العراق خسر نحو 2 مليار دينار في 18 شهراً بسبب سقوط أكثر من 70 برجاً للطاقة

بغداد/ تميم الحسن

اكثـر من 70 برجا للطاقة سقط في الاشهر الـ18 الاخيرة في هجمات مسلحة، تقدر خسائرها بنحو 2 مليار دينار. ونفذ مجهولون خلال تلك الفترة نحو 15 هجوما في 5 محافظات، فيما كان هدر الطاقة قد وصل الى اكثـر من 6 آلاف ميغاواط. ويحتاج العراق الى 27 الف ميغاواط لتوفير الطاقة الكهربائية 24 ساعة يومياً، فيما يستورد 1200 ميغاواط من الطاقة من إيران.

ويتهم البرلمان الحكومة بـ”عدم الجدية” في معالجة تلك الحوادث، كما هناك معلومات عن تورط جهات “غير داعش” في الهجمات ضد ابراج الكهرباء.

وقال رئيس الوزراء في آذار الماضي، إن “هناك محاولات تخريبية لتفجير أبراج نقل الطاقة الكهربائية، وتمكنا من إلقاء القبض على عدد منهم”.

واشار خلال الجلسة الأسبوعية لحكومته الى أن “هذا الأمر لن يتم التساهل معه باعتباره يمس الأمن الوطني العراقي”.

وبحسب ترجيحات مصادر سياسية تحدثت لـ(المدى) ان “مافيات فساد كبيرة تقف وراء تلك الهجمات لمنع اعادة بناء منظومة الكهرباء في العراق”.

وكانت لجنة تحقيقية برلمانية قد اعلنت في وقت سابق، إنفاق 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء في العراق منذ عام 2005.

وتشير تلك المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها الى ان هذه المافيات “تعمل على توريد المولدات الكهربائية الى العراق وهي المتضرر الاكبر في حال تم اصلاح منظومة الطاقة”.

وبحسب بعض التقديرات ان هناك اكثر من 150 الف مولدة كهرباء في العراق لتغذية الاحياء السكنية والمحال التجارية، تتجاوز ارباحها الشهرية الـ3 مليون دينار للمولدة الواحدة.

تكاليف الهجمات

وبحسب بيانات وزارة الكهرباء فان 36 برجا سقطت في عام 2020 في 14 هجوما، جرى في محافظات: بغداد، الانبار، ديالى، صلاح الدين، والانبار.

وخلال تلك الفترة، اعلنت الوزارة فقدان 4700 ميغاواط، كاجمالي الخسائر التي جرت على طول السنة الماضية.

اما في النصف الاول من 2021، فقد اعلنت الوزارة في بيانات متعددة خسارة 1900 ميغاواط، جراء سقوط 36 برجا ايضا، في 7 هجمات، وهو ما يظهر تصاعد حجم الاستهدافات عن العام الماضي.

وبحسب تقديرات مصادر برلمانية عن تكاليف اصلاح الابراج خلال العام والنصف عام الاخير، فانه يصل الى مليار و800 مليون دينار.

وتقدر تلك المصادر، معدل اصلاح البرج الواحد بـ25 مليون دينار، بالاضافة الى تكاليف خطوط الكهرباء والنقل.

وتشير تلك المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، الى ان مجموع الوقت الذي يستغرق لاصلاح الابراج التي سقطت في الـ18 شهرا الاخيرة، اكثر من 70 يوما، بمعدل يوم تصليح واحد لكل برج.

حلول الحكومة

وينشر تنظيم “داعش” احيانا مقاطع فيديو او صورا عبر المنصات الرقمية التابعة له، تظهر تعرضه لابراج الطاقة.

ويقول علي مؤنس عضو لجنة الامن في البرلمان لـ(المدى) ان “تلك الهجمات هي احراج للحكومة ورسالة بان التنظيم مازال متواجداً”.

وتدعو لجنة الامن في البرلمان الى تنسيق امني بين وزارة الكهرباء والوزارات الامنية لمواجهة ما اسمته “حرب تفجير ابراج نقل الطاقة”.

وكشفت وزارة الداخلية عن إجراءات جديدة لحماية خطوط نقل الطاقة، عبر استخدام الطائرات المسيرة.

وقال المتحدث باسم الوزارة اللواء خالد المحنا في تصريحات صحفية، إن “هناك سعيا لاستخدام الطائرات المسيرة في حماية الخطوط الكهربائية”.

وأشار إلى وجود “مفاوضات مع شركات صينية بهذا الصدد، فضلا عن وجود دعم دولي للعراق في بهذا الشأن”.

وأضاف: “سيتم توقيع عقد لجلب طائرات لحماية الحدود وحماية خطوط الكهرباء والمنتجات النفطية”.

وفي العادة تقوم وزارة الكهرباء بتأمين ابراج الطاقة عن طريق القوات الامنية، لكن اتساع الهجمات، اجبر الحكومة على عقد شراكة مع العشائر لحماية الابراج.

واكدت وزارة الكهرباء، انها طالبت من الحكومة بزيادة عدد القوات لحماية الابراج، وناقشت الامر مع شيوخ عشائر ومسؤولين محليين في المناطق التي تجري فيها تلك الهجمات..

وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى في بيان إن “الوزارة اتخذت جملة من الإجراءات، شملت مخاطبات رسمية لوزارتي الدفاع والداخلية ومناشدات للقوات الماسكة للأرض، بضرورة توفير الحماية اللازمة للأبراج الناقلة للطاقة”.

ولفت موسى الى الى أن “وزير الكهرباء طالب مديرية حماية الطاقة بتوفير الإجراءات اللازمة من خلال ربط الكاميرات الحرارية على مسارات الخطوط الناقلة للطاقة”.

الاتفاق مع العشائر

وكشفت الوزارة انها “اجتمعت مع وجهاء العشائر والمختارين في المناطق التي تشهد تواجد أبراج، بالإضافة إلى الدوائر التابعة للمحافظات والأقضية والنواحي، من أجل حثهم على حماية الخطوط والبنى التحتية والستراتيجية التابعة للكهرباء”.

وكان مسؤولون في الانبار، اتهموا عشائر وبعض المتنفذين، بإسقاط الابراج بسبب “تنافس” على عقود الحماية. في غضون ذلك انتقد محمد المنصوري، عضو لجنة الطاقة في البرلمان، توظيف الاهالي في مهمة حماية الابراج.

وقال المنصوري في اتصال مع (المدى) ان “حماية الابراج تحتاج الى تدخل الحكومة وزيادة القوات المسؤولة في تلك المناطق”. واتهم عضو لجنة الطاقة الحكومة بـ”عدم الجدية” في معالجة تلك الهجمات، و”ضعف الاجراءات في ضبط الامن”.

لكن المنصوري دعا ايضا السكان والعشائر القريبة من تلك الابراج الى عدم “خلط الاوراق” وتحويل المشاكل من الحكومة الى استهداف للمصالح العامة.

واضاف النائب ان “بعض العراقيين حين يكون لديه مشكلة مع مسؤول او محافظ يذهب للانتقام عبر تخريب المنشآت العامة ومنها ابراج الطاقة”، مشيرا الى ان المخرب سيكون حينها “داعشيا وان لم يكن ينتمي الى التنظيم”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here