الوطن كما يرويه الحكيم

الوطن كما يرويه الحكيم

رسل جمال

أختتم معرض بغداد الدولي للكتاب فعالياته، وبعدها ستحتفي القاهرة كذلك بمعرضها للكتاب، وللأمانة لمس الجميع ان دورة الكتاب هذه المرة، لم تكن ببهاء وزهو الدورة السابقة للإنصاف، ويمكن ان نرجع ذلك لعدة أسباب أهمها انحسار الأجنحة التي تضم دور النشر، ويبدو ذلك واضح عند دخولك للمعرض، لكن ذلك لم يمنع إقبال القراء، رغم ذلك ورغم الارتفاع الواضح بأسعار الكتب، وارتفاع درجات الحرارة اللاهبة!

ألاان هذا النشاط الثقافي والفعالية الأدبية تعتبر إنجاز للساحة الفكرية، مع وجود كل تلك التحديات، خصوصاً وان المعرض ضم العديد من الكتب وبمختلف المواضيع، أي ان دور النشر حاولت ارضاء كل ألوان الذائقة الأدبية للجمهور، المفرح ازدياد المطبوعات التي تهتم بالأطفال والناشئة، بل تفننت بأصدار الألعاب الفكرية المسلية، اضافة للقصص والمنشورات، في محاولة لسحب الطفل لعالم القراءة الممتع، بعيد عن الأجهزة الذكية التي أعلنت الغزو الفكري على أطفالنا.

عموماً يعد معرض الكتاب فرصة للمرح والاستمتاع برائحة الكتب، سواء كان مقروء او حتى معروض، لان ورؤية عناوين الكتب وهي مصطفة بشكل مرتب او مبعثر، منظر يوحي بالطمأنينة للنفس، اذا ما زلنا نقرأ، اذن نحن بخير!

ونحن نتجول في اروقة المعرض، لا يمكننا ان نغض الطرف عن كتاب كان هو الأبرز في هذه الدورة، وهو (رحلة وطن) للسيد عمار الحكيم، واستوقفني، وحين بدأت بتقليب صفحاته على عجالة، الا بعض السطور أردت ان أعيد قراءتها، الا ان ضوضاء المعرض لن تسمح بذلك فاقتنيته ومضيت، اكمل جولتي .
عن قراءة هذا الكتاب ستكتشف مباشرةً انه لايقع في خانة كتب السيرة الذاتية، بل هو كتاب يخرج من كواليس العملية السياسية ومن خلف ابوابها المغلقة، ليروي لنا ماحدث في عالم، تنبئ الكثير عنه .

يمتلك الكتاب نقطة قوة، لانه جاء على لسان ممن شارك وشاهد العملية السياسية العراقية من الداخل، فأصبح كشاهد عيان لما حدث ويحدث، فالكتاب لا يطلق احتمالات او او نبؤات إطلاقاً.

سجل الحكيم في طيات كتابه مرحلة مهمة من تأريخ العراق السياسي، بالتزامن مع مراحل حياته، ووضع النقاط على حروف بعض المشاهد، التي يصعب على المؤرخين الاجتهاد فيها، وإيجاد الأجوبة الشافية لأسئلتهم، فالرجل يروي القصة من البداية، ويسلط الضوء على الأسباب، ويستشرف النتائج، بشكل واضح، مع الأمثلة والمصاديق.
ينوه في بداية الكتاب (رحلة وطن) انه ليس كتاب سيرة شخصية، بل هو طريقة للنظر الى مقطع عرضي لمرحلة من التاريخ العراقي، من زاوية تحليلة عملية، بعيد عن عبارات كتب التأريخ الملغومة، وايدي الوراقين المأجورة!

اذ يقول “هو قصة حياة وجوانب من رحلة واراء في الدين والسياسة ولحظات معاناة ورحلة كفاح(لم يعرف عنها احد شيء) ولا أزعم ان كل مسار حياتي كان صائباً من دون خطأ، ولكنني أقول انني كل قطعت من طريق كانت النوايا صادقة والأهداف نبيلة.

هي دعوة لمن شارك في العملية السياسية ان يدونوا هم كذلك ادوارهم من تلك الرحلة، وان يتركوا لهم اثر بعيد عن العالم السياسة ولكن يحوم حوله، وفي الحقيقة لا أنصح بقراءة الكتاب، مالم تتسلح بذهنية قبول الرأي الاخر، او ان تأتي برواية لرحلة أخرى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here