أشياء من هذا القبيل : يوم ميلادي 7/1 المزعوم .. بين مواقف طريفة ومحرجة ..

أشياء من هذا القبيل :
يوم ميلادي 7/1 المزعوم .. بين مواقف طريفة ومحرجة ..

بقلم مهدي قاسم

أهمس لنفسي بطرافة ودعابة .. كأنما أمزح مع ظلي:
ــ عمَّر كأسك بهواء عذب وقطرات صمت يا مهدي قاسم في يوم 1/ 7 ..وأشرب نخب يوم ميلادك المتخيل و غير الصحيح إطلاقا !..
نعم ……….
في هذا اليوم التاريخي و المجيد ” الأغّر ” ، ولدتُ افتراضا ــ ليس أنا فقط ، إنما ــ ربما ــ نصف الشعب العراقي أيضا و دفعة واحدة ، كأنما لوكنا أفراخ أرانب !.. في هذا اليوم الأكذب انتشارا لميلاد الملايين من العراقيين في غضون ساعات قليلة فقط !!..
فيا له من يوم مصطنع بلامبالاة موظف سجلات الولادة لأعياد ميلاد مشكوكا بمصداقية حدوثه تماما ..إلى درجة !.. كمن يعتقد بأنه قد ارتشف كوبا من حليب العصافير ،محلقا عاليا في غابات عملاقة خلف الكون ..
وهذا غالبا ما يحدث في كل عام من من 1/ 7 المشهود والمثير لنكات وطرافة كثير من عراقيين ميالّين لرح النكتة والدعابة وصناعتها حسب أحداث وحالات ساخنة ومحن مفجعة ..
فأقول مخاطبا يوم 1/ 7 ،كما لو كنتُ أخاطب شخصا أو كائنا مقصّر بحقي ، وهو يغشني بكل لطف و أريحية ..
آه يا تموز .. يا ” أقسى الشهور ” !.. كذبا و تضليلا في حياة العراقيين .. تقلبا و قيظا و غيضا .. وخاصة.. على رحيل الملعونة البخيلة و سيئة الخدمة و الذكر والصيت : الكهرباء الشحيحة ! …..
و ها أنت يا 7/1 تمر غامضا مبهما ، كالعادة عاما بعد عام ، بين يقن خادع و شك متين ..محددا سنوات عمري بعشوائية ومزاجية ، كما يفعل غشاش مع أرقام لعب على موائد القمار !..
دون أن أعلم مَن ألوم : هل نفسي ؟..أم والديَّ البسيطين الطيبين؟..أم موظف سجل الولادات الكسول ذي عقل سمك مقعّر ؟..
ولكن مع ذلك فقد كان لي مواقف طريفة مع 7/1 ، عندما كانت آنسات وسيدات أوروبيات ” صديقات ” يسألن عن أعوام سني ، لكي يقمّن ــ فيما بعد ــ بتهنئتي يوم ميلادي ، كما هو سائد وقائم عندهم ، كعادة حضارية و ثقافة اجتماعية راسخة منذ القدم ، فكنت أجيب مصطنعا الجدية :
ــ آه !..عمري ؟.. مَن يعلم ؟.. ربما 16عاما .. أو 160 عاما ! ــ أضيف ضاحكا كأنني أقول نكتة بارعة ــ حقا من يعلم ؟..
ــ رجاء قل بجدية ..أوّد أن أعرف الدقيقة و الساعة واليوم والشهر ، لكي أعرف برجك على الأقل !..
ــ صدقا !.. أقول بجدية كاملة : لا أستطيع تحديد عمري بدقة ، لأنني لا أعلم أصلا ، في أي يوم ولدتُ بشكل مضبوط و دقيق ، كما هي الحال بالنسبة لنصف الشعب العراقي تقريبا !..
عند ذاك كنت ألمح على أسارير وجوههّن أثار دهشة واستغراب وهنّن يرددن غير مصدقات:
ــ يييا !.. شيء عجيب فعلا !..
ــ نعم .. أشياء كثيرة من هذا القبيل تحدث عندنا هناك : في بلد هبوط أنبياء وسفاحين ولصوص كبار أيضا !..
…………….
ولكن الموقف الأطرف الذي حدث معي هو : عندما كلفتني نقابة الصحفيين الهنغاريين بترجمة رزمة من مواد تدريس لصحفيين عرب ، كانوا يأتون إلى المجر لدخول دورات تأهيل وتطوير مهني في مجال الصحافة والإعلام ، و عندما انتهيت من المادة المُترجمِة و سلمتها ،أرسلوني إلى قسم المالية لإنهاء إجراء إملاء البيانات الشخصية والرقم الضريبي ، بهدف دفع نفقات الترجمة ، وبعدما سلمت الأوراق المطلوبة لمسؤولة الحسابات ، القت عليها نظرة سريعة للتأكد من صحة البيانات الشخصية ،وإذا بها تنظر لي بشيء من دهشة وفضول، فسألتها :
ــ أمل في عدم وجود نقص أو خطأ في البيانات والمعلومات المطلوبة ؟..
هزت رأسها نافية وهي تقول بنبرة فيها شيء إحراج و خجل :
ــ عذرا !.. كنت أود أن أسأل فيما إذا ثمة كثير من العراقيين قد ولدوا في 7/1
، لأنني لاحظت عندنا هنا في المعهد بيانات شخصية لعشرات صحفيين عراقيين ، كلهم ولدوا في هذا اليوم ..
فابتسمتُ لها لكي أبدد عندها مشاعر الإحراج وقلت معلقا :
ــ أوه .. هذا لا شيء !.. لو استطاعت حضرتك إلقاء نظرة سريعة وخاطفة على سجلات الولادة في العراق ، لوجدتِ أن نصف الشعب العراقي قد ولد في هذا اليوم المشهود و التاريخي المتخيل العظيم !!..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here