محمية إيران في العراق: جرف الصخر مادة إعلانية دسمة.. هل يعود نازحوها بعد تراشق الحلبوسي والخنجر؟

أشعلت قضية إعادة نازحي جرف الصخر إلى منازلهم حفلة من التجاذبات السياسية والاتهامات بين أكبر الكتل السنية، حيث اعتبر تحالف «تقدم» بقيادة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، الحملة التي يقودها رئيس تحالف «عزم» بقيادة خميس الخنجر لإعادة النازحين من أهالي جرف الصخر، «دعاية انتخابية».

وأعلن الخنجر، عن وجود «خطة منضبطة» تعمل على إعادة نازحي جرف الصخر إلى منازلهم.

وقال الخنجر في بيان له: «أقف اليوم لأعلن لكم عن انطلاق خطوة منضبطة وبتخطيط محكم لعودة أهالي جرف الصخر»، مضيفاً أنهم دخلوا «بفريق من الأعيان والوجهاء تمهيدا لانطلاق قوافل أهلها وعودتهم إلى منازلهم سالمين آمنين».

وندد الخنجر بـ «كل الأبواق والصغار الذين حاولوا عبثا عرقلة هذه الخطوة التاريخية لحسابات انتخابية مريضة وطمعا بكرسي سيزول قريبا عنهم».

يشار إلى أن جرف الصخر، والتي تم تبديل اسمها إلى «جرف النصر»، وذلك بعد هزيمة داعش، هي ناحية تبعد حوالي 60 كم جنوب غرب بغداد وشمال مدينة المسيب على بعد 13 كم، أغلبهم من قبيلة الجنابيين من الفلاحين العاملين بالزراعة.

وأخليت ناحية جرف الصخر من سكانها، ولم يتبق فيها سوى القوات العراقية التي ترفض عودة الأهالي إلى البلدة منذ استعادتها من تنظيم داعش أواخر تشرين الأول 2014.

وتكتسب ناحية جرف الصخر شمال محافظة بابل العراقية أهمية استراتيجية بالغة، نظراً لطبيعتها الجغرافية الصعبة، وموقعها المهم الذي يربط بين المحافظات الغربية والوسطى والجنوبية.

«تراشق فيس بوكي»

وتبادل كل من الزعيمين السنيين الخنجر والحلبوسي التراشقات والاتهامات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصل الأمر إلى تناول أمور شخصية.

وكتب الحلبوسي في رسالته للخنجر: «حاولت مراراً وتكراراً أن أغلب المصلحة الوطنية وقضية أهلنا السنة عن الخلافات وصغائر الأمور التي لا تجدي نفعاً، وحاولت أن أصدقك أكثر من مرة وأغض النظر عن نباح كلابك ومغامراتك بأهلنا عسى ولعل أن ينصلح حالك».

وأضاف الحلبوسي «قررت ولست متردداً أن أتصدى لك ومؤامراتك الرخيصة، ولن أسمح لك ببيع ما لا تملك، وتأكد بأنك لو ملكت مال قارون ستبقى تابعاً ذليلاً صغيراً، وسأعيدك بإذن الله إلى حجمك الذي تستحقه»، حسب تعبيره.

من جهته رد الخنجر قائلاً: «لست بحجمك ووزنك حتى أستخدم نفس الألفاظ، لكني أعدك أنني سأبقى مدافعاً عن حقوق أهلي التي ضيعتها خوفاً على منصبك الذي أورثك ذلاً يسمح لك بالتطاول على شركائك في المكون فقط! بينما لم نسمع لك إلا الخنوع والتصفيق أمام الآخرين»، مضيفاً «أرجو أن تتذكر دائماً أنني أنا الذي أوصلك إلى مكانك الزائل، وأنا بقوة الله من سيعيدك إلى حجمك الصغير»، وفق قوله.

هل سيعود النازحون؟

ويكاد لا يخلو أي خلاف سياسي من أهداف ومصالح شخصية، فبعد أن كانت منطقة جرف الصخر تشكل خلافاً سنياً شيعياً، أصبحت في ليلة وضحاها خلافاً سنياً سنياً، والأسباب كما يراها مراقبون هو محاولة الظفر بهذه الخطوة من كلا الطرفين لأغراض الإنتخابات التي باتت على الأبواب.

بدوره يرى الخبير في الشأن الأمني العراقي ميثاق القيسي، أن «قرار إعادة نازحي جرف الصخر لا يمتلكه الحلبوسي ولا الخنجر ولا حتى الميليشيات، بل إن من يمتلك هذا القرار هي طهران وحدها».

وأضاف القيسي في تصريح لـ (باسنيوز)، إن «ايران لن تتخلى بأي شكل من الأشكال عن سيطرتها الميدانية على منطقة جرف الصخر لأي طرف عراقي، كونها تعتبر المعقل الأكبر للميليشيات وترسانتها الحربية، حيث تم بناء مصانع ومخازن كبيرة للأسلحة وسجون سرية في هذه المنطقة، والذي يعتبر موقعها الجغرافي وطبيعتها الزراعية بيئة مناسبه جداً لهذه الفصائل».

ولفت إلى أن «الفصائل الموالية لإيران تحاول ضم المزيد من المناطق إلى جرف الصخر كنوع من التوسع، فهي تسعى لتحويل منطقة الطارمية إلى منطقة مشابهة لجرف الصخر بعد إخراج جميع ساكنيها بدعوى وجود إرهابيين».

وتابع القيسي، أنه «من المحتمل إعادة بعض العوائل التي تقع منازلهم في أطراف المنطقة لإيهام العراقيين والمجتمع الدولي بأن الفصائل ليس لها علاقة بهذا الملف، وكذلك كسب حليف سياسي مهم وهو الخنجر للانضمام إلى التحالفات الشيعية بعد الانتخابات».

لماذا غضب الحلبوسي؟

ويرى مراقبون، أن ما أثار حفيظة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي زعيم تحالف «تقدم» هو أن قضية إعادة النازحين إلى جرف الصخر أصبحت لصالح خميس الخنجر الذي يعتبر المنافس الأول للحلبوسي في المحافظات والمناطق السنية.

وقال الحلبوسي خلال مقابلة متلفزة رداً على سؤال حول حقيقة عودة نازحي جرف الصخر بحلول العيد، إن «البعض يبتعد عن طبيعة الملف الإنسانية ويحاول ترويجه كدعاية انتخابية».

وأضاف أن «الحديث سابقاً عن أسباب عدم عودة النازحين كان يتعلق بالوضع الأمني والخدمي ووجود مطلوبين»، منتقداً «التذرع بالحجة الأمنية في قضية نازحي جرف الصخر».

وتابع الحلبوسي بالقول، إنّ «جهات حكومية فاعلة أمنياً وسياسياً والطرف الخارجي قد صنفوا أهالي جرف الصخر إلى 3 فئات الأولى تشمل مواطنين عاديين، ومن الممكن أن يعودوا إلى منازلهم لكن ليس للمزارع وهم قليلون، والثانية تعود بعد أشهر بعد إكمال متطلبات التأهيل، والثالثة، وهي الفئة الأكبر، التي لا تعود ليتم تعويضهم بأراض في مناطق أخرى، وهذا تغيير ديموغرافي».

واستطرد قائلاً: «سأقف حائط صد بوجه من يحاول العبث بمقدرات أهالي جرف الصخر، وأن يأخذ جانباً انتخابياً ويذهب للتنازل عن أراضي تعود للأهالي وليس للسياسيين».

وشدد الحلبوسي على «ضرورة أنّ لا يتحول ملف نازحي جرف الصخر لدعاية انتخابية لأي طرف»، محذراً من التخلي عن حقوق وأراضي المواطنين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here