مصير رحلات بافل

مصير رحلات بافل
آراس بلال
تسعى قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني الى اعادة تدفق الرواتب والتخصيصات المالية الاخرى من بغداد الى الاقليم؛ واذا لم تنجح فهي على الاقل ستبدو وكأنها فعلت كل شيء لتحقيق ذلك وايصال المواطن الكردستاني وتحديدا في مناطق الاتحاد لهذه القناعة مهم جدا قبل الوصول الى موعد الانتخابات البرلمانية ولذلك رافقت الرحلة الاخيرة التي قام بها بافل طالباني الى بغداد وسلسلة لقاءاته مع القيادات السياسية حملة اعلامية كبيرة لكنها وقعت في سقطات كبيرة منها استعمال مداحين رخيصين من نوع طارق حرب مثلا وغيره في تقارير صحفية ساذجة.
برهم صالح بدوره، يسعى قبل الانتخابات الى اقناع قيادة الاتحاد الوطني وكذلك المواطن الكردستاني ان وجوده في بغداد نافع عبر الادعاء بأن له تأثير كبير على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي يعتبره البعض صنيعة صالح ويسميه بعض الاعلام “صبي برهم” من أجل تجديد ولايته في منصب رئيس الجمهورية ويبدو انه نجح في دفع بافل طالباني الى الادلاء بتصريح متسرع عن تمسك الاتحاد الوطني الكردستاني بترشيح برهم صالح لرئاسة الجمهورية، وهذا التصريح لوحده يكفي لتخريب كل جهود الاتحاد الوطني في عقد تحالفات وتقاربات مع القوى الشيعية القريبة من ايران وكذلك عرقلة جهود اعادة تدفق الاموال لكردستان، فالشخصيات التابعة للقوى المقربة من ايران تحاول التهرب من ازماتها عبر تحميل جزء كبير من فشلها لشركائها من المكونات الاخرى وخاصة الكرد كما انها تحمل برهم صالح تحديدا مسؤولية تجاوز مرشحيها لرئاسة الحكومة وتكليف ربيبه مصطفى الكاظمي وهذه القوى تحمل صالح وحاشيته الاعلامية والمالية جزءا من مسؤولية اثارة الشارع الشيعي في الوسط والجنوب وهو الكادر نفسه الذي انتقل الى مكتب الكاظمي ليواصل عملية الصدام بالقوى الشيعية وهو بالمناسبة كادر تم تدريبه في معهد صحافة الحرب والسلام الذي مقره اربيل يديره هيوا محمود عثمان المقرب من الديمقراطي الكردستاني، بعدما تكاملت الصورة الاعلامية لكل من صالح والكاظمي كمنفذين مخلصين للسياسة الامريكية.
هذه التفاصيل مهمة جدا في الاجواء الانتخابية وحملاتها الساخنة فالقوى الشيعية المقربة من ايران شخصت اهدافها للحملات وبالتالي ستعرقل جهود تجديد ولاية برهم صالح وقد تمنعه من تحقيق هدفه فيما لو قدم الديمقراطي الكردستاني مرشحا غير جدالي مثل فؤاد حسين، كما ستعرقل القوى الشيعية عودة تدفق الاموال للاقليم لأنه سيعد تنازلا وتفريطا بحقوق محافظات اخرى بعد معركة اعلامية طويلة خاضها نواب هذه القوى في غياب رد اعلامي ونيابي كردي مقنع.
القيادات الشيعية التي التقاها بافل طالباني في جولته الاخيرة ربما قالت كلاما مطمئنا له لكنها لم تكن صادقة وحتى الصادق منها لن يكون قادرا على الالتزام بكلامه او تنفيذه، لقد جرت مياه كثيرة في بغداد دون ان يلاحظها الاتحاد الوطني بسبب ضعف تمثيله هناك وانشغال صاحب اكبر منصب (برهم صالح) بمعارك ثانوية خاسرة وبالتسويق الاعلامي لنفسه والاهتمام بشركاته وبالمجمل ساهم في مزيد من الاضعاف للاتحاد الوطني.
لقد اختلت معادلة تقاسم السلطة بين الاتحاد الوطني والديمقراطي بتوزيع الادوار في بغداد وكردستان بطريقة جعلت الاول ضعيفا في المكانين وهذا الضعف ادى الى تدهور العلاقة اداريا وماليا بين الاقليم والمركز الى ما يشبه تعاملات اصحاب الدكاكين الصغيرة عندما يفقدون الثقة ببعضهم البعض وبينما غاص الاتحاد الوطني في تفاصيل هذه العلاقة يصر الديمقراطي الكردستاني على منهج آخر نافع انتخابيا ايضا، اي تحميل بغداد كل المسؤولية عن الازمة المالية في الاقليم وتحشيد الجمهور عدائيا ومن جهة أخرى تبدو قيادة الاتحاد الوطني هي المسؤولة عن عدم التوصل لحلول مع بغداد او مثالا يضرب في سياق الحملات الانتخابية (لعدم جدوى تقديم التنازلات والحوارات).
هذا الوضع يدفع الى الشك في مصير رحلات بافل طالباني الى بغداد لتضعها الى جوار الكثير من الرحلات السابقة التي انتهت بمجموعة صور مع القيادات في بغداد لا اكثر.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here