أهلا حجي .. تفضلي علوية !
بقلم مهدي قاسم
امتدادا لمقالتي السابقة والمعنونة ب ” في العراق بإمكان الشخص أن يكون ” رئيسا ” لأي شيء !!..والمنشورة حاليا على صفحتي في الفيس ، و التي تناولت من خلالها ظاهرة إطلاق ألقاب و درجات علمية وأدبية ومهنية ــ طبعا بلا طائل أو حاصل أو فاصل ــ بل أنها ألقاب رنانة و طنانة و مبهرجة ، تُطلق بشكل عشوائي و اعتباطي، وقد أثار انتباهي تعقيب طريف و ملفت إلى وجود ظاهرة ألقاب أخرى ، ذات مسحة دينية ومذهبية ، اُستجدّت أو ابُتدعت في العراق بعد ” تغيير ” النظام السياسي مثلما أورده الصديق المُعلِق من قبيل :
ــ ” الحاج والسيد وخادم الحسين والزاير أمام ”
و أضيف أنا : إضافة إلى ألقاب و صفات مثل علوية و أبو أجر و أبو ثواب و انتهاء ب ” أبو جنة ,” !! : الخ..
ولهذا ، فيما يتعلق الأمر بالعراقي المقيم أو القادم من الخارج ف” يٌرحب ” به رشقا ترحيبيا حارا بهذه الألقاب التالية ، طبعا بحسن نية وطيبة خاطر في أغلب الأحيان !! مثل :
ــ أهلا حجي.. جيب حجي ودي حجي ..خذ حجي .. أصعدي حجية انزلي علوية .. و الخ ..
بطبيعة الحال كانت حصتي أنا من هذه الألقاب لا تقّل وفرة وكثرة غزيرة عن حصص باقي القادمين إلى العراق بل و حتى لعراقيي الداخل أيضا ، وخاصة كنت دائم التنقل بسيارات الأجرة لغاية ارتياد المكتبات لشراء الكتب أو اللقاء مع بعض الأصدقاء الحميمين في المقاهي والمطاعم ، و بالأخص مزاولة المشية الرياضية على ضفة دجلة عند رصيف شارع ” أبو نؤاس ” ، فكنتُ غالبا ما أضيق ذرعا بر شقي بهذه الألقاب طوال الوقت ، فأضطرُ للتصحيح والتصويب من خلال الحوار التالي :
ــ الله بخير حجي !..
ــ الله بخير.. بس عفوا .. ترا أنا مو حجي !..
ــ ما مشكلة يا طيب ! .. وبك كل الخير و البركة .. أن شاء الله الجنة بجاه نبينا المصطفى عليه وعلى أهل بيته ألف صلوات الله وبركاته !!..
لكنني كنتُ أعود لأوضح له مجددا سبب قصدي من وراء اعتراضي :
ــ تعرف حضرتك .. الحقيقة هاي بس بالنسبة لي مشكلة .. لأن آني مو حجي أصلا .. احتمال الناس يتصورون أنا أروّج عن نفسي وأكذب على أساس آني حجي ..طبعا هذا مو صحيح ..
و المثير و الطريف في الأمر ، أنه عندما أردت الرجوع عصرا إلى المسكن ، صعدت في نفس سيارة الأجرة مصادفة ، و ربما بدافع الروتين أو عدم انتباه سمعت نفس السائق الذي دار حوار بيننا قبل ساعات ، يهتف بصوته الجهوري وهو يعّدل بمرآة السيارة الجانبية :
ــالله بخير حجي !,..
فجاوبته بدوري ولكن بصوت عال وواضح جدا :
ــ أهلا بالدرويش !..
فانتبه لصفة الدرويش بشدة ، ملتفتا نحوي بملامح فيها استغراب وفضول و دهشة ، إذ يبدو أن صفة الدرويش التي أطلقتها عليه جزافا مقصودا قد فعلت فعلها المطلوب والمنشود فصاح مصححا :
ــ عفوا حجي.. ترا آني مو درويش !..
ــ ولا آني حجي !..
أردفتُ بهدف توضيح أكثر ليفهم قصدي تماما :
ــ شفت !.. فصار لي يوم كامل وأنا أحاول أصحح عندك هذا هذا التصور الغلط ، ولكن بدون أي جدوى أو فائدة ..