فلسفة : الأنسان وطبيعة الحياة

فلسفة : الأنسان وطبيعة الحياة * د. رضا العطار

يحدثنا الفلاسفة المعاصرين عن نوع من (القضايا التحليلية) Analutical Propositions وهي قضايا صادقة لكنها لا تزيد عن كونها مجرد (تحصيل حاصل)

فلو اننا قلنا مثلا : قد تمطر السماء غدا او لا تمطر، لكانت عبارتنا هذه تحليلية لا موضع للشك في صحتها على الاطلاق. ولو ان مثل هذه القضية لا تمدنا باية معلومات حقيقية عن حالة الجو، اي انها عبارة لا تنطوي على اي مضمون واقعي ولكنها تساعدنا على فهم الكثير من المسائل اللغوية الصرفة.

ولكننا اعتدنا – في الكثير من الاحكام التي نصدرها على الواقع – استخدام مثل هذا النوع من القضايا، فاصبحنا نقول مثلا انه ما ان يكون المجتمع تقدميا او متخلفا و اما ان يكون هذا الحزب راديكاليا او محافظا و اما ان يكون هذا المفكر من دعاة التقدم او من دعاة التخلف و اما ان يكون هذا الفيلسوف من القائلين بالتغيير او من الداعين الى الثبات و اما ان تكون دعامة هذا المجتمع هي العلم او هي الفن و اما ان يكون قوام الحياة الاجتماعية هو القيم المادية او هو القيم الروحية – – الى آخر تلك القضايا الشرطية المنفصلة التي تحفل بها لغتنا العادية في الحديث عن شتى مظاهر الحياة والفكر والسياسة والاجتماع – – والواقع ان مغالطة (اما – – او) مغالطة منطقية كبرى تهدد معظم جوانب حياتنا : لاننا نظن انه لا بد لنا من الاختيار بين التقدم او التخلف او بين الثورة ونظام الحكم المستبد، بين التغيير والثبات بين العلم والفن او بين القيم المادية والقيم الروحية او بين التفاؤل والتشاؤم – – الخ

وفاتنا ان طبيعة الحياة ان تضم في ثناياها العديد من المتناقضات فهي تجمع بين التغيير والثبات، بين الحركة والسكون، بين النمو والاتزان، وهي لا بد من ان تتغلب على كل تلك المتناقضات دون ان يقضي عليها بل ينسجها جميعا في خيوط تلك (الوحدة الكلية الشاملة) التي تطوي في تضاعيفها شتى العناصر.

* مقتبس من كتاب فلسفة (مشكلة الحياة) للدكتور زكريا ابراهيم – جامعة القاهرة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here