بين أرشفة الماضي ورقمنة المستقبل .. كورونا .. هل يغير العالم مناخه

بين أرشفة الماضي ورقمنة المستقبل ..

كورونا .. هل يغير العالم مناخه

عدي عدنان البلداوي

في تقديمه لكتاب الأسس النفسية للإبداع الفني ، كتب الدكتور يوسف مراد ( ان هناك من الماضي ماهو دائماً في الحاضر ولذلك يمكن ان نقرر اننا لا نفوز بالنشوة الجمالية إلا بقدر ما اكتسبنا من خبرات ماضية ولكن بعد إمحاء هذه الخبرات من ذاكرتنا أي بعد ان تكون قد تحوّلت الى جزء منّا غير متميز عنّا ، اي بقدر ما تكون قد أصبحت نحن لا لنا ولا منّا) . في النظام العالمي الجديد ينبغي ان يكون المواطن هو المعيار بكل ما في منظومته الآدمية من جسم ونفس تتحرك في إطار اخلاقي عرّفه الانبياء ووضّحوه من خلال رسالاتهم ..

ان العلاقات السياسية والتبادل التجاري والاقتصاد العالمي والسوق الموحدة ، لا ينبغي لها في النظام العالمي ان تتحرك على وفق الاختصاص الدقيق دون الأخذ بنظر الإعتبار النظم الإجتماعية للشعوب ، فلا ينبغي ان تكون الشعوب اوراق قمار في ايدي السياسيين يحتفظون بالرابحة منها ويتلفون الخاسرة ، ولا ينبغي لتدويل الإقتصاد والإنتاج ان يتعامل مع الفرد على انه مستهلك يرتجى من خلاله تحقيق استهلاك عالي من اجل معدلات ارباح عالية لصالح الشركات المنتجة والمصنعة ..

نحتاج الى قوالب اخلاقية حقيقية غير اصطناعية ، لقد اظهرت الأيام التي اجتاحها فيروس كورونا ان الناس لا تضحي بجانب تكوينها الروحي من اجل سلامة الجانب الجسمي ، فعلى الرغم من التحذيرات ، ومن مخاطر التجمعات ، ومن كثرة الإصابات بالفيروس ، خرج الآلاف في حوالي 30 ولاية امريكية منددين بالتمييز العنصري في 2020م على إثر حادثة مقتل ( جورج فلويد). وفي شمال الهند حيث سجلت البلاد ثاني اكبر عدد اصابات بفيروس كورنا في العالم واكثر من 150 الف حالة وفاة في 2021م ، خرج مئات الألوف من الهندوس للمشاركة في مهرجان ( كومبه ميلا ) الديني للإغتسال عند ملتقى نهري ( الغانج ويامونا ) لإعتقادهم ان الغطس في هذه المياه يخلصهم من خطاياهم حسب الأساطير القديمة ..

تدخل الفاعلية عاملاً مهماً في إعطاء الفكرة حضورها من عدمه أيّاً كانت تلك الفكرة – صحيحة او خاطئة – إذ يمكن ان تكون هناك فكرة صحيحة لكنها غير فعّالة ، ويمكن ان تكون هناك فكرة خاطئة لكنها فعّالة . هذه الفاعلية اذا واتتها بيئة جيدة اظهرت الفكرة الصحيحة وجعلتها مقبولة ، واذا حكمتها ظروف سيئة اضمرت تلك الفكرة الصحيحة أو البستها ثوباً مزيفاً ..

الفاعلية هي هيمنة نمط أو عرف أو مسلك اجتماعي يفرضه الواقع ، في ظروف عصرنا الراهن لا يستطيع احد ان يغفل اهمية الدخل المالي ، ولكن عندما يأخذ التفكير مساحة اكبر من فكرة الكسب السليم ، فإن مقدار الدخل كرقم يصبح فعّالاً اكثر من قيمة ونوع الدخل ، فتضيع بذلك فكرة اصالة وقيم الكسب المالي لتحلّ محلها ارقام تهدّد ثقافة الفرد وهويته تهديداً قد يفرض المغادرة أو التهميش على مفاهيم الرحمة والمودة والإنسانية .

يشهد العالم توسعاً كبيراً في علاقات التبادل التجاري والصناعي ودخول الماكنة الى الحقل وتنوع عمليات الإنتاج واكتشاف مصادر بديلة للطاقة بعد ان كانت معتمدة على الفحم والنفط ، ودور الهندسة الوراثية في تعديل المواصفات في عالم النبات والحيوان ، ودور العالم الإفتراضي في تسهيل اتصال الناس ببعضهم على اختلاف اماكنهم ولغاتهم وقومياتهم وظهور شركات عابرة للقوميات وما ترتب عليه من ظهور فرص عمل جديدة وفتح اسواق افتراضية وظهور افكار تجارية ومشاريع تحقيق ارباح طائلة لم يكن تحقيقها ممكناً قبل الثورة العلمية التكنولوجية ..

حذّر البنك الدولي من ظهور الملايين من الفقراء بعد الإضرار الكبير الذي لحق بالإقتصاد العالمي بسبب تفشي وباء كورونا ، وتقدّر الأمم المتحدة عدد الأطفال الذين تأثروا بإغلاق المدارس بسبب كورونا بحوالي مليار ونصف المليار طفل في العالم..

احصائيات اخرى تفيد بوجود حوالي 400 مليون شخص حول العالم فقدوا وظائفهم بسبب الجائحة ، فضلاً عن وجود 200 مليون عاطل اصلاً .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here