معهد واشنطن للدراسات: هل ما زال العراق يشكل أهمية لواشنطن؟

ترجمة / حامد أحمد

خلال استقباله الاثنين لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في المكتب البيضاوي تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ودعم العراق في مجال الحرب ضد داعش والتعاون الاقتصادي والتنسيق في مجال الطاقة النظيفة والتغير المناخي ودعم الانتخابات المبكرة القادمة.

على الرغم من الاعتقاد السائد من ان العراق، والشرق الأوسط بشكل عام، لم يعد من ضمن أولويات السياسة الخارجية لإدارة بايدن، فان هناك مؤشرات واضحة من ان العراق ما يزال يشكل أهمية بالنسبة للولايات المتحدة وان الكاظمي وحكومته هم شركاء تستطيع الولايات المتحدة ان تعمل معهم وتدعمهم من خلال الحفاظ على الشراكة الستراتيجية بينهما.

انها الزيارة الثانية للكاظمي للبيت الأبيض في اقل من سنة التقى خلالها برئيسة البرلمان، نانسي بيلوسي، وأعضاء آخرين في الكونغرس. وتأتي زيارته عقب جولة الاسبوع الماضي من الحوار الستراتيجي الأميركي – العراقي المستند لاتفاقية إطار العمل الستراتيجي المشترك لعام 2008 وكذلك لاعادة تأكيد تعاونهما في مجالات عدة من بينها الامن والصحة العامة والتعاون الاقتصادي والطاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها والمساعدات الإنسانية وفي مجال التبادل الثقافي والتربوي، من بين أشياء أخرى.

في مجال الحرب ضد داعش، وبسبب التعاون الثنائي بين البلدين، فان العراق سيستمر بتلقيه للمعونة العسكرية والإنسانية من الولايات المتحدة. الحكومة العراقية قطعت أشواطا في حربها ضد داعش وملاحقة خلاياه النائمة، وتمثل ذلك بقتل ما يسمى بوالي العراق ونائبه والقاء القبض على والي بغداد مع تنفيذ عمليات عسكرية استباقية ومواصلة الضغط على التنظيم لمنع ظهوره من جديد. رغم ذلك ما يزال داعش يشكل تهديدا، وسط معاناة البلاد من موروث انساني صعب عقب مرحلة الحرب ضد داعش حيث ما يزال اكثر من مليون شخص يعيش حالة نزوح اغلبهم من ذوي الأقليات العرقية والدينية وتحتاج هذه الأمور لمعالجات إنسانية، على الجانبين العراقي والأميركي العمل اكثر تجاه معالجة هذا الجانب الإنساني.

التحديات الاقتصادية والفساد الممنهج يمكن لوحدهما ان يتسببا بعدم استقرار العراق. وان زيادة نفوس العراق بمعدل مليون شخص سنويا من شأنه ان يزيد الوضع سوءا. تبنت حكومة الكاظمي ورقة الإصلاح الاقتصادي البيضاء وبذلت جهودا لزيادة واردات الدولة من خلال سيطرة أفضل على المنافذ الحدودية وتقليل برامج الانفاق، ولاحقت أيضا مسؤولين بتهم فساد. مع ذلك فان نتائج هذه الإجراءات قد تستغرق سنوات لكي يشعر بها الناس. بإمكان الولايات المتحدة دعم العراق من خلال برامج فنية لتنفيذ إصلاحات حكومية في مجال مكافحة الفساد. وان استقطاب شركات أميركية للعمل والاستثمار في العراق هو توجه يحاول الكاظمي تعزيزه أكثر.

أولويات إدارة بايدن، مثل الطاقة البديلة النظيفة وقضايا التغير المناخي، قد تم عكسها أيضا في مناقشات وبيان الحوار الستراتيجي المشترك بين الولايات المتحدة والعراق. العراق قد يستعين بالمساعدة الأميركية في انهاء عملية حرق الغاز وهدره، وتوليد طاقة كهربائية بالاستعانة بالطاقة الشمسية، وتحويل محطات توليد الطاقة من استخدام الوقود الزيتي الى استخدام الغاز الطبيعي. قد تفضي هذه الأمور لإنتاج طاقة نظيفة أكثر مع تلوث أقل والحد من التأثيرات البيئية السلبية، فضلا عن تحقيق مكتسبات اقتصادية.

خلال السنوات الأخيرة مارست الولايات المتحدة ضغطا على العراق للاستثمار في مجال تصنيع الغاز المنبعث وإيقاف استيراده من ايران. وبينما اتفق العراقيون مع القيمة الاقتصادية والبيئية لتصنيع الغاز المصاحب واتخذوا خطوات في هذا الاتجاه، ومع بدء المحطات بالعمل خلال السنتين القادمتين، فانهم أشاروا أيضا الى ان معظم الانبعاثات تأتي من حقول تديرها شركات غربية.

وبخصوص دعم الانتخابات، فان الولايات المتحدة قد تعهدت بصيغ مختلفة من الدعم السياسي والمساعدات للانتخابات البرلمانية القادمة المزمع اقامتها في تشرين الأول 2021. ووفرت الحكومة العراقية من جانبها لتحقيق هذا الهدف، من بين أشياء أخرى، دعما بتشكيل مفوضية جديدة للانتخابات وإدخال قانون انتخاب جديد ورصد ميزانية مناسبة وتسجيل المرشحين.

ولكن من جانب آخر فان الانتخابات تواجه تحديات مع اعلان كثير من الأطراف السياسية عن عدم مشاركتهم في الانتخابات القادمة. يقولون ان البيئة غير مناسبة لانتاج انتخابات حرة نزيهة وموثوقة وذلك لانتشار المال السياسي ومجاميع مسلحة واستمرارية استهداف الناشطين المدنيين.

التوجه نحو مقاطعة الانتخابات بدأ مع قيام مجاميع مدنية، كانت جزءا من حركة الاحتجاج، بالإفصاح عن مقاطعتها للانتخابات بسبب التهديدات التي واجهوها خلال حملتهم الانتخابية، ثم جاء الإعلان من كتلة حزبية اكبر متمثلة برجل الدين مقتدى الصدر الذي اعلن مؤخرا بانه لن يشارك في الانتخابات القادمة، أحزاب سياسية أخرى حذت الحذو نفسه.

الحكومة العراقية والمجتمع الدولي يواجهان مشكلة الآن بهذا الخصوص، الالتزام بموعد الانتخابات المبكرة المحدد او تأخيرها لحد موعدها الأصلي في 2022. كل من الخيارين قد تكون له تأثيرات مزعزعة على المستوى العام. يتطلب من الجانب العراقي والمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات تهدئة والتفكير بخطط لتلافي هذا الوضع.

الولايات المتحدة ستقدم الدعم الذي تراه معقولا بحكم موقفها السياسي والاقتصادي والأمني. ولكن الولايات المتحدة ليس لديها الحماس ولا التمويلات لتوسيع مستوى الدعم وتوفير الموارد التي يحتاجها العراق لحل مشاكله المعقدة واحتياجاته العميقة الملحة المتعلقة بالجانب السياسي والإداري والاقتصادي والصحي واحتياجات إعادة الإعمار. الولايات المتحدة ستوفر حدا معينا من المساعدات في هذه المجالات.

 عن موقع (INKSTICK) الإخباري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here