“الفدرالي الأميركي” في مأزق “رد فعل” التّضخم

 

ارتفاع قي اسعار المستهلكين

ارتفاع قي اسعار المستهلكين
بعد ساعات قليلة من صدور تقارير تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي سجل الشهر الماضي أكبر ارتفاع في معدّل أسعار المستهلكين (المعتمدة لقياس التضخّم) منذ 13 عاماً، ظهرت تقارير أخرى تظهر ارتفاع أسعار المنتجين أيضاً ارتفاعاً أكبر من المتوقع، لتؤكد مجتمعة أن التضخم الحالي ربما يرسخ لفترات أكبر من توقعات كل من الاحتياطي الفدرالي والبيت الأبيض.
وكانت المؤسستان قد أشارتا خلال الأسابيع الماضية إلى قناعة بأن التضخم المستفحل “وقتي”، مستندتين إلى أن أبرز عوامل الارتفاع “مرحلية” و”غير مستدامة” و”قليلة العدد”، وأن معظمها يعود إلى ضغوط فورة الطلب مع نقص المعروض عقب فتح الاقتصادات مباشرة، ما يعني أن آثارها في ارتفاع الأسعار ستتلاشى خلال الشهور المقبلة.
لكن الأرقام الأخيرة تضغط على الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) كثيراً لاتخاذ “موقف ما”، إذ إنها تزيد من ريبة الأسواق في استدامة التضخم من جهة، وفي ما إذا كان البنك المركزي سيضطر “فجأةً في لحظة ما” لاتخاذ قرار “من دون تمهيد كاف” برفع أسعار الفائدة… وهو أكبر مخاوف الأسواق والمستثمرين.
ويوم الثلثاء، قالت وزارة العمل الأميركية إن مؤشر أسعار المستهلكين زاد 0.9 في المئة الشهر الماضي، في أكبر ارتفاع منذ حزيران (يونيو) 2008، بعدما تقدم 0.6 في المئة في أيار (مايو).
وفي الاثني عشر شهراً حتى حزيران (يونيو)، قفز مؤشر أسعار المستهلكين 5.4 في المئة في أكبر ارتفاع منذ آب (أغسطس) 2008، وذلك عقب زيادة خمسة في المئة في الاثني عشر شهراً حتى أيار (مايو).
وباستثناء الأسعار المتقلبة للغذاء والطاقة، تسارع مؤشر أسعار المستهلكين 0.9 في المئة بعدما زاد 0.7 في المئة في أيار (مايو). وارتفع ما يُطلق عليه مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي 4.5 في المئة على أساس سنوي، في أكبر زيادة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 1991، بعدما صعد 3.8 في المئة في أيار.
وكان من المتوقع أن يواجه رئيس الفدرالي جيروم باول أسئلة وضغوطاً حول رؤيته في جلسة استماع في الكونغرس يومي الأربعاء والخميس. إلا أن خبراء في “جي بي مورغان” أشاروا، استباقاً، إلى أن الأرقام الدقيقة في بيانات التضخم تشير بالفعل إلى صحة وجهة نظر الفدرالي حول عوامل الارتفاع.
وبتحليل “النهار العربي” لبيان وزارة العمل الأميركية، فإن أسعار الغازولين على سبيل المثال، قفزت على أساس سنوي بنسبة 45.1 في المئة، وأيضاً أسعار السيارات والشاحنات المستعملة زادت 45.2 في المئة. وهي أمور تبدو بالفعل غير قابلة للتكرار، نظراً الى عاملين، أولهما أن عام المقارنة (2020) كان يتسم بتراجع اقتصادي عنيف، بخاصة في شهور الصيف التي تزامنت مع ذروة الإغلاق العالمي والتراجع الاقتصادي. وثانيهما، أن المقارنة الشهرية بدورها تتم بين شهر أيار (الذي شهد نهاية الإغلاق بدوره)، وحزيران (بداية الانفتاح الشّره)… وبالتالي، فإن قفزة الأسعار بهذا النمط لا يمكن أن تستمر نظرياً.
ورغم ذلك، فإن الفدرالي لا يزال مطالباً باتخاذ مزيد من الخطوات الفعلية لطمأنة الأسواق المرتعبة. ورغم صحة موقفه بالانتظار والترقب والتأني، فإن خبراء ومحللين يرون أن كل هذا البطء والبرود لا يناسبان الأسواق المشتعلة قلقاً.
وقد بدا البيت الأبيض أكثر حذراً عقب نشر بيانات التضخم، إذ قال مسؤول فيه، الثلثاء، إن إدارة جو بايدن تتوقع أن الضغوط على سلاسل الإمداد التي تغذي ارتفاع التضخم ستنحسر في “المستقبل غير البعيد”، لكن لا يمكنه أن يذكر موعداً محدداً.
وامتنع المسؤول عن تكرار توقعات سابقة بأن التضخم سيصل إلى ذروته في أشهر الصيف، مشيراً إلى استمرار حالة عدم اليقين التي تحيط بضغوط سلاسل الإمداد وظهور سلالات متحورة جديدة من فيروس كورونا.
المصدر: النهار العربي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here