لاحل لمشكلة الكهرباء الا بعلاج أصل الداء !

لاحل لمشكلة الكهرباء الا بعلاج أصل الداء !

احمد الحاج

صار جليا لدى القاصي والداني ممن ضاقوا الأمرين طيلة ثلاثة عقود تقريبا من مشكلة الكهرباء في العراق صيفا وشتاءا ، بأن كل التنظيرات والمؤتمرات والندوات والاجتماعات والتصريحات والتظاهرات وجميع التحليلات والتغريدات لحل أزمة الكهرباء في العراق = هواء في شبك، كل المليارات والتي بلغت حتى الان وبحسب المعلن 40 مليار دولار لإصلاح هذه الشبكة العجيبة التي حارت في اصلاحها العقول لن تجدي نفعا ، قبل 2003 كانت الطائرات الاميركية تستهدف محطات الكهرباء دوريا لتعطيل مجمل الحياة في العراق ولممارسة الضغط النفسي على الشعب العراقي الذي يعاني الحصار الغاشم الذي فرضته عليه ظلما وعدوانا،وكلما كانت وزارة الكهرباء وقطاعاتها العاملة تعيد تأهيل المحطات المدمرة آنذاك بما يتوفر لديها من طاقات ومعدات وقطع غيار محدودة بسبب الحصار واذا باميركا اللعينة تعاود الكرة بقصفها مجددا بكل صلافة وعنجهية ، ولكن وبعد 2003 يوم دخل العراق في نفق مظلم تماما بما يسمى بـ”عصر الظلمات” الذي اعقب “عصر الظلم ” وعلى قول البغادة ” نخرج من حفرة فنقع في دهديرة ” فقد استمرت المأساة اكثر فأكثر وتبين بأن أصل المشكلة وأساسها هو ، ان ” شركات عالمية كبرى في مجال الطاقة تتنافس لإحتكار كهرباء العراق منذ احتلال الاميركان سنة 2003 والى يومنا تماما كما احتكرت – سرقت ، لفطت ، شفطت – نفط العراق كاملا في نفس الفترة ضمن جولة التراخيص، ومن ابرز هذه الشركات سيمنز الالمانية ، وجنرال الكتريك الاميركية ، والطاقة الايرانية اضافة الى شركات صينية وتركية واوربية أخرى تريد أن تثرى على حساب هذا الشعب المظلوم والمنوم مغناطيسيا على اسسس قومية وطائفية وسياسية وليس من مصحلتها كلها ان تنتهي معضلة الكهرباء في هذا البلد المنكوب بكل ما تعني الكلمة من معنى ، هذه الشركات لم ولن تسمح مطلقا ببناء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية من الخلايا الشمسية ، هذه الشركات لن تسمح بتوليد الطاقة الكهربائية من تدوير النفايات ، هذه الشركات لن تسمح بتوليد الطاقة الكهربائية من الرياح بما يعرف بمزارع الرياح او عنفات الرياح لإنتاج الطاقة الكهربائية ، هذه الشركات وكلما أهلت الدوائر المعنية محطة كهربائية ما سارعوا فخربوها ، هذه الشركات وكلما أقمت أو اصلحت أبراجا للطاقة أسقطوها ، هذه الشركات وكلما مددت اسلاكا وكابلات للكهرباء قطعوها، هذه الشركات وكلما عقدت صفقات معتبرة لتحسين واقع الكهرباء بملايين الدولارات سرقوها ، هذه الشركات وكلما فتحت تحقيقا جديا للكشف عن شبهات في عقود الفساد جاؤوا الى طوابق العقود فأحرقوها وعلى شماعة التيار الكهربائي – المقطوع وغير الموجود اساسا – بذريعة التماس الكهربائي علقوها ، هذه الشركات لن تسمح بإنتاج الطاقة الكهربائية من السدود ، هذه الشركات لن تسمح بالتخلي عن المحطات الغازية القديمة لأن الغاز اضافة الى الطاقة انما يستورد من الخارج وبالمليارات ، بل ولن يسمحوا لك بأستثمار الغاز المصاحب للنفط والذي يذهب هدرا ولنفس الغرض ، هذه الشركات لن تسمح بتحسين واقع الطاقة في العراق لأن القوى الانتهازية البشعة المحلية المتحالفة مع رأس المال الأجنبي تعمل لتحقيق مصالحها وللاستيلاء على السوق الوطنية وتدميرها بما يطلق عليه اصطلاحا في الموسوعات السياسية بـ” كومبرادور” وهذه لن تسمح بتحسين اداء الشبكة مطلقا وبأي وسيلة كانت ، أولا بسبب العمولات الهائلة التي تتلقاها من الخارج ، وثانيا بسبب المولدات الاهلية التي تستوردها من الخارج بالملايين ، وثالثا بسبب امتلاكها لمئات من هذه المولدات وتشغيلها لصالحها ولصالح من تتوكل عنه أو ينوب عنها ، وكثير من الاحزاب والساسة واعضاء مجالس البلديات والمجالس المحلية والمحافظات يشتركون بمئات المولدات منها وبالتالي فهم لن يسمحوا بتحسين واقع الكهرباء في العراق فيما تدر عليهم هذه المولدات المليارات شهريا ، الشركات الاجنبية والكومبرادور سيعملون جاهدين على ابقاء الوضع على ما هو عليه لحين استيلاء بعض الشركات الاحتكارية الكبرى أو توافقها في السيطرة على كهرباء العراق مقابل نسبة عالية من الارباح من خلال عشرات الصفقات المشبوهة التي سترسل ارباحها تباعا الى حساباتهم المصرفية الخارجية والداخلية ، ومقابل اجور ضخمة سينوء بحملها المواطن العراقي المسكين في ظل هؤلاء الظلمة في عصر الظلمات …شهريا !
وكل من يضحك عليكم ويقول لكم بأن تغيير وزراء الكهرباء تباعا سيحل المشكلة ” هذا يريد الزج بوزيره بدلا من وزير الحزب الاخر ولاشيء دون ذلك ولا بعده البتة ، هذا يحاول ان يصور لك القضية على انها شخصية تتعلق بوزير لا اكثر وهو وقبل غيره يعلم بان القضية هي دولية ، اقليمية ، محلية وهي اكبر من شخص الوزير وبطانته وحتى وزارته “، او ان التظاهرات – الفرارية – المسيسة والتي سترفع فيها صور وشعارات احزاب سياسية كدعاية انتخابية لاشأن لها بالشعب ولا بمظلوميته ولا بمعاناته مع الكهرباء والخدمات والبطالة والتي ستخرج هنا او هناك للتنديد من شأنها حل المشكلة ،او ان الصيف المقبل سيكون افضل من السابق والحالي ،أو ان اصلاح الخط الفلاني وتأهيل المحطة العلانية سيحسن واقع تجهيز الطاقة فلاتصدقوه ارجوكم ، ولو كان صاحب التصريح هو وزير الكهرباء المستقيل او اللاحق او السابق شخصيا !
الكهرباء التي عطلت الحياة في العراق برمته وعلى مختلف الصعد وبالأخص دورها المشبوه في تعطيل الصناعة الوطنية العراقية وقد كانت رقما صعبا الى وقت قريب ، على حساب المستورد الاجنبي كجزء من المخطط الجهنمي لتهريب العملة الصعبة وهجرة الكفاءات والخبرات والعقول اضافة الى رحيل الايدي الماهرة وزيادة معدلات البطالة وما ينجم عنها من مشاكل مجتمعية واخلاقية وامنية لاحصر لها ، ولإغراق العراق بالديون الخارجية ولتحويل العراق الى عالة يستورد كل شيء من الخارج من دون ان ينتج شيئا قط ، هذه الكهرباء اليوم وهي أس البلاء لن تعود الى سابق عهدها الا اذا توافقت الشركات الكبرى على تقاسمها فيما بينها اسوة بنفط العراق المسروق والمنهوب ، الشجب والاستنكار يجب ان يكون من الان فصاعدا موجها ضد ” الكومبرادور” واكرر تعريفها بأنها الانتهازية المحلية البشعة المتحالفة مع الرأسمالية الاجنبية الحاقدة لتدمير اقتصادات البلدان والاوطان حيثما حلت وارتحلت لافرق في ذلك بين دجال يرتدي الجبة والعمامة في بغداد ويخلعها في لندن وامستردام وباريس ، سجوده وركوعه كله للدولار واليورو واليوان والين والتومان ، ولابين سكير علماني يجعجع بالوطنيات عبر الفضائيات في كل وقت وآن فيما يبدد اموال العراق على موائد القمار وعلى العاهرات في بيروت ودبي ، في تايلند وهونغ كونغ وتايوان ، هؤلاء جميعهم هم اس الفساد واساس الافساد واساطينه وسبب معاناتكم وكوارثكم على مدار 18 عاما وهم منكم وفيكم وبينكم ، فلايخدعونكم ويضحكون على ذقونكم مجددا والمؤمن كيس فطن ولايلدغ من جحر واحد مرتين فكيف بك وقد لدغت من ذات الجحر الاف المرات ؟
الكل مشتركون في معاناتكم حتى اولئك الذين يزعمون انهم متعاطفون معكم للفوز بأصواتكم في الانتخابات فقط لاغير ومن ثم ،اغلق الباب واطفئ النور،ودع هاتفك النشال على وضع الطيران يلف ويدور، بإنتظار انتخابات جديدة قادمة بعد اربع عجاف ماضية قضيناها كلها بالفساد والافساد والانبطاح للخارج الدولي والاقليمي العاشق للشرور ، وضيعناها بثنائيي الجنسية والولاء والتبعية والظلم والجور ! اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here