حرائق مع سبق الاصرار والترصّد

حرائق مع سبق الاصرار والترصّد

عباس الصباغ

لايعجبني الالتجاء الى نظرية المؤامرة كحلّ لوضع تفسير لأحداث او كوارث غامضة تقع هنا او هناك وهي كثيرة في خارطة المشهد العراقي ، ولكن لابد من وضع اليد على “الجرح” كما يقال، فمن غير المعقول ان تسجّل الحرائق التي تحدث في كل مكان على الساحة العراقية (اي شيء قابل للاحتراق ) ضد “مجهول” ، ولكن ليس بهذه الصورة فمن غير المعقول ان يحترق وطن بأكمله بسبب تماسّ كهربائي او لسوء استخدام الطاقة الوطنية او لأسباب اخرى كالارتفاع الحاد في درجات الحرارة والى نصف درجة الغليان ، ابتداءً من حقول الحنطة والبساتين وليس انتهاء بالمستشفيات والمعامل وقد يكون ماسجّل من اسباب كواقع حال ولكن ليس بهذه الكثرة غير المسبوقة ولم تسجل كثافة للحرائق بهذا الشكل من قبل والمعروف ان صيف العراق القائظ يشهد درجات حرارة تجعله في مقدمة البلدان الاعلى في درجات الحرارة عالميا ،او ان البعض قد لايحسنون استهلاك الطاقة الكهربائية ، وان البنى التحتية لهذه الطاقة متهالكة جدا الامر الذي يسبب الحرائق في كل مكان اذ لاتوجد دولة بالعالم سجلت هذا العدد من الحرائق العفوية منها او المفتعلة .

ولكن جميع ماتقدّم من اسباب لايبدو للمتابع المنصف سببا مقنعا لاندلاع حدوث آلاف الحرائق منذ بداية فصل الصيف الحالي ولحد الان ومايزال المسلسل مستمرا والى درجة تكتظّ جميع وسائل الاعلام بما لايحصى من الاخبار والقصص والصور والفيديوهات بشكل ممنهج لكل حريق كأن القصد بها الحاق الضرر الفادح باقتصاد البلد والمواطنين فضلا عن زرع الرعب والضجر وعدم الثقة بالحكومة واثبات بان الفاعل مازال مسيطرا على الساحة ويمتلك ادوات اللعبة وان الطرف الاخر (العراق حكومة وشعبا) يقعون تحت رحمته.

وبحسب رأيي ان الهدف المتوخى من هذه الجرائم التي تحتاج الى استعدادات كبيرة لوجستيا وتكتيكيا تحمل بصمات فلول داعش المتبقية في العراق بالتعاون مع الخلايا النائمة (وهي ليست نائمة كما يبدو) ، فكما انتج التعاون المسبق بين هؤلاء مع امتدادات داعش من ايتام النظام السابق عن زرع كل شبر من العراق بالعبوات الناسفة والمفخخات التي حوّلت اجساد الابرياء الى اشلاء هاهم يعودون اليوم ولكن بأسلوب تدميري مختلف وذلك بافتعال الحرائق واشعالها في ذات الأماكن التي تم تفجيرها وتفخيخها من قبل. استنتجت ذلك من المعطيات المتوافرة من السجل الاجرامي لداعش وخلاياه النائمة مع العراق حكومة وشعبا وبنى تحتية ومرتكزات حضرية وبطريقة لاتخلو من القصدية في زرع الدمار في كل مكان من ارض العراق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here