سرور العلي
دهشت الثلاثينية فاتن محمد من أن زوجها على علاقة مع امرأة أخرى عبر تطبيق «واتساب»، وان هناك مشروع زواج بينهما لتصاب بأزمة نفسية، وانهيار عصبي أنهته بطلب الانفصال عنه، لتقول بمرارة: «لم احتمل البقاء معه بعد صدمتي تلك، واكتشفت الأمر مصادفة».
تسللت وسائل التواصل الاجتماعي إلى حياتنا لتزلزل ترابطنا، وتفرض علينا أساليب جديدة لم نعتد عليها في المجتمع، إذ اتسعت الخيانة الإلكترونية، وسببت اضرارا بالغة في عمق علاقاتنا، ولم تقتصر الخيانة التي تتم عبر شبكات الانترنت على جنس معين، بل يشارك بها الاثنان معا، لاسيما أن كثرة تطبيقات الدردشة اسهمت في اتساع الظاهرة، وتفشي اضرارها على أفراد الاسرة، وتلجأ معظم النساء للتنفيس عما بداخلهن افتراضيا، أو للفراغ الذي يشعرن به لغياب الأزواج، لساعات طويلة لتبوح احداهن بأسرار علاقتها الزوجية إلى شخص آخر افتراضي، لتجد لديه الاهتمام ويصل الأمر أحيانا إلى اللقاء الواقعي ووقوع الخيانة.
شكوك
إن معظم الخيانات تكتشف عن طريق الخطأ الذي يرتكبه الطرف الخائن، كارسال رسالة أو صور محفوظة، وتشعر الزوجة أو الزوج بالأذى النفسي والعاطفي إذا كان مهتما، وقائما بكل واجباته ليقابل بالخيانة.
وتشكو رجاء صلاح (40 عاما)، ربة بيت، من انفصال عاطفي بينها وبين زوجها، بسبب كثرة انشغاله خارج البيت، وقضاء اغلب الوقت جالسا أمام شاشة الحاسوب، مدعيا أنه يعمل ولا ينتبه لها حين تتحدث معه أو تمزح، وتقول بصوت حزين: «اشك أحيانا أن لديه علاقة مع اخرى، ولكن ما يمنعني من طلب الانفصال عنه هو وجود أولادي، ولا أريد أن أسبب لهم التشتت والضياع».
بينما قرر وسام حسن (37 عاما)، الانفصال عن زوجته بعد اكتشاف خيانتها له مع أحد اقربائها، مبيناً: «كانت كثيرة الانشغال بهاتفها المحمول، ومهملة لواجباتها الزوجية والمنزلية إلى أن جاء اليوم الذي اكتشفت فيه الحقيقة، وهي خيانتها لي».
تبرير زائف
أبشع ما يدمر أي علاقة هي الخيانة الالكترونية بالرغم من أن هناك من يبررها، بأنها افتراضية وليست واقعية، إذ تبين التربوية أحلام إسماعيل: «أنها سلوك غير سوي، وتبقى خيانة في نهاية المطاف، ومن اسباب اللجوء اليها هو سهولة ارتكابها، واخفاء آثارها عن طريق حذف الدردشات، والوسائط المتعلقة بها كالصور والفيديوهات، ولأن فضاء الانترنت يحتوي على حرية أكثر».
وتضيف اسماعيل «هناك دلائل كثيرة تشير إلى وجود الخيانة منها، وضع كلمات سر على الهاتف المحمول أو جهاز الحاسوب، والاهتمام الشديد بالرسائل التي تصل، وسرعة الرد عليها، والترقب المستمر والانتظار، واخفاء الهاتف، أو اغلاق الجهاز اللوحي حين يأتي الشريك، ووجود حسابات سرية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو تقديم بعض الهدايا من دون مناسبة للشعور بالذنب، وتقديم جميع الحقوق لتجنب الاحساس بالخيانة».
ولتجنب الخيانة تنصح اسماعيل بتعزيز روابط المحبة، والتواصل بين طرفي العلاقة الزوجية، لكي لا يلجأ أحدهما إلى خيانة الآخر، والتفكير بمصير الأطفال، وما قد يحدث لهم عند الاقدام على هكذا أمر.
تفكك
إن تلك الظاهرة تتسبب في تفكك الأسرة، وتزيد من العنف الأسري، والمشاجرات المستمرة، نتيجة لسوء استخدام الاجهزة الذكية، والادمان عليها، وغياب الضوابط الدينية والاخلاقية لدى كثيرين، وشعور أحد الزوجين بالتعطش العاطفي، وكثرة الخلافات بينهما، وانعدام الرقابة، وتوفر الانترنت في كل مكان في البيت، والعمل والشارع، وقلة التواصل بين الزوجين، وانشغال كل واحد منهما عن الآخر ما يتيح الفرصة للخيانة.
د. احمد عباس الذهبي استاذ علم النفس في جامعة بغداد، أوضح: «الخيانة بكل أشكالها وأنواعها من أبشع ما يتعرض له المرء، ولا توجد هناك خيانة بيضاء أو سوداء، فالخيانة في مجملها سلوك شاذ من الشخص، ينم عن عدم الأمانة والثقة، والتي تتعدد أشكالها، ولكنها تظل خيانة وتستحق العقاب، وهناك كثيرون يمارسونها، ويستظلون تحت مظلة أنها افتراضية وليست
واقعية».
وتابع الذهبي: «بسبب الخيانة الالكترونية ارتفعت معدلات الطلاق في العراق، إذ وجدنا أن بين كل ست حالات طلاق، هناك حالتان ناتجتان عن الخيانة الالكترونية، وبسببها تمزقت مظلة القيم والأخلاق، واقول هنا ان الرجال هم أكثر خيانة الكترونية، واصبحت نساؤهم يمارسن الخيانة الالكترونية بسبب اهمالهم، وحدوث مشكلات كثيرة بين الزوج وزوجته بسبب مراسلاته مع بائعات الهوى الإلكتروني، وهنا اوجه اللوم الى الرجل الذي لم يحافظ على اميرته وحبيبته داخل البيت، فنحن الرجال بخلاء في المشاعر والعواطف، وأصبحت حياتنا صحراء قاحلة تحتاج من يرويها، ويجب علينا مراجعة انفسنا للمحافظة على بناء أسرنا، والحفاظ على أبنائنا، وأن اجمل هدية يقدمها الأب للأبناء هي حب أمهم، اقول هنا ان الرجل هو المسؤول عن خراب الاسرة».
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط