك، وجدت نحن متأخرين جداً عن ثقافة العدل ونصرة الفقراء والدفاع عن حقوق الإنسان، ولذلك تجد حتى المنشورات الغربية تجدها تصل الأعجابات بالملايين عندما يتحدث الموضوع عن حالة إنسانية لمريضة وتطلب دعم من منظمات المجتمع المدني لمساعدتها، عكس أفكارنا كعراقيين مجتمع عربي تجد التقديس للأشخاص مع دعمها ومشاركتها او لصورة وجبة عشاء مع التمييز بين الناشر إن كان رجل أو أمرأة، ليس المهم جوهر الموضوع بل الجوهر نوع من الأنا المتميزة في مجتمعنا والمجتمعات العربية مع الأسف.
الخلل هو سببه الخطاب ولنسميه الخطاب العام لتربية ونشئة مجتمع لكون هُنا لا نتكلم عن العائلة بل نتكلم عن دولة وفيها الخطاب الديني والتربوي والسياسي وغيرها من الخطابات ، لنتكلم عن مجتمعنا المجتمع العراقي قبل 2003 ليس نفس المجتمع بعد هذا التأريخ أعلاه، والمجتمع العراقي ليس قبل هذا التاريخ نفس المجتمع قبل سنة 1980. أي تتغير المجتمعات بتغيير الحكومات،إذاً الخطاب له دور في نشأة الإنسان وتحفيز النزعة الإنسانية، أي خطاب مسيس ومأجور سيؤثر على شعب بأكملة، وفعلاً تأثير الخطاب الديني أثر كثيراً في نزعة الإنسان وإنسانيتة، وأخص الخطاب الديني لكون أصبح له كامل الحرية بان يصرح ويخاطب الجمهور ويقنع المجاميع والدليل القاطع أصبح بعض الشعب أكثر عنفاً من قبل سنة 2003، وكثرة الفقراء والمتسولين والبطالة وغيرها هذا نتيجة إختلاف الخطاب، وإختلاف المجتمع العراقي من محافظة الى محافظة بسبب الخطاب الديني، ممكن ألخطباء أن يستطيعوا أن يتلاعبوا في الكتب السماوية ويقنعون المجاميع بعنفها حسب حاجتهم للعنف وبأنسانيتها حسب حاجتهم للجانب الإنساني ويصدقها جمهورهم ويعلنون الطاعة والولاء، ونحن نبحث عن الإنسانية الذي لا ترتبط بديانة وربطها بأي ديانة يخرجها عن محتواها الإنساني، الإنسانيون كثيرين منهم مسلم ومسيحي ويهودي وبلا ديانة، الإنسانية هو إنعكاس الخير فيك ومحبتك للآخرين وعكس صورة مشرقة لقيمة الإنسان الحقيقية، لو ربطنا الإنسانية بدين معين لكان لا يوجد إنسانيون في مجتمع بلا دين، الفريد آير، نيتشة، ميسلييه، باتريشا، جان بول،نيلسون مانيديلا، غاندي، محمد يونس وغيرهم من الإنسانيون والفلاسفة من ديانات مختلفة ومن الملحدين الذي رفدوا انسانيتهم للبشر وناضلوا في سبيل الإنسانية.
سلام المهندس
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط