قمة بغداد تحيي آمال النهوض بواقع المنطقة ورفاه شعوبها

قمة بغداد تحيي آمال النهوض بواقع المنطقة ورفاه شعوبها

 بغداد : هدى العزاوي وشيماء رشيد ومهند عبد الوهاب  القاهرة : اسراء خليفة / تصوير : خضير العتابي
أعرب محللون سياسيون وبرلمانيون وخبراء في الشأنين الأمني والاقتصادي عن أملهم بأن تسهم القمة الثلاثية ببغداد في إحياء آمال النهوض بواقع المنطقة والشروع بتنمية شعوبها، مؤكدين أن البلدان الثلاثة (العراق ومصر والأردن) قادرة بما تملك من مؤهلات وطاقات بشرية وثروات على أن تخلق منظومة شراكة ناجحة.
واكد رئيس البرلمان العربي عادل بن عبدالرحمن العسومي انها قمة استثنائية من حيث توقيتها وأهميتها، لاسيما أنها جاءت في وقت تحتاج فيه الدول العربية بشدة إلى دعم وترسيخ آلية التشاور والتنسيق تجاه القضايا محل الاهتمام المشترك، على نحو يخدم مصالح الشعوب العربية، ويحقق تطلعاتها في الأمن والتنمية والاستقرار.
وأعرب “العسومي” عن أن البيان الختامي الصادر عن هذه القمة يُدشِن مرحلة جديدة من العلاقات والتعاون المشترك بين الدول الثلاث في العديد من المجالات الاقتصادية والاستثمارية، خاصة في ضوء ما نص عليه البيان بشأن البدء بتنفيذ مشروع المدينة الاقتصادية العراقية ـ المصرية ـ الأردنية.
وأضاف رئيس البرلمان العربي أن هذه القمة تسهم بشكل كبير في تعزيز وترسيخ الحاضنة العربية للعراق، مؤكداً في هذا السياق على أن مشاركة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي اكتسبت أهمية استثنائية خاصة، بالنظر إلى أنها أول زيارة لرئيس مصري للعراق منذ نحو ثلاثين عاماً، وهو ما يؤكد مجدداً ريادة جمهورية مصر العربية في محيطها العربي والإقليمي.
رئيس تحالف عراقيون السيد عمار الحكيم، قال في تغريدة على “تويتر”: إن “انعقاد القمة الثلاثية العراقية – المصرية – الأردنية في العاصمة بغداد، يمثل خطوة إضافية في مشوار استعادة العراق دوره الريادي في المنطقة والعالم.
وأضاف، ان “القمة تؤكد قدرة العراق على استضافة المحافل النوعية الكبرى في مختلف المجالات، كما أنها تعزز رغبته الشديدة بالانفتاح على جميع أشقائه وأصدقائه على وفق المصالح المتبادلة والعلاقات المشتركة بما يضمن ازدهار الشعوب وأمنها واستقرارها”.
بدوره، قال رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية الدكتور عدنان السراج في حديث خاص لـ”الصباح”: إن “قمة الزعماء العرب الثلاثة العراق ومصر والأردن تجتمع بعد تأجيلين مؤقتين لأسباب سياسية أو فنية أو صحية للأردن ومصر، بينما العراق كان تواقاً لهذا اللقاء العربي الحيوي”.
ولفت إلى أن “العراق سبق أن وسع دائرة ومساحة حركته العربية منذ سنوات تأسيس النظام الجديد بعد 2003، وكانت هناك صعوبات يطول شرحها، إلا أن العراق أظهر حسن نيته وجديته في الانفتاح على الدول العربية والعمل اقتصادياً وأمنياً وسياسياً لتكريس الأمن في المنطقة وتوفير مناخات اقتصادية لمصالح تلك الدول والعراق”.
وبين أنه “أخيراً أدركت الدول العربية أهمية الدور العراقي وفاعلية وجوده وقوته البشرية والاقتصادية، لذا حصل تقارب مع هذه الدول وكان أهم تلك اللقاءات مع مصر والأردن والذي بدأ باتفاقات تفاهم مع حكومة عادل عبد المهدي والى اتفاق مع حكومة مصطفى الكاظمي، وحققت هذه الاتفاقات تقدماً في مجال الطاقة والكهرباء والاستثمار ونقل البترول الى العالم، وهذا ما أشار الى إنجازه السيد الكاظمي في لقائه الأخير على قناة العراقية”.
وأكد السراج أن “القمة الثلاثية جاءت ليعود القادة لتفعيل ما اتفقوا عليه مسبقاً، والأهم دراسة الأوضاع السياسية والتغيرات التي حدثت في دول العالم وتأثير ذلك في دولهم وقضية فلسطين والدور السوري المقبل والعلاقة مع دول الجوار والمساعي العراقية لتقريب وجهات النظر الإيرانية – السعودية، وهذا يعني الدور العراقي الفاعل المحوري الجديد في منطقة الشرق الأوسط”.
بينما عدّ المحلل واثق الجابري في حديثه لـ”الصباح”، بأن “القمة أحد المنطلقات الى الاستقرار الاقليمي والدولي، وطالما كان للعراق دور الوسيط والابتعاد عن المحاور فقد كرر دعوته لأهمية الحوار ونبذ الخلافات”، مبيناً “من حيث الأهمية الستراتيجية والتاريخية للعراق فانه مؤهل للعلب دور الوسيط وتقريب وجهات النظر بعد أن شهدت المنطقة جملة من النزاعات والخلافات انعكست بالسلبية على جميع المنطقة”.
وأضاف، “لكون الحروب والصراعات لا رابح فيها، فان دعوة العراق للحوار كانت هي الأثبت والأرسخ والتي أقنعت الدول بالجلوس إلى طاولات الحوار وتقريب وجهات النظر، وفي ظل جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية الاقليمية والمحلية، فان هناك حاجة لتضافر الجهود بين الدول وتعزيز الشراكات في جميع المجالات وهذا لا يتحقق إلا في ظل أجواء سياسية تنطلق من الحوار المبني على مصلحة جميع الأطراف”.
تكامل وتعاون
رئيس مركز العراق للشؤون الستراتيجية الدكتور صلاح بوشي قال في حديث خاص لـ”الصباح: إن “العراق يسعى لتأسيس تكامل وتعاون مع شركاء القمة الثلاثية مصر والعراق والاردن، والجهد الذي يبذل من جميع الأطراف لتحقيق تبادل نوعي يختلف عن السابق ومحاولة التحول من الحوار السياسي الى الحوار التنفيذي بعد مراحل التحضير التي حصلت أيام اللقاءات بين الدول الثلاث”.
وأكد أن “الأهداف العامة للقمة هي محاولة تحقيق عوائد إيجابية للشركاء وأهم تلك العوائد نجاح هذه التجربة التي تميزت بتسابق جميع الأطراف المشاركة لإنجاحها واعتماد التعاون الوثيق من أجل تحقيق التكامل على مختلف الأصعدة بين الأطراف الثلاثة”.
وأشار إلى أن “القمة تحقق تعاونا سياسيا – قد يكون الأفضل بالمنطقة العربية والإقليمية- كما أنها تعد إضافة وتجددا لتعاون فعال عربياً، وتجدد الثقة بين الأطراف خاصة أن القمة حددت المستوى العربي والاقليمي لضمان الاستقرار بالمنطقة أمنياً وسياسياً واقتصادياً لتكون القمة ايجابية للشركاء وغير الشركاء”.
واختتم بوشي حديثه لـ”الصباح” بالقول: إن “العراق سيستفيد حسابياً من التجربة لإنجاح إدارة البلاد سياسياً ومؤسساتياً وتنفيذياً، فالعراق اللاعب الأساس بهذا الملتقى”.
بينما أكد الخبير الأمني الدكتور أحمد الشريفي أن :”القمة ستبني تفاهمات على أسس مشتركة أمنية واقتصادية، وتجمع كل هذه التفاصيل في ستراتيجية ثابتة تؤثر في توازنات القوى إقليمياً ودولياً، وجميعها ستتكامل بمشروع اقتصادي واحد وبخارطة اقتصادية تكون أقطابها المؤثرة والفاعلة إقليمياً مصر والعراق والأردن”.
ويشير الشريفي خلال حديثه لـ”الصباح” إلى أن “الاردن بوصفها الاطلالة البحرية التي ستنفتح على البحر المتوسط، وعندما نتحدث عن البحر المتوسط نتحدث عن الطاقة للاتحاد الاوروبي الحليف الستراتيجي للولايات المتحدة، بالتالي عندما نتحدث عن مصر والعراق نحن نتحدث عن تكامل قدرات اقتصادية وموارد بشرية، فضلاً عن أنها الضامن لأهم نقطة في المعادلة وهو الامن القومي العربي على اعتبار أن مصر والعراق سيحققان أمن الخليج أيضاً، فالمعادلة كبيرة جداً، وفي تقديري أن المشروع واعد ويحتاج بالحقيقة الى قراءة تبدأ من إفهام الرأي العام المحلي والاقليمي والدولي هذا الدور الفاعل والمؤثر وانعكاساته الايجابية على الاقتصاد العراقي والأمن والاستقرار في العراق وفي عموم المنطقة، ومن ثم نتحدث عن أبعاده الامنية والعسكرية والاقتصادية، لذا سنحتاج الى جهد إعلامي مكثف لايصال أهمية هذا اللقاء والحقائق”.
مكسب كبير
بدوره، قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية سعران الأعاجيبي في حديث لـ”الصباح”: إن “استضافة بغداد للقمة الثلاثية تعد مكسبا كبيرا للعراق، قد يحرك عجلة الحياة الاقتصادية من خلال مشروع المشرق الجديد، ولكن هذا الأمر يحتاج الى تضافر الجهود في سبيل تعزيز الأمن ولا سيما على الحدود مستقبلاً لكي يكسب هذا المشروع نجاحاً أكبر وثقة الدول في مقدرة العراق على السيطرة على الاوضاع”.
وأضاف: ان “هذه القمة تضاف لهذه الحكومة من ناحية الانجازات لأنها ستعزز من دور العراق في المنطقة”، داعيا “الحكومة لاستثمار هذه القمة في معالجة الوضع الامني وتبادل الخبرات العسكرية بين الدول المشاركة في هذه القمة”.
وبين الأعاجيبي أن “الوضع الأمني جيد اليوم والقوات الامنية بجميع صنوفها قادرة على حماية البلد ولكن تحتاج الى تعزيزات لقدراتها وأسلحة وتبادل المعلومات”، مشيراً الى أن “نجاح هذه القمة سيؤدي الى كسب ثقة دول العالم في مقدرة العراق على استضافة المؤتمرات العالمية كونه بدأ يتعافى ويعود الى مكانته بين الدول”.
الى ذلك أوضح الكاتب والمحلل السياسي المصري عادل عامر، أن “القمة تسعى إلى تعزيز مفهوم جديد وهو الانتماء للوطن وهو اتجاه إيجابي مدعم بالحب يستشعره الفرد تجاه وطنه”، وقال عامر في تصريح لـ”الصباح”: “تأتي مشاركة الرئيس السيسي في القمة الثلاثية في إطار البناء على ما تحقق في مختلف مجالات التعاون ومتابعة المشروعات الجاري تنفيذها وذلك في سياق دعم وتعميق العلاقات التاريخية المتميزة بين الدول الثلاث الأشقاء، بالإضافة إلى تعزيز التشاور السياسي بينهم حول التصدي للتحديات التي تواجه الوطن العربي ومنطقة الشرق الاوسط”.
وأضاف، ان “انضمام دول اخرى لمشروع المشرق الجديد أمر مفتوح للجميع لكي ينضموا له”، مبينا انه “لولا الظروف التي تمر بها سوريا ولبنان لكانوا من ضمن الدول المنضمة ولكن الباب مفتوح لهم للانضمام”.
توحيد الرؤى
من جانبه قال عضو لجنة الاقتصاد النيابية نوفل الناشئ في حديث لـ”الصباح”: إن “القمة الثلاثية في بغداد وتوحيد الرؤى الاقتصادية والسياسية والأمنية دليل على النهج الجديد لرسم السياسة الاقتصادية الجديدة للدول العربية الثلاث”.
وأكد على أهمية أن “يستثمر العراق هذه الفرصة للارتقاء باقتصاده وانتعاشه من جديد في ظل التحالفات الاقتصادية مع الدول العربية من خلال هذه القمة”، داعياً إلى “إبرام اتفاقيات وفقا لمصالح البلدان الثلاثة في مجالات التبادل التجاري ورسم الخطط السياسية والامنية لحماية المنطقة من خلال تبادل المعلومات الامنية وتقويض الارهاب ودعم استقرار المنطقة امنياً واقتصادياً وسياسياً”.
النائبة عالية نصيف، دعت رئيسي الجمهورية والوزراء الى استثمار انعقاد القمة الثلاثية لتحشيد المواقف العربية الى جانب العراق في ظل الظرف الراهن الذي يمر فيه العراق بعدة تحديات.
وقالت نصيف في بيان: إن “انعقاد القمة العربية الثلاثية في بغداد هو بحد ذاته انجاز مهم على صعيد استعادة الدور المحوري للعراق في الساحة العربية، وهذه الخطوة يجب أن نستفيد منها ونستثمرها بالشكل الذي يخدم المصلحة الوطنية العليا”.
وتابعت: إن “التحديات الراهنة التي يواجهها العراق تتطلب الدعم من قبل الدول العربية وتقوية العلاقات معها بما يحقق المنفعة لنا ولهم ويقوي مواقفنا على الساحة الدولية، وبناءً على ذلك نأمل أن يقوم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء باستثمار هذه القمة بهذا الاتجاه”.
حاضنة عربية
كما رحب عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، عامر الفايز بعقد القمة الثلاثية، وقال: إن “رجوع العراق الى حاضنته العربية وأخذه مكانه الريادي مسألة مهمة من جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو حقه الطبيعي”، وأضاف الفايز، أن “توحيد المواقف العربية بشكل كامل وتلاحم الدول العربية مطلوبان، والعراق بحاجة الى تطوير العلاقات مع الدول العربية مهما كلف الامر”.
من جانبه، قال عضو مجلس النواب عن كتلة النهج الوطني حسين العقابي: “يجب أن تكون المصالح العراقية هي العليا في لقاء القمة سواء كان عربياً أو اقليميا أو دوليا”.
وأشار الى “أهمية تنسيق المواقف بين قادة الدول الثلاث وأن يكونوا على قدر المسؤولية بتنسيق مواقفهم بما يصب بمصلحة العالمين العربي والاسلامي والذي يعاني من ازمات وخلافات تهدد جوهر الدول العربية والاسلامية بافغانستان والعراق واليمن وسوريا”.
عضو مجلس النواب يونادم كنا، لفت الى أن “العراق بحاجة الى تسخير تلك العلاقات والزيارات العربية والاقليمية بما يخدم الصالح العام من جميع المحاور وليس فقط المحاور الاقتصادية او المادية”.
وقال كنا في حديث صحفي: إن “العراق عانى الكثير من التحديات مع محيطه العربي والاقليمي بعد عام 2003 حيث كانت هناك حالة من الرفض للنظام الجديد من بعض الدول، لكن وبعد مرور سنين وجهد كبير من المفاوض العراقي تغيرت تلك النظرة وبدأ العراق يأخذ مكانه الحقيقي كمحور اساس في المنطقة والعالم”.
وأضاف كنا، أن “العراق بحاجة الى تسخير تلك العلاقات والزيارات العربية والاقليمية بما يخدم الصالح العام من جميع المحاور وليس فقط المحاور الاقتصادية أو المادية، بل علينا البحث عن التعامل الصحيح بما ينسجم ومكان العراق الحقيقي”، لافتاً الى أن “العراق له دور محوري في أمن واستقرار المنطقة، وبحال عدم استقرار العراق فلن يستقر الشرق الاوسط بالتالي فان جميع الدول مطالبة بالتعاون معنا وأن تكون معها تعهدات مع وجوب الالتزام بها”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here