بائع الأحلام

البارحة تفرجت على فيلم برازيلي في موقع نيتفليكس باسم بائع الأحلام )The dream seller)

-الفيلم يتحدث كيف أن الرأسمال بكل قوته لا يجلب السعادة والفرح وكذلك كيف أن الغرق بالعمل الذي يتطلبه لأجل الوصول الى ارباح أكثر وأكثر يسحق بين طياته حياة الأسرة ودور أفرادها المهم في نشأت الأبناء.لااريد أن أفقد عليكم متعة مشاهدته بالحديث أكثر عنه.

-هذا الموضوع دفعني الى التفكير بقضية دور الأفراد بالأسرة وكيف أن هذا الدور عاش خلالأ كبيرأ ليس بالساعين وراء جني الأموال وانما حتى بالسياسيين .

لاشك أن الكثير مثلي عاش تجربة العمل السياسي المتعدد الأوجه (الأن حتى ناشطي منظمات المجتمع المدني) سواء في عملهم داخل منظمات جماهيرية أو منظمات حزبية وكيف أن هذا النشاط المستمر أخذ من وقتهم الكثير الكثير من الوقت على حساب عوائلهم وخاصة الأطفال الذين هم بأمس الحاجة لتواجد الوالدين معهم في الكثير من اللحظات سواء كانت في البيت أو في النشاطات خارج البيت ناهيك عن المتابعة الدراسية.

-بسبب تربيتنا السياسية الصارمة والتي لاتقبل الأعذار في الغيابات لهذه النشاطات (عاد يا ريت كلها تسوه التعب ) تجد الكثير منا يشعر بأنه مرغم على حضورها حنى وان لم يقتنع بجدواها الكبير ،والسبب هو عواقب هذا الغياب (نقد ،محاسبة ،الخوف على المكانة الشخصية داخل المجموعة،أو عدم التقييم الجيد للعضو وعرقلة تطوره داخل مجموعته السياسية ).

-اما بخصوص الرفاق الذين ذهبوا الى مواقع نضالية بعيدأ عن عوائلهم (كردستان أيام الكفاح المسلح،العمل السري والأختفاء ،السفر خارج البلاد……الخ) فهذا موضوع بحد ذاته يحتاج لوقفة جدية لدراسته بشكل معمق ناهيك عن تجربة ارسال الأبناء ليعيشوا مع ناس أو عوائل أخرى بسبب ظروف الوالدين السياسية (تجربة أيفانوفا في ثمانينات القرن الماضي ،تربية الأطفال عند الأقارب وغيرها من الأمثلة ) وكيف تركت هذه التجارب عقد ومشاكل نفسية للأطفال والأهل .

-كل هذه التجارب الغير طبيعية التي حدثت نتيجة العمل السياسي أثرت بشكل كبير على حياة الأسرة أطفالأ أو كبار ولهذا ليس من الغريب الأن أن الكثير ممن عاش هذه التجربة لو جرى سؤاله عن تلك المرحلة وهل أن عاد به الزمن سيقوم بنفس التصرف ،أجزم بأن الأغلبية سترفض تلك الحلول وتحاول أن تجد حلولأ أفضل لها ولعوائلها.

-أذن أين الخلل بهذه القضية؟

أعتقد بأن الخلل يكمن في أول الأمور بقضية النظر للعمل السياسي وكأنه يجب أن ينعزل عن ألأهتمام بالأسرة والخوف من التقييم السلبي للسياسي نتيجة هذه العلاقة .

كذلك قوانين هذه التنظيمات السياسية وتقاليدها التي لا تعير أهمية لدور الشخص باسرته وانما تريده جندي مطيع طيلة الوقت لما تحتاجه هذه التنظيمات .

-ماذا كانت النتيجة الأن نتيجة هذا الخلل؟

-النتيجة هي أبتعاد الكثير عن مواصلة العمل السياسي ،أبتعاد الكثير عن النشاط الكبير مثل السابق حتى وأن بقي الشخص داخل المجموعة السياسية،أبتعاد الكثيرعن تولي مهام من شأنها ان تتطلب نشاطأ أكبر وأكبر منه وغيابأ أكبر واكبر عن العائلة.

-الأن نلاحظ ظاهرة أبتعاد الكثير ممن تشهد ميادين النضال لهم عن أي عمل نضالي كبير وتغليبهم المشاركة عن بعد سواء عن طريق الكتابة أو أحيانأ قليلة حضور الفعاليات دون المساهمة الجدية بها.

-من يتضرر الأن ؟ بالتأكيد هذه المجاميع السياسية التي لم تفهم طبيعة هذه العلاقة الأجتماعية لأفرادها وتربط ذلك بنشاطاتها أو القوانين التي تسير عملها الداخلي .

-أذن الحل يكمن في كيفية التزاوج بين ما ذكر أعلاه وتخفيف القيود على عمل الأفراد المنتمين وكذلك اعطاء التقييمات الصحيحة للأفراد حسب وعيهم وكفاءتهم وليس على اساس الحضور لأنشطة المجموعة فقط.

-الحياة تغيرت واثبت الواقع بأن تأثير الأفراد لا يقاس بالحضور الدائم لهذه النشاطات السياسية بقدر ما يكمن في جدوى هذه الفعاليات وكيفية القيام بها ناهيك عن أن الأستفادة من الأفراد ممكنة حتى وان أن أبتعدوا عن النشاط المباشر داخل مجموعتهم السياسية حيث يمكن الأستفادة من هؤلاء بطرق متعددة (محاضرات ،كتابات ،القيام بمهرجانات ثقافية …..الخ).

-أعود لصلب الموضوع الأ وهو كيفية خلق التوازن الأجتماعي الأسري بين الفرد السياسي ونشاطه السياسي ومحاولة عدم أغراقه بهذه النشاطات ليفقد دوره المهم داخل الأسرة وبالتالي ينعكس سلبأ على حياته الأجتماعية وحياته السياسية لكي لا ينتهي الأمر بفقدانه أحدهم .

مازن الحسوني 2021 -7-10

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here