مجلس القضاء الأعلى ..وصاحب الدجاجة المذبوحة!!

مجلس القضاء الأعلى ..وصاحب الدجاجة المذبوحة!!

حامد شهاب

يقول الشاعر: إِذا خَانَ الأميرُ وكاتباهُ وقاضِي الأَرْضِ داهَنَ في القَضاءِ

فَوَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلُ……………….لِقاضِي الأَرْضِ منْ قَاضِي السَّماءِ

هذه الأبيات الرائعة القصيرة تلخص إسلوب القضاء في عدم تطبيق العدالة وفي أن يتخذ القاضي من سلطة الدولة وسيلة لفرض الظلم على الآخرين..وقصة الدجاجة والقاضي المعروفة في كتب التاريخ ، تؤكد مانقول!!

فالقاضي الذي يداهن الأمير أو صاحب السلطة ، ويرهن قراراته بما يتوافق مع رغبات الأمير أو الحاكم الأعلى هو مايثير الغرابة واللغط لدى عامة الناس ، ويصبح التشكيك بأمر إصدار الأوامر والأحكام أحيانا مصدرا لظلم كبير، بعد أن يكون القاضي قد داهن في القضية المعروضة عليه، وفقا لقصة القاضي والدجاجة التي يفسرها البيت الشعري أعلاه!!

وهنا يتساءل المظلوم عن سر عاقبة قاضي الأرض، الذي تجاوز حقوق الله، ولم يول إهتماما لقاضي السماء ، وهو رب العالمين، الملك العادل ، الذي ينصف البشر يوم لاظل إلا ظله سبحانه وتعالى!!

وأدرج أدناه قصة صاحب الدجاجة مع القاضي، وتسلسل أحداثها وما تعرض آخرون معه من ظلم من القاضي، بلا مخافة الله، وقارنوا مع مايحدث اليوم في ساحة القضاء..وأنتم من تحكمون عليها في نهاية المطاف!!

في يوم من الأيام جاء إلى محل الدجاج رجل معه دجاجة مذبوحة وكان يريد أن يُقَطِّع هذه الدجاجة وينزع منها العظام، أعطى الرجل الدجاجة لصاحب المحل الذي قال له: عُد بعد ربع ساعة وستكون دجاجتك جاهزة، فقال صاحب الدجاجة في حماسة: اتفقنا وذهب الرجل.

وبمجرد أن ذهب الرجل مرَّ على المحل قاضي المدينة، فقال لصاحب محل الدجاج: أعطني دجاجة من عندك، فقال له صاحب المحل: والله ليس عندي غير هذه الدجاجة، وصاحبها سوف يعود بعد ربع ساعة لكي يأخذها، فقال له قاضي المدينة: أعطني إياها الآن، وعندما يأتيك صاحبها قل له أن دجاجته طارت، تعجب الرجل كثيراً من حديث القاضي ، وقال له في غضب: كيف أقول له أن دجاجته طارت وهو قد أعطاني الدجاجة مذبوحة؟ فقال له القاضي في غرور: إسمع ما أقول، قل له أن الدجاجة قد طارت ولا عليك ، وإن شاء فليشتكي عليك ولا تخف، إضطر صاحب المحل أن يستمع إلى كلام القاضي خوفاً من سلطته وهو يقول في نفسه: الله يستر، وأعطاه الدجاجة بالفعل.

بعد مرور ربع ساعة جاء صاحب الدجاجة إلى محل الدجاج ،وقال لصاحبه: أعطني دجاجتي إن كانت جاهزة، فقال له صاحب المحل في خجل: دجاجتك طارت، فقال الرجل في دهشة : كيف ؟ كيف طارت دجاجتي وقد أعطيتها لك مذبوحة، دار شجار ومشادة كلامية بين صاحب الدجاجة وصاحب محل الدجاج حتى قال له صاحب الدجاج: إمشي معي إلى المحكمة حتى يحكم بيننا القاضي ليعطيني حقي!!

وبالفعل ذهبا معاً وأثناء طريقهم رأوا اثنين يتقاتلون أحدهما مسلم والآخر يهودي، فأراد صاحب محل الدجاج أن يفرق بينهم ولكنه أدخل إصبعه عن طريق الخطأ في عين اليهودي ففقعها، تجمع الناس وأمسكوا به وجرّوه إلى المحكمة عند القاضي، وعندما وصلوا إلى هناك أفلت منهم الرجل وهرب فدخل إلى مسجد فدخل الناس وراءه فصعد فوق المنارة فلحقوا به، فقفز منها فوقع على رجل عجوز، فتسبب في موته بسبب وقوعه عليه، فجاء إبن العجوز وأمسك به وذهب به إلى القاضي، فلما رآه القاضي عرفه وضحك في سره وهو لا يدري أنه أصبح عليه الآن ثلاث قضايا: قضية سرقة الدجاجة وفقع عين اليهودي وقتل العجو!!

عندما علم القاضي بهذه القضايا الثلاث أمسك رأسه وجلس يفكر، قائلاً: دعونا نهتم بالقضايا واحدة تلو الأخرى، فنادى أوّلاً على صاحب الدجاجة قائلاً: ماذا تقول في دعواك على صاحب محل الدجاج؟ فرد الرجل: هذا قد سرق دجاجتي وقد أعطيتها إليه مذبوحة ، ولكنه قال لي إنها طارت، فقال القاضي: هل تؤمن بالله؟ قال الرجل: نعم بالطبع أؤمن بالله، فقال له القاضي: ” يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ “، قم فليس عندك شيء عند صاحب محل الدجاج!!

ثم نادى على القضية الثانية، فجاء اليهودي واتهم الرجل بفقع عينه ، فقال القاضي لليهودي: دِيَّةُ المسلم للكافر النصف، ولذلك يجب أن نفقع لك عينك الثانية حتى تفقع للمسلم عين واحدة، فقال اليهودي على الفور: لقد عفوت عنه وتنازلت عن حقي.

إبتسم القاضي في سخرية بداخله وهو يقول: أعطونا القضية الثالثة، فجاء ابن العجوز وقال له: لقد سقط هذا الرجل على والدي فقتله، فكَّر القاضي قليلاً ثم قال: إذن اذهبوا عند المنارة واقفز أنت من فوقها على صاحب محل الدجاج، فقال الشاب للقاضي: وماذا يحدث إن تحرك يميناً أو يساراً، فسوف أموت أنا، عندها قال القاضي: والله هذه ليست مشكلتي، لماذا لم يتحرك والدك يميناً أو يساراً لينقذ نفسه؟!!

الحكمة من القصة: هناك دائماً من يستطيع إخراجك من أي مشكلة مثل الشعرة من العجين، ولكن فقط إن كان لديك دجاجة تعطيها للقاضي!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here