هل ستتوقف هجمات ‹الكاتيوشا› بعد الانسحاب الأمريكي من العراق؟

أثار الاتفاق بين واشنطن وبغداد على انسحاب القوات الأمريكية من العراق، تساؤلات بشأن طبيعة المرحلة المقبلة وسلوك الفصائل المسلحة تجاه القوات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية خلال فترة الجدول الزمني المقرر أن تنسحب فيه نهاية العام الجاري.

واتفق الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على إنهاء المهام القتالية للقوات الأمريكية في العراق  بنهاية العام الجاري وذلك خلال زيارة الكاظمي للولايات المتحدة.

وأكد البيان المشترك للجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن أن «العلاقة الأمنية سوف تنتقل بالكامل إلى دور خاص بالتدريب وتقديم المشورة والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخباراتية».

وأضاف البيان «لن تكون هناك قوات أمريكية تقوم بدور قتالي في العراق بنهاية الحادي والثلاثين من ديسمبر / كانون الأول عام 2021».

وأشار البيان إلى أن القواعد العسكرية التي استخدمتها القوات الأمريكية «هي قواعد عراقية تعمل وفقا للقوانين العراقية» وأن الجنود الدوليين المتمركزين في هذه القواعد كانوا فقط للمساعدة في الحرب على داعش.

ترحيب سياسي

ورحبت قوى سياسية شيعية بنتائج المفاوضات التي أجراها الوفد عراقي ونتجت عنها إعلان من الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ «انتهاء المهام القتالية» في العراق.

وقال تحالف الفتح الذي يتزعمه هادي العامري، في بيان، إنه «يرحب بما حققه المفاوض العراقي من إنجاز وطني بالاتفاق على خروج القوات القتالية بشكل كامل في نهاية هذا العام»، عاداً ذلك «خطوة إيجابية متقدمة باتجاه تحقيق السيادة الوطنية الكاملة».

وأعرب الفتح عن أمله في أن «يتابع المسؤولون المعنيون في الدولة العراقية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بشكل عملي»، مقدماً شكره «للمفاوض العراقي على هذا الإنجاز الوطني»، حسب البيان.

كما أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وجوب وقف العمل العسكري لـ «المقاومة» ضد القوات الأمريكية بعد تحقق شروط انسحابها العراق.

وقال في بيان صحفي: «الحمد لله الذي أعز جنده ونصر عبده وشكرا للمقاومة العراقية الوطنية فها هو الاحتلال يعلن عن بدء انسحاب قواته القتالية أجمع. لننتظر وإياكم إتمام الانسحاب».

وأضاف «شكرا للجهود المبذولة لبلورة هذه الاتفاقية ولا سيما الأخ الكاظمي (رئيس الحكومة العراقية)».

وتابع الصدر «مع العلم إننا قد بينا شروطا فيما سبق ومع تحققها يجب وقف العمل العسكري للمقاومة مطلقا، والسعي لدعم القوات الأمنية العراقية من الجيش والشرطة لاستعادة الأمن وبسطه على الأراضي العراقية، وإبعاد شبح الإرهاب والعنف والمتطفلين وأدعياء المقاومة».

غضب ميليشياوي

وأعربت الميليشيات الموالية لإيران عن عدم قناعتها بهذا الاتفاق كما هددت باستمرار استهداف القوات الجنبية في العراق لحين خروج آخر جندي.

وقالت «الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة العراقية» إنها لن تسمح بوجود أي جندي أمريكي في العراق تحت أي ذريعة.

وأضافت هذه التنظيمات في بيان، أن انسحاب ما سمتها «القوات المحتلة» كي يكون حقيقيا «لا بد أن يكون شاملا من كل العراق، وبالتحديد من قاعدتي عين الأسد والحرير الجويتين».

كما أشار البيان إلى أن وجود القوات الأجنبية يشمل قوات التحالف الدولي ضد داعش وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وأكد البيان أن الولايات المتحدة إذا لم تلتزم بسحب قواتها، فإن هذه التنظيمات ستتعامل مع أي وجود أجنبي عسكري في العراق على أنه احتلال، وستواصل قتاله بكل ما أوتيت من قوة.

ورأى البيان أن «المدربين الأمريكيين ومعهم قوات التحالف الدولي أثبتوا فشلا ذريعا في العراق بالتجربة طوال 10 سنوات، كانت نتيجته انهيار كل المؤسسات الأمنية والعسكرية».

وتضم الهيئة التنسيقية فصائل شيعية مسلحة تدعمها إيران، منها كتائب حزب الله العراقي وعصائب أهل الحق وكتائب سيد الشهداء وحركة النجباء، وتبنّت سابقا هجمات على أهداف عسكرية أمريكية في العراق.

تاريخ من استهداف الشركات والبعثات

وتروج تلك الفصائل أنها لا ترفض إبقاء مستشارين من الولايات المتحدة، لتدريب القوات العراقية، وفق الحاجة، كما أنها لا تستهدف البعثات الأجنبية، العاملة في البلاد، لكن واقع الحال يكشف غير ذلك، إذ لدى تلك المجموعات تاريخ من استهداف البعثات الدبلوماسية، والمواقع غير العسكرية.

فعلى سبيل المثال تعرضت دورية للسفارة البريطانية، العام الماضي، إلى تفجير بعبوة ناسفة، وسط العاصمة بغداد، عندما كانت في طريقها إلى المنطقة الخضراء.

كما استهدف هجوم صاروخي مقر شركة (G4s) البريطانية للخدمات الأمنية في حي القادسية غربي العاصمة العراقية بغداد نهاية العام الماضي، وهو ما تسبب بأضرار مادية في المبنى، دون سقوط ضحايا.

والشركة هي مسؤولة الملف الأمني، في مطار بغداد الدولي، حيث تسعى مجموعات مسلحة، للحصول على تلك التعاقدات، لشركات مقربة منها، وفق تقارير عراقية.

وفي العام ذاته، استهدفت عبوة ناسفة رتلاً تابعاً لبعثة الأمم المتحدة (يونامي) عندما كانت في طريقها إلى محافظة نينوى، شمالي البلاد، دون أن تتسبب بأضرار بشرية.

كما أن القصف المتكرر على قاعدة بلد الجوية، وهي خالية من الوجود الأمريكي، غير شركة مارتن لوكهيد، المتخصصة في صيانة الطائرات، وإدامتها، وهي متعاقدة مع الحكومة العراقية، على تدريب الكوادر المحلية، وتهيئة الطائرات، لتنفيذ الطلعات الجوية، غير أن ما تعرضت له تلك الشركة، من قصف متكرر بصواريخ الكاتيوشا، أجبرها على الرحيل من البلاد، وترك الطائرات العراقي إلى مصير مجهول، حيث تعطلت أغلب الطلعات الجوية، خاصة وأن العراق يعتمد عليها في قصف أوكار داعش، في المناطق النائية، والجبلية.

هل ستنسحب أمريكا من العراق؟

وقبل زيارة الكاظمي إلى الولايات المتحدة، وصفت صحيفة ‹نيويورك تايمز› الاتفاق الجديد بكونه ليس سوى «مسرحية دبلوماسية».

بدوره قال المحلل السياسي إيهاب القيسي، إن «الولايات المتحدة لن تنسحب من العراق ولكن سيتم التلاعب في المصطلحات على الورق وهذا ما تم إعلانه من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن حيث أكد تحويل مهمة القوات من قتالية إلى استشارية».

وأضاف القيسي في تصريح لـ (باسنيوز)، أن «الولايات المتحدة لن تنسحب بسبب أن العراق يعتبر قاعدة مهمة في المنطقة لتواجد القوات الأمريكية في ظل التوترات مع إيران وكذلك يعتبر العراق مركز الأمريكان في الشرق الأوسط حيث يتيح لهم الوضع السياسي والأمني المتخبطان التحرك بحرية».

وتابع، أن «الميليشيات لن تغير سلوكها في استهداف القوات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية، فهي تدرك جيداً عدم وجود نوايا حقيقة في الانسحاب، كذلك وجود تعليمات إيرانية باستمرار عمليات الاستهداف».

ويشير سلوك الفصائل المسلحة إلى أن استهداف البعثات الأجنبية لن يتوقف بعد الانسحاب الأمريكي، بسبب استهدافها السابق لشركات أجنبية ومواقع تضم مستشارين فقط فضلاً عن منشآت مدنية، مثل مطاريّ أربيل وبغداد، وهو ما يعني بقاء هجمات ‹الكاتيوشا› مستمرة، إلا في حال اتخاذ الحكومة العراقية إجراءات غير مسبوقة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here