الترجمة المتقنة: فن أو حرفة أم علم؟

الترجمة المتقنة: فن أو حرفة أم علم؟
ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد – كلية شط العرب الجامعة – البصرة [email protected]
تأليف: محمود أوردوداري Mahmoud Ordudari – أيران / جامعة أصفهان
ساعدت الترجمة عبر التاريخ الناس على التواصل اللغوي في مابينهم. ومن الناحية النظرية يمكن أن نعتبر الترجمة علما لكن من الناحية العملية يمكن أيضا ان ننظر الى الترجمة من الناحية المنطقية باعتبارها فنا. وبصرف النظر عن كيفية النظر الى الترجمة فلابد أن نضع في الحسبان أنها يجب أن تحقق ذات الوظيفة في اللغة الأصل TL مثلما يفعل النص الأصلي في اللغة المصدر SL.
1. مقدمة
لقد بذل الأنسان عبر مسار التاريخ جهدا واضحا للأستفادة من مختلف وسائل التواصل للأستعانة بها في معرفة الشعوب الأخرى وكذلك السعي لأيصال مثل هذه المعرفة للأجيال اللاحقة. وقد أستعين باللغة لجعل مثل ذلك التواصل ممكنا باعتبارها أكثر وسائل التواصل فعالية. على ان أختلاف اللغات في أرجاء العالم المختلفة كان يشكل عقبة أمام مثل ذلك التواصل. أما في وقتنا الحاضر فأن التواصل بين مختلف الشعوب بلغاتها المختلفة أصبح ممكنا من خلال الترجمة.
2. ماهية الترجمة
ماتعريف الترجمة؟ يورد قاموس ويبستر Webster’s New World Dictionary تعريفات عديدة للترجمة منها:
أ. صياغة نص ما بكلمات لغة أخرى.
ب. تغيير نص ما الى وسيلة أخرى أو شكل آخر بهدف نقل الأفكار الى اللغة الأخرى.
ج. أستخدام كلمات مختلفة وكذلك أعادة الصياغة لدى الأيضاح.
4. نقل (رسالة موجزة للغاية) من خلال الأستعانة بأداة ما ، كما أورد يازدون بانوه ) Yazdunpanuh 2000: 1). يذكر لويس Lewis (1958: 265) أن مفردة translate تتكون من المفردة اللاتينية translatus التي تعني (التحويل). وينظر فوستر Foster الى الترجمة بأعتبارها (فعل) يتم بموجبه نقل محتوى نص ما من اللغة المصدر الى اللغة الهدف. ويذهب كاتفورد Catford (1965: 20) ، الذي تجاهل الثقافة ، الى أن (الترجمة هي عملية أستبدال مادة نصية من لغة معينة بمادة نصية مكافئة لها في لغة أخرى). وعبارة (مادة نصية مكافئة) هي الأهم في تعريف كاتفورد ، مع ذلك تظل العبارة غير واضحة تماما في مايخص نوع الترادف. ويرى ليفي Levy (1967: 148) أن (الترجمة تمثل عملية تواصل تهدف الى معرفة النص الأصلي لفائدة القاريء الأجنبي). ويعبّر سيفيري Savory (1968: 37) عن وجهة نظر مشابهة فيذهب الى أن الترجمة تتحقق من خلال أيراد مايكافيء الفكرة التي تكمن وراء التعبيرات اللفظية المختلفة.
والترجمة ، التي تعود بداياتها الأولى الى (برج بابل) (فنلي Finlay ، 1971: 17) يمكن أن تعرّف على أنها (عملية تواصل ثنائية تتوسط بين لغتين تهدف في الأصل الى أنتاج نص في اللغة الهدف TL مكافيء من الناحية الوظيفية لنص في اللغة الأصلية SL) (أنظر رايس Reiss ، 1971: 161). ويعرّف بريسلين Brislin (1976: 1) الترجمة بالآتي:
تعمل الترجمة على نقل الأفكار والآراء من لغة الى لغة محددة (اللغة الأصل)
الى لغة أخرى (اللغة الهدف) ، سواء كانت اللغتان مكتوبتين أو يتم التحدث بهما
شفاها أو كانت اللغتان تحويان نظام تهجئة أو انهما لاتستندان الى اي توحيد معياري
أو أذا كانت كلتا اللغتين أو أحداهما تعتمدعلى الأشارات signs كما هو الحال في لغة
الأشارة للصم.
ويعرّف بينهوك Pinhhuck (1977: ص 38) الترجمة بأنها (عملية تهدف الى أيجاد مكافيء في اللغة الهدف لعبارة في اللغة الأصلية).ويشير ويلس Wilss (1982: ص 3) الى أن:
الترجمة عملية نقل تهدف الى تحويل نص مكتوب في اللغة الأصلية الى أفضل
مايمكن التوصل أليه من نص مكافيء في اللغة الهدف ، وهي عملية تتطلب
الفهم النحوي والدلالي والتداولي pragmatic فضلا عن العملية التحليلية للنص
الأصلي.
ويذكر نايدا Nida (1984: ص 83): (تكمن عملية الترجمة في أعادة أنتاج رسالة اللغة الأصلية في اللغة المستهدفة عبر التوصل الى أقرب مكافيء طبيعي من خلال المعنى أولا ومن ثم الأسلوب). ويذهب بيل Bell (1991: ص 8) ألى أن الترجمة تتضمن نقل المعنى من نص ما في لغة معينة الى نص آخر في لغة أخرى).
وتنظر سبيفاك Spivak (1992: ص 398) الى أن الترجمة بأعتبارها (فعل) قرائي صميمي الى حد بعيد فأذا لم يكن المترجم قارئا بارعا فأنه لايتمكن من الولوج الى دواخل النص أو التأثر بالنداء الخاص بالنص (ص 400). أما بازنيت Bassnett (1994) فترى أن الترجمة تتضمن تحويل نص من اللغة الأصل الى نص في اللغة الهدف (لكي نتأكد من (1) تشابه المعنى السطحي لكلتا اللغتين على نحو تقريبي، و (2) المحافظة على بنية اللغة الأصلية قدر الأمكان بشرط أن لايؤدي ذلك الى تشويه التراكيب اللغوية في اللغة الهدف بشكل جدي)(ص 2).
وفي ضوء النظر الى المترجم بأعتباره متعلما يصف روبنسون Robinson (1997: ص 49) (الترجمة بأنها نشاط ذكي يضم عمليات معقدة للتعلم الشعوري واللاشعوري) وهذا النشاط يقتضي حل المشكلات أبداعيا في الحالات النصية والأجتماعية والثقافية) (ص 51). وينظر حاتم وميسن Hatim and Mason (1997: ص 1) الى الترجمة بأعتبارها (فعل يفيد التواصل ويسعى لأن يحل محل فعل تواصل آخر عبر الحدود الثقافية واللغوية). ومن منظور هوبرت Houbert (1998: ص 1) فأن (الترجمة عملية يتم بموجبها تحويل لغة أصلية محددة من الناحية اللغوية ليتسنى لقراء اللغة الهدف فهمها). ويتبنى نوكويرا Nogueira (1998: ص1) وجهة نظر مغايرة حيث يؤكد أن( الترجمة تمثل عملا خدميا) ، في مايضيف حاتم وميسن (1990: ص1) أن (الترجمة حالة مفيدة لدراسة مجمل قضية دور اللغة في الحياة الأجتماعية).
ويمكن أيضا النظر الى الترجمة بأعتبارها (عملية خلق تكافؤ بين نصوص اللغة الأصلية ونصوص اللغة الهدف) (سعيدي ، 2004: ص 242) والتي تهدف الى أعانة (الناس على الفهم بلغتهم الأم وأحداث ذات التأثير الذي حمله النص الأصلي) (غالبيرت Galibert ،2004: ص 1). ومن ناحية دلالة المفردة (تدل الترجمة على “التحويل” أو “النقل” ، ومفردة translatio اللاتينية مشتقة من المفردة transferre ، حيث تعني -trans عبر و ferre النقل أو الجلب) (أنظر Translation ، 2005: ص1). ويعرّف كور Kaur (2005: ص1) الترجمة أساسا على أنها (أداة لحل المشاكل) أما سوجيموتو Sugimoto (2005) فيقول:
تعني الترجمة ببساطة تبديل طقم من الملابس بطقم آخر من الملابس يعطي
المعنى ذاته أو التفكير ذاته. وحين نفكر بثقافة الترجمة فعلينا أولا أن نفهم خلفيتها
ونولي بعض الأهتمام بالزمن الذي أنجزت فيه.
ويرى أديووني Adewunni(200: ص1) أن الترجمة ثمثل (واقعا رغم التعقيدات والشك المرتبطة بها أستنادا الى طبيعة العناصر ذات الصلة التي تشمل اللغة والثقافة والترجمة). وينظر تيانمين Tianmin(2000: ص1) الى الترجمة بأعتبارها شكلا من أشكال التواصل عبر الثقافات ويؤكد بأن الترجمة (تجريد آني من السياق ومن ثم أعادة السياق بشكل آني لذا يمكن أعتبارها عملا أنتاجيا وليس عملا يحمل في طياته عملية أعادة أنتاج …. أن الترجمة ليست بريئة أطلاقا).
2.2 مامواصفات الترجمة المتميزة؟
لقد أوصى مختلف الباحثين بضرورة وجود مجموعة من العوامل التي لابد أن تتوفر في الترجمة المتميزة ، فعلى سبيل المثال يقترح الباحث الفرنسي دوليه Dolet (1509 – 1546) أن على المترجم الذي يروم تحقيق ترجمة متميزة أن (يتحاشى الترجمة الحرفية) لكون مثل هذا النمط من الترجمة (يعمل على سوء تفسير محتوى النص الأصلي فضلا عن الأضرار البالغ بجمالية شكله) أو مثلما ورد في مايرمادي Miremadi (1993: ص 74). ويقدم تايتلر Tytler الدليل على أن (الأسلوب وطريقة العرض ينبغي أن لايتغيرا عن النص الأصلي) ، كما ورد في مايرمادي (1991: ص 93).
ويرى شومان Showman (1916 ، وفق ماورد في مايرمادي ، 1991: ص 34) أن الترجمة (خطيئة) ، ويراها فيلمور Phillmore (1919: ص4) بمثابة التغذية اللازمة لتطور لغة حديثة نوعاما. ويذهب ساوتر Souter (1920: ص 7) الى أن (هدفنا في الترجمة أن نحقق في أذهان القراء الأجانب ذات التأثير تقريبا الذي حققه النص الأصلي لدى قراءه). ويذهب بيلوك Belloc الى الأعتقاد بأن الترجمة المتميزة لابد أن تحمل في طياتها أمكانية أن تحظى بتقييم يصل الى حد أعتبارها (نصا رائعا لايختلف عن النص الأصلي)، ويضيف (أن الترجمة لابد أن تسعى شعوريا للوصول الى روح النص الأصلي على حساب الحروف) (ص 153).
ويعلّق بيتس Bates (1943: ص7) على أهمية الترجمة الوافية قائلا:(لايمكن أن يتحرك اي شيء دون ترجمة …، كما لايمكن أن ينتشر أي تغيير في الفكر أو في التكنولوجيا دون عون الترجمة). مع ذلك لاتشكل سائر أنواع الترجمة ذات الأهمية في هذا الصدد. ويشير أدواردز Edwards (1957: ص13) الى أننا (نتوقع توفر الصدق في ترجمة ما … فما نريد الحصول عليه هو أصدق أحساس ممكن أن يحمله النص الأصلي). ويؤمن نوكس Knox(1957: ص 5) بوجهة النظر ذاتها حين يشير الى ان الترجمة (ينبغي أن تقرا بذات الأهتمام والمتعة التي يقرأ بها النص الأصلي). ويبدو من ذلك أن كلا من أدواردز ونوكس يؤكدان على (التأثير المكافيء) بأعتباره معيارا في الترجمة المتميزة.ومن منظور فوستر Foster (1958: ص6). فأن الترجمة المتميزة الوحيدة هي تلك التي (تحقق الهدف ذاته في اللغة الجديدة مثلما حصل في النص الأصلي). من جانبه يرى نابوكوف Nabokov (1964: ص viii – ix) أن (الترجمة المتميزة أو الصادقة هي الترجمة الحرفية حيث يتعين النقل المحكم للقدرات الترابطية والتركيبية بقدر ماتسمح به لغة أخرى، أي المعنى النصي الدقيق للنص الأصلي) ليصل الى الأستنتاج بعد ذلك من أن (الترجمة الحرفية هي الترجمة الصادقة). ومن منظور نايدا Nida (1964) لايمكن اعتبار الترجمة الحرفية متميزة لأن عمليات النقل بموجب هذا النمط من الترجمة (تقدم ترجمة مشكوك فيها) (ص14). وفي مايخص صحة ترجمة ما يشير نايدا:
ينبغي أن تتقرر صحة الترجمة أستنادا الى المدى الذي تتمثل فيه المجاميع
المتماثلة للمكونات الدلالية بشكل دقيق في أعادة التركيب وليس بمجاميع المفردات
المتماثلة. ويبدو مثل هذا الأمر اساسيا أذا مثّلّ شكل الرسالة المتحقق في اللغة الهدف
أقرب مكافيء طبيعي لنص اللغة الأصلية.
ويشير بيرتن Burton (1973: ص 13) الى أن الترجمة الحرفية لاتعدو كونها (أكثر من كذبة ، فهي زائفة وتنم عن خدعة) وهي ليست ترجمة متميزة على الأطلاق. ونحن في عالمنا الحاضر نعتمد بشكل أساسي على الترجمة وأن كانت حرفية في شكلها حيث يشير تشوت Chute (1978) ، كما ورد في ميرمادي (1991: ص 21) ( أذا استبعدنا الترجمة فأن عالمنا سوف ينكمش كثيرا دون رحمة). ويكرر نيومارك Newmark (1988) ذات الفكرة التي أطلقها نابوكوف (1964) مشيرا ألى أن (الترجمة الحرفية تمثل أول خطوة في عملية الترجمة ، والمترجم المتمكن يتخلى عن الترجمة الحرفية حين تكون غير دقيقة الى حد بعيد … أوحين تكون مكتوبة بشكل سيء. أضف الى ذلك ان المترجم غير المتمكن يبذل قصارى جهده في العادة لتجنب الترجمة الحرفية) (ص 76).
ويقتبس ميرمادي (1991) أيستمان Eastman الذي يذهب الى القول بأن (سائر الترجمات تقريبا تتصف بكونها رديئة) (ص 33). من جانبه يشدد نيومارك على مايسميه (تعريف نايدا ، 1975، الكلاسيكي للترجمة باعتبارها تمثل أعادة أنتاج أقرب مكافيء لرسالة اللغة الأصلية) ويضيف قائلا :(أن هذا النمط من الترجمة يتسم بفخامته ودقته وأهتمامه بنظام المفردات الطبيعي ونشر الجمل والعبارات شائعة الأستعمال أكثر من مكافآتها الشكلية في اللغة الأصل والتوزيع العرضي غير الواضح لمعاني المفردات التي لايمكن ترجمتها (على سبيل المثال privacy, eclat, sauber, casamer) الخ بأكثر من كلمتين أو ثلاثة أو عبارة في اللغة الهدف ، فالترجمة المتمية تتسم بالبراعة والأتقان وفي عكس النص الأصلي كثيرا). ويرى عبدالله (1994: ص 70) أن الترجمة الناجحة تسعى للحفاظ على (الموارد الأسلوبية المناسبة للغة الأصلية). ويبيّن ماكنمارا McNamara :(2002: ص6) رايه في الترجمة المتميزة قائلا (أنها يجب أن تستخدم الأسلوب الخاص register ذاته). ويشير وارين Warren (2004: ص1) في هذا الشأن:
لقد حظي النص المترجم ولفترة طويلة بمنزلة متدنية نسبيا ضمن أطار الثقافة
الأكاديمية وذلك بسبب طبيعته المشتقة والثانوية على مايبدو. والترجمات تفتقر الى
(الأصالة) التي مايزال الكثير من مدرسي الأدب وطلبته ينظرون أليها باعتبار.
والترجمات تحظى بمبيعات كبيرة في التاريخ الأدبي حين تتمكن من تجاوز النصوص
الأصلية وتعمل بصفة تعبيرات (مستقلة ذاتيا). مع كل ذلك للترجمة القدح المعلى
في كتابات القرون الوسطى سواء كانت أدبية أو غير أدبية.
3.2 هل الترجمة فن أم حرفة أم علم؟
هل الترجمة دراسة علمية أم مسعى فنيا؟ هل هي نظرية قابلة للبحث أم حرفة فنية؟ وهل هي فرع من علم اللغة أو الأدب؟ ولأن الترجمة تستخدم وسيلة للربط بين ثقافتين فأنها تبدو نشاطا أو ظاهرة معقدة ذات أوجه متعددة.
ويذهب بنجامين Benjamin (1923) الى أن القرن العشرين قد دعي بعصر (أعادة الأنتاج أو النسخ) reproduction أو كما أشار جامبليت Jumplet (1923) بأنه (عصر الترجمة) (كما ورد في نيومارك (1988a: ص1). على أن الجدل الدائم حول ماأذا كانت الترجمة فنا أو علما قد أنطلق منذ زمن بعيد. وقد أرتأى بعض الباحثين أن الترجمة عملية تفكير نقدي ، عليه لايمكن ألا أن تكون ذاتية ولايمكن تنظيمها من خلال القوانين. وقد أعتبرت الترجمة فنا ثانويا رغم أنها تؤدي في الوقت الحاضر دورا حيويا في الشؤون الدولية. في هذا الشأن يرى بيلوك (1931: ص6) أن (الترجمة لم تحظ مطلقا بمنزلة العمل الأصيل وقد عانت الكثير في مايخص الحكم العام للأدب). ويؤكد سيفيري Savory (1957: ص 49) (حقيقة عدم وجود مباديء ترجمة مقبولة على نطاق عالمي لأن الناس الوحيدين المؤهلين لصياغة مثل هذه المباديء لم يتفقوا في مابينهم) ، وعليه لم يعتبر الترجمة علما.
وأعتقد آخرون مثل كيلي Kelly (1979: ص 51) وهيرونيمس Hieronymus (المعروف أيضا بالقديس جيروم St. Jerome الذي عاش في القرن الرابع الميلادي) وغيرهما ممن تبنوا آراء شيشرون Ciecro (106 – 43 ق.م.) أن الترجمة فرع من فن الخطابة في مايشير هولمز Holmes (1979a: ص 23) في أطار تحديد فرعين لدراسات الترجمة ،هما الصرف والتطبيقي، الى ان هدف دراسات الترجمة الصرفة هو العمل على وصف ظاهرة الترجمة وتقصي سائر الأوجه ذات الصلة بها. أما دراسات الترجمة التطبيقية فتركز على تطبيقات نظريات الترجمة على جوانب ترجمية مثل ممارسة الترجمة وتعليم الترجمة وتعلمها. وهو يعتقد أن سائر أنماط الترجمة المختلفة متداخلة مع بعضها وهي ترتبط بعلاقة جدلية. أما توري Toury (1995 – ص 7) فيرى بأن العلاقة بين دراسات الترجمة الصرفة والترجمة التطبيقية أحادية الأتجاه أما الدراسات النظرية فتعتبر مصدر معلومات للدراسات التطبيقية. أضف الى ذلك يظن توري (1982: ص 7) أن الترجمة بصفتها علما معرفيا تتخطى علم اللغة. ويطلق على ذلك مصطلح (متعددة المجالات) interdisciplinary . ويبدو من ذلك أنه يعتبر الترجمة علما. ويبدو أن هذا العلم يحظى بالترحيب الكبير من جانب باحثين يهتمون بالشكل (الحرفي) ، فعلى سبيل المثال يقتبس نورتن Norton (1984: ص 59) هوراس Horace (65 – 8 ق.م.) الذي يقول: (أن من واجب المترجم الأمين أن يترجم مايفهم حرفيا).
لكن جوكوفسكي Chukoviskii (1984: ص 93) لاينظر الى الترجمة بأعتبارها علما حين يشدد بأن (الترجمة ليست فنا فحسب وأنما فنا رفيعا). كما أن نيومارك (1988a) الذي يعتبر الترجمة (حرفة) (ص7) يرى أن (الترجمة الحرفية تمثل الأجراء الترجمي الأساسي في كل من الترجمة التواصلية والترجمة الدلالية حيث ان الترجمة تبدا من هناك). كما أنه يذهب بعيدا ويؤكد أن الترجمة الحرفية مافوق مستوى المفردة تمثل الأجراء الصحيح الوحيد أذا ماتشابهت معاني كل من اللغة الأصلية واللغة الهدف) (1988b: ص 70).
وينظر بعض الباحثين الى الترجمة باعتبارها علما. ورغم أن كلا من الدقة والقدرة على التنبؤ يمثلان ابرز صفتين لأي حقل علمي فأن بيركلي Berkeley (1991: ص83) يرى أن بعض العلوم ، خاصة تلك التي ترتبط بالأنسانيات، لاتتوفر على مستوى تنبؤ يصل الى 100%. ويرى ميرامادي (1991: ص39) أنه (سواء أعتبرنا الترجمة علما أو فنا فأنها ، بالمعنى الحديث ، تمثل نتاجا ثانويا لتاريخ طويل من التجارب والأخطاء والتطورات والتحسينات والتجديدات). من جانبه يرى لونغ Long(1996: ص10) أن الرغبة في جعل الترجمة علما لاتعدو اكثر من مجرد تفكير رغبي. وأورد زيكسي Zaixi (1997: ص 339) فكرة مماثلة حيث كتب :(تتصف الترجمة بكونها عملية نقل ، وهي في الأساس مهارة وتقنية يمكن أكتسابها. والترجمة تتضمن أستخدام اللغة على نحو أبداعي الأمر الذي يجعلها فنا كذلك وهي علم ايضا. وعلى نقيض ذلك يرى أن (الموضوع الذي يتخذ من الترجمة مادة للدراسة ينبغي التعامل معه بأعتباره علما لأنه عبارة عن نظام معرفة حول الترجمة يهدف الى أبراز القوانين الموضوعية الخاصة بعملية الترجمة) (ص 340).
وتشير منى بيكر Mona Baker (1998: ص4) الى أن الترجمة حقل معرفي أكاديمي مستقل وهي (مثل الحقول المعرفية الحديثة ينبغي أن تستفيد من نتائج الحقول المعرفية الأخرى ذات الصلة ونظرياتها بهدف تطوير اساليبها الخاصة بها وصياغتها). وعمد كارا Karra (2000: ص1) الى التمييز بين الترجمة والعلم قائلا: (لم يع زملائي تماما السبب الذي دفعني لأختيار عالم الترجمة بعيدا عن العلم). وينظر جبر Gabr (2001: ص2) الى الترجمة بأعتبارها حرفة وعلما في الوقت ذاته حيث كتب قائلا:(الترجمة حرفة لأنها تحتاج الى التدريب ، أي الممارسة تحت المراقبة، أما كونها علما فبسبب أعتمادها على النظريات اللغوية). ويرى هرزفيلد Herzfeld (2003: ص 110) أن الترجمة الأدبية تعتبر وسيلة فنية وأن هذا النمط من الترجمة يعمل على تحرير النص من أعتماده على المعرفة الثقافية السابقة). ويشير عزيزينزهاد Azizinezhd (2004: ص3):
تحمل الترجمة الكثير من الصفات المشتركة مع الفنون والعلوم. وتعتمد الترجمة
أحيانا على الجوانب الشخصية للمترجم وكذلك حدسه. والمترجمون مثل المؤلفين
الموسيقيين والرسامين غالبا مايجدون أمزجتهم وشخصياتهم متمثلة في نتاجاتهم. أن
العامل الأساسي الذي يحول دون أعتبار الترجمة فنا أن العامل المميز لنتاج الفنان هو
الجانب الجمالي على خلاف المترجمين الذين يتعين عليهم حل جملة من المشاكل المختلفة.
أن الترجمة فن وليس علما فهي معقدة أكثر بكثير من شكلها الظاهري (أنظر Translation ، 2005: ص2).
يظن الكثير من الدخلاء الجدد لميدان الترجمة خطأ أنها علم محض ، وهم
يفترضون خطأ أيضا أن علاقة متبادلة حرفية ومحددة الى حد بعيد توجد بين
المفردات والعبارات في اللغات المختلفة والتي تجعل الترجمات ثابتة لاتتغير
مثل الكتابة بالشيفرة. وهناك جدل أيضا حول ماأذا كانت الترجمة فنا أم حرفة.
وهناك مترجمو أدب مثل غريغوري راباسا Gregory Rabassa في عمله الموسوم
(أن كانت هذه خيانة) If This Be Treason يجادلون على نحو مقنع أن الترجمة فن
رغم أنه يقر أمكانية تدريس الترجمة. ويتعاطى مترجمون آخرون غالبيتهم من المترجمين
المحترفين الذين يتعاملون مع الوثائق الفنية أو القانونية أو الأعمال مع الترجمة بصفتها
حرفة ، ففضلا عن تدريسها فهي أيضا خاضعة للتحليل اللغوي وتستفيد من الدراسة
الأكاديمية. ويبدو أن معظم المترجمين يوافقون على ان الحقيقة تكمن وسط كل ذلك وتعتمد
على النص.
(, Translation 2005 ، ص 2)
3. خلاصة
يمكن النظر الى دراسات الترجمة بأعتبارها علما ، أما النتاج الترجمي فيبدو منطقيا النظر أليه بأعتباره حرفة أو فنا. وسواء كانت الترجمة علما أم فنا أم حرفة فمن الأهمية الأشارة الى أن الترجمة المتقنة لابد أن تؤدي الدور ذاته في اللغة الهدف مثلما يعمل النص الأصلي في اللغة الأصل.

المصادر
Abdulla, A.K. 1994. The translation of style. In de Beaugrande, R. et al (Eds.), Language, discourse and translation in the West and Middle East. Amsterdam: John Benjamins Publishing House.
Adewuni, S. (2000). Narrowing the gap between theory and practice of translation. Retrieved April 17, 2007 from http://accurapid.com/journal/36yoruba.htm
Azizinezhad, M. (2004). Is translation teachable? Retrieved April 17, 2007 from http://accurapid.com/journal/36edu.htm
Baker, M. (Ed.). (1998). Encyclopedia of translation studies. London: Routledge.
Bassnett-McGuire, S. (1980). Translation studies. London & New York: Methuem.
Bates, E.S. (1943). Intertraffic: studies in translation. London: J. Cape.
Bell, R. T. (1991). Translation and translating: theory and practice. London & New York: Longman.
Belloc, H. (1931). On translation. Oxford: Oxford University Press.
Benjamin, W. (1923). The translator’s task. In H. Andret (Ed.), Illuminations. London: Cape.
Berkeley, R. B. (1991). The craft of public administration. UK: Brown Publishers.
Brislin, R. W. (1976). Translation: application and research. New York: Gardner Press Inc.
Catford, J.C. (1965). A linguistic theory of translation. London: Oxford University Press.
Chukovskii, K. (1984). The art of translation. London: Oxford University Press.
Edwards, A. D. (1957). Language in culture and class. London: Heinemann.
Finlay, I. F. (1971). Translating. Edinburgh: The English University Press.
Foster, M. (1958). Translation from/into Farsi and English. Retrieved April 1, 2007 from http://www.parsa-ts.com/index.htm
Gabr, M. (2001). Program evaluation: a missing critical link in translator training. Retrieved April 3, 2007 from http://accurapid.com/journal/15training.htm
Galibert, S. (2004). A few words on translations. Retrieved April 3, 2007 from http://accurapid.com/journal/29accom.htm
Hatim, B. & Mason, I. (1997). Translator as communicator. London and New York: Routledge.
Herzfeld, M. (2003). The unspeakable in pursuit of the ineffable: representations of untranslatability in ethnographic discourse. In P. G. Rubel & A. Rosman (Eds.), Translating culture: perspectives on translation and anthropology. Oxford: Oxford University Press.
Holmes, J.S. (1979a). The name and nature of translation studies. 3rd international congress of applied linguistics. Copenhagen. 88.
Houbert, F. (1998). Translation as a communication process. Retrieved November 1, 2006 from http://accurapid.com/journal/05theory.htm
Jumplet, R.W. (1961). Die ubersetzung naturwissenschaftlicher und technischer literature. Berlin/Schoenberg: Langenscheidt.
Karra, M. (2000). Science or translation. Retrieved November 17, 2006 from http://accurapid.com/journal/11sci.htm
Kaur, K. (2005). A competent translator and effective knowledge transfer. Retrieved April 3, 2007 from http://accurapid.com/journal/34edu.htm
Kelly, L. G. (1979). The true interpreter. New York: St. Martin.
Knox, R. A. (1957). On English translation. Oxford: Oxford University Press.
Lewis, M. M. (1974). Language in Society. London: Nelson.
Long, L., (1996). Discarding illusions for practical work. Linguistic journal, 22 (2), 38-44.
McNamara, G. (2002). Quality web site language, articles for free use. Retrieved April 20, 2006 from http://www.translateme.co.nz/Articles/Article16.htm.
Merriam-Webster collegiate dictionary (10th Ed.). (1993). Springfield, MA: Merriam-Webster.
Miremadi, S.A.(1991). Theories of ttt and interpretation. Tehran: SAMT Publication.
Newmark, P. (1988a). A Textbook of Translation. Hertfordshire: Prentice Hall.
Newmark, P. (1991). About Translation: Multilingual Matters. Clevedon, Philadelphia, Adelaide: Multilingual Matters Ltd.
Nida, E. A. (1964). Towards a science of translation, with special reference to principles and procedures involved in Bible translating. Leiden: Brill.
Nida, E. A. (1971). Semantic components in translation theory. Cambridge: Cambridge University Press.
Nida, E. A. (1975). Language, structure, and translation: essays by Nida. Stanford: Stanford University Press.
Nida, E. (1984). On translation. Beijing: Translation Publishing Corp.
Nogueira, D. (1998). The business of translating. Retrieved November 17, 2006 from http://accurapid.com/journal/06xlat1.htm
Norton, G.P. (1984). The ideology and language of translation in Renaissance France and their humanist antecedents. Oxford: Oxford University Press.
Phillimore, J.S. (1919). Some remarks on translation and translators. Oxford: Oxford University Press.
Reiss, K. (1989). Text types, translation types and translation assessment. In Chesterman, A. (Ed.), Readings in translation theory (pp. 105-15). Helsinki: Oy Finn Lectura Ab.
Robinson, D. (1997). Becoming a translator: an accelerated course. London: Routledge.
Sa’edi, K. (2004). An introduction to the principles and methodology of translation. Tehran: University Center Publications.
Savory, T. (1969). The art of translation. London: Jonathan Cape Ltd.
Spivak, G. (1992). The Politics of Translation. In A. Barrett (Ed.), Destabilizing theory: contemporary feminist debates (pp. 177-200). London & New York: Routledge.
Sugimoto, T. (2005). The inception of translation culture in Japan. Retrieved November 23, 2006 from http://www.erudit.org/revue/meta/1988/v33/n1/004311ar.pdf
Tianmin, S. J. (2000). Translation in context. Retrieved November 23, 2006 from http://accurapid.com/journal/36context.htm
Toury, G., (1982). Translation across cultures. New Delhi: Bahri Publications.
Toury, G., (1995). Descriptive translation studies and beyond. Amsterdam: John Benjamins Company.
Translation. (2005) Retrieved November 11, 2006 from http://en.wikipedia.org/wiki/Translation

Warren, M.R. (2004). Medieval Translation and Postcolonial Theory. Retrieved June 10, 2006, from http://acl.ldc.upenn.edu/coling2004/W5/pdf/W5-11.pdf
Zaixi, A. (1997). Reflections on the science of translation. Babel, 43 (4), 332-352.

https://translationjournal.net/journal/43theory.htm

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here