مختصون: العنف الأسري يؤثر كثيراً على الأطفال وينتج شخصيات هشة

بغداد/ ورود صالح

تنتشر حالات دخيلة على المجتمع العراقي ومنها ضرب الزوجة لزوجها، حيث تلجأ نساء الى تعنيف وأحيانا قتل شريك حياتها، وهو ما يخلق تناقضا في البيئة الاسرية لدى الاطفال وينشأ جيل يعاني من علل وضعف في الشخصية.

اللبنة الأولى

تتحدث مريم عصام البالغة من العمر 17 عاما والتي انفصلت عن زوجها قبل اقل من شهر بسبب مشكلات عديدة تقول “انا اعلم انني السبب، صحيح انني أصغر من زوجي بستة اعوام الا انني حاولت السيطرة عليه كما كانت تفعل امي مع أبي، كنت اراها وانا في فترة طفولتي ومراهقتي ايضا كيف كانت تضربه امامي او تكيل عليه واهله بالشتائم والسباب إذا ما خالف لها امرا”.

وتضيف: “حاولت ان اعامل زوجي بنفس الطريقة وان اجبره على تسجيل ما يمتلك باسمي كما كانت تفعل امي أيضا، الا انني فوجئت بأنه يرفض ذلك، وتحول الامر الى مشكلة ووصل الى انني جررت قميصه بقوة لأخيفه الا ان الامر انتهى بي بالانفصال عنه دون رجعة”.

وتتابع قائلة: استغربت الامر بداية، وحاولت مع المصلحة الاجتماعية التي يحيلنا اليها القاضي كأجراء روتيني قبل القبول بتطليقنا، حاولنا ثنيه عن قراره الا انه قال ان الامر منته بالنسبة له وانه لن يقبل ابدا ان يكون “ارنبا ” لا “اسدا” بين عائلته وامام زوجته. وتعترف مريم بأن محاولة ترويضه خطأ منها، لأنها ظنت ان هذه هي الطريقة المثلى للتعامل مع الزوج.. “كما كانت تفعل امي”.

الأثر النفسي على الأطفال

يعتبر الابناء ان الاب هو مرتكز الامان والقوة في العائلة، وتعنيفه من قبل زوجته سيخلف آثارا نفسية عميقة لدى الاطفال وينتج ابناء يخافون من البشر والعائلات كما تقول الاختصاصية في علم النفس بان كاظم: “الاطفال في هكذا حالة سيشعرون بعدم الأمان وعدم الاستقرار وقد يتطور الأمر لأن يصبحوا انطوائيين ومنعزلين عن المجتمع وقد يحدث العكس بأن يصبحوا مشاكسين يستخدمون الأسلوب العنيف في التفاهم مع الآخرين كما وان النوع بحد ذاته سيؤثر مستقبلا على طريقة تفاعل الاطفال مع الآخرين، وتحكمهم في مشاعرهم”.

تقول ايضا “ينشأ الطفل من الجنسين وهو يرى ان هناك ادوارا محددة لكل فرد في الاسرة، فالأب دائما بنظر طفله مصدر القوة في العائلة فحين يرى انه يتعرض للتعنيف والضرب والشتائم تختل المعايير بداخله ويبدأ بالإحساس ان هذا امر طبيعي وان تعرض له مستقبلا من اخته والدته زوجته فهو امر مقبول!!، وبالتالي تعنيف الزوج من زوجته امام الابناء ينتج شابا ضعيف الشخصية او شابة مسترجلة”.

وتلفت كاظم إلى أن “90% من شخصية الطفل تتكون ما بين 5-8 أعوام حيث يكون الطفل في هذا العمر بأمسِّ الحاجة لوجود الأب بجوار الأم بادوار متعارف عليها ودون ان يتجاوز احد الطرفين على حقوق الآخر، ليبني الطفل شخصية متوازنة اما العكس فينتج ضعف شخصية الطفل بالدرجة الأولى، وعدم نضج معرفته بالعالم الخارجي والحياة الاجتماعية”.

وترى بان كاظم أن “الأب هو الهرم الرئيسي في العملية التربوية، وعلى كل أب أن يدرك مدى أهمية وجوده داخل هيكل الأسرة”، وتشير إلى أن “هذا الوجود لا يتمثل فقط بالمال أو الحضور الشكلي، بل بالحنان والعاطفة والحوار، وتعليم الطفل مبادئ الحياة بشكل مباشر”.

ماذا يقول القانون؟

شوخان احمد وهي محامية مختصة بشؤون الاسرة تقول “القوانين في العراق غير جدية بحماية الاطفال فمثلا ان شعر الطفل ان البيئة النفسية للمنزل غير مستقرة بسبب تعنيف احد الاطراف للآخر وهو ما يكثر مؤخرا بتعنيف الزوجة للزوج ، فلا يمكن للطفل تقديم شكوى ضد عائلته وانما عليه الاستعانة اولا بأحد الوالدين واكيد ان الاب سيشعر بالخزي ان قدم شكوى يقول فيها زوجتي تضربني وسيرفض والام ايضا ستمتنع عن تقديم نفسها للقانون لمحاسبتها وبالتالي على الطفل الاستعانة باحد اقربائه من اجل تقديم دعوى في المحاكم المختصة بالاسرة”.

وتسترسل شوخان وتقول “تمنع القوانين سحب الطفل من عائلته وتحويله الى السكن في اماكن بديلة حتى ان كانت البيئة في منزل والديه غير مستقرة ولن تعمد دور الرعاية واللجان المختصة الى ايواء اي طفل ان كان احد والديه على قيد الحياة”.

تقول احمد ايضا ان قانون العنف الاسري المادة الثانية من قانون رقم 8 لعام 2011 في برلمان كردستان “يحظر على أي شخص يرتبط بعلاقة اسرية ان يرتكب عنفا ومنها العنف البدني والجنسي والنفسي في اطار الاسرة”، وتؤكد ان هناك فقرات في القانون تمنع ممارسة المرأة للعنف ضد الرجل الا ان القانون بحد ذاته غير جدي بتوفير بيئة آمنة ومناسبة للأطفال وايضا لا يوجد قانون يمنع ممارسة العنف امام الاطفال بين الطرفين.

• تم انتاج هذا التقرير بدعم من JDH / JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here