التشخيص قبل تعديل النظام العلاجي أمر محوري لمرضى التصلب المتعدد

مقال رأي بقلم الدكتور حسن الحمداني  بروفسور في كلية الطب / جامعة النهرين

 

التقييم الفردي لعدد من العوامل مهم قبل اختيار أو تعديل النظام العلاجي الخاص بمرضى التصلب المتعدد بما فيهم المريضات الراغبات بتكوين عائلة

 

 

يُعتبر التصلب المتعدد مرضاً تزداد قرارات علاجه تعقيداً مع توفر العديد من العلاجات الجديدة، وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي لهذه العلاجات يتمثل في تأخير تطور المرض والإعاقة التي قد يتسبب بها، فمن المهم ضمان اختيار العلاج الصحيح الذي يتلاءم مع المريض في جميع مراحل حياته، بما في ذلك المريضات اللواتي يرغبن بتكوين عائلة.

 وتتضمن العوامل التي يمكن أن تساعد الأطباء على تحديد العلاج الصحيح للمرض سجل الانتكاسات السريرية للمريض والتغييرات في قراءات الرنين المغناطيسي[1] مع مرور الوقت لإظهار تقدم نشاط المرض ومدى قابلية التعرض للعدوى وأي مؤشرات تصاعدية على الإعاقة[2]. ومن الضروري كذلك مراعاة مدى تحسن استجابة المناعة الذاتية وهجماتها على المايلين في المخ والنخاع الشوكي.[3]

 وعادةً تكون نسبة الإصابة بالانتكاسات عند النساء أقل أثناء فترة الحمل[4]، لذا في حال أصبحت المريضة حاملاً في فترة العلاج فقد يوصي طبيب الأعصاب أو بتغيير مسار العلاج أو إيقافه تدريجياً، وذلك بحسب المأمونية والمخاطر على الأم وجنينها. وفي حال تم إيقاف العلاج بصورة مفاجئة وبدون استشارة طبية فإنه قد يستغرق شهوراً لاستعادة الفاعلية الكاملة عند الخضوع للنظام العلاجي مرةً أخرى، وقد يؤدي الى انتكاسات عكسية خلال الأشهر الأولى بعد الولادة، لذا من المهم للغاية ضمان الاتساق وعدم التوقف عن اتباع العلاج أو تغييره دون الفهم الكامل لحالة كل مريض على حدة.

 ويجب إجراء عملية التقييم الشامل للمخاطر على مدى أشهر لمراقبة آلية عمل العلاج وفيما إذا كان فعالاً في إيقاف هجمات المرض، كما يُوصى بإجراء تحاليل دموية بانتظام لمعرفة تأثير العلاج على تعداد خلايا الدم البيضاء ووظائف الكبد.

 ويجب تحديد المرضى المعرضين لخطر التوقف عن العلاج[5] في مراحل مبكرة وذلك حرصاً على توفير الرعاية الصحية اللازمة لهم. وتغطي الحكومة العراقية كامل تكاليف علاجات التصلب المتعدد، كما تقدم جمعية حياة” لرعاية المرضى دعمها لعدد من شبكات الرعاية الخاصة بالمصابين بهذا المرض.

 ويتم تحديد العلاج (أو أحد تعديلاته) المناسب لمرضى التصلب المتعدد من خلال العديد من العوامل كمدى تقبّل المريض للعلاج [6]وطريقة استخدامه وعمر المريض ومدة المرض والأمراض المصاحبة والعناية الطبية وإمكانية الوصول إلى دعم من مقدمي الرعاية، وبغض النظر عن العلاج المُتبع فإن دعم التمريض يلعب دوراً حيوياً في ضمان نجاح هذه البرامج[7] من خلال تعزيز الالتزام بها.[8]

 وعلى الرغم من ضرورة مواصلة إجراء الدراسات المكثفة وتسريعها، فبإمكان النساء اليوم البدء على الأقل بخططهن العلاجية أو متابعتها مع التحديث الجديد[9] في النشرة الدوائية لعقار إنترفيرون بيتا. التصلب المتعدد الناكس الهاجع: هو أكثر أشكال هذا المرض شيوعاً ويصيب حوالي 85% من المرضى[10] ، ويتميز بنوبات انتكاسية تليها نوبات من الهدوء والاستقرار عند تحسن الأعراض أو اختفائها. وبالنسبة للعديد من المرضى فإن العلاج المتضمن عوامل لتعديل هذا المرض يساعد في تأخير أعراض الشكل التدريجي الثانوي منه، وتُعتبر إدارة تطور المرض لحين ظهور علاج كامل هي الخيار الأفضل بالنسبة للكثيرين ومن بينهم المريضات الراغبات بتكوين عائلة.

 وفي نهاية المطاف، لا يتعلق الأمر بأحدث العلاجات بقدر تعلقه بكيفية استجابة كل مريض للعلاج مع حصوله على أفضل نتائج سريرية وجودة حياة ممكنة. وبالنسبة للنساء المصابات بمرض التصلب المتعدد فثمة عوامل إضافية تلعب دوراً في اختيار العلاج المناسب لهن، من ضمنها سن الإنجاب والتاريخ الطبي العائلي المتعلق بأمراض أخرى. وتجدر الإشارة إلى عدم وجود طريقة واحدة تناسب الجميع لعلاج التصلب المتعدد، إذ يجب أولاً تشخيص حالة المريض بجميع تفاصيلها ومن ثم تقديم المشورة له.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here