“يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون”

“يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون”

ما احوجنا في هذه الظروف العسيرة من التفكر بعمق باخر اية من ايات سورة ال عمران. حيث تخاطب المؤمنين المسلمين وتحثهم الالتزام بقيم اساسية وقت المحن والشدائد. تلك القيم تدور حول الصبر والصابرين. فلعل اعظم مراتب الصبر هو الصبر على هوى النفس وكبحها من الزيغ عن طريق الحق.
خطاب من الله تعالى للمؤمنين ان يصبروا في البئساء والضراء وفي السعة والضيق وفي الحرب والسلم وفي الغنى والفقر وفي ايام الفتن. ثم امر المؤمن ان يصابر رغم طول الامتحان ولا يجزع. ويعلم ان هذه الدنيا التي نعيشها هي دار امتحان وابتلاء. ولا يفوز بها الا الصابرين المصابرين الذين لا يملون من انتظار الفرج. لانهم يعلمون بان النصر من عند الله العزيز الحكيم.
لكن الاعظم من الصبر والمصابرة هو المرابطة على الدوام على الحق والحذر من الزيغ عنه. دون كلل او ملل في جميع الامور وليس فقط في مرابطة وتادية العبادات. ان افضل مرابطة الالتزام بالصدق والعدل وان كره الاخرون ذلك. حتى لو ادى الامر الى فقد الانسان مصالحه. بل المرابطة والصمود في التمسك بالحق حتى لو فقد المسلم حياته. فيبين لنا رسول الله ان من المرابطة قوله صلى الله عليه وسلم قل الحق ولو على نفسك. ومن المرابطة ايضا عندما يفضح ويحارب المؤمن الطواغيت والظالمين الذين يتحكمون بمصائر الشعوب. فقد قال رسول الله خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.
هناك فرق كبير بين مدارات المصالح والسكوت على الباطل المؤدي الى الظلم ومساندة الظالمين. فقد قال رسول الله عن هؤلاء الساكت عن الحق شيطان اخرس. وبين فضح الظالمين وفق قول الله تعالى “لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم”. فلا ينبغي الخوف من الظالم مهما طغى وتجبر طالما ان قلب المؤمن مليء بالخوف من الله.
ان طريق الجنة والفوز بها له ثمن غال. منها التمسك بالصبر فان الله مع الصابرين. وبالمصابرة مع المؤمنين ايام المحن دون تيايس او ملل او تحبيط. والمرابطة على التمسك بالحق والدفاع عنه رغم اختلال موازين القوى المادية. كل هذه الاعمال تقرب المؤمن من الله فتجعله يتقيه ويخاف عذابه. ويطمح في عفوه وجنته ليكون من المفلحين الفائزين في الدنيا والاخرة.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here