الايمان والعمل الصالح

الايمان والعمل الصالح

لعل ما يميز الاسلام عن غيره من الاديان ان عبادته عمل وعمله عبادة. كما ان رضى الله تعالى عنه لا تنال بعبادته المجردة فقط. اذ ان هناك ترابط اساسي بين الايمان بالله والعمل الصالح. وبالتالى يشكل هذين القطبين والالتزام بهما سوية رضى الله والدخول الى الجنة بعد حساب يوم القيامة.
ان هناك معادلة طردية بين الايمان والعمل الصالح. فمن المفترض والمنطقي انه كلما ازداد يقين المرء بالله كلما قدم وعمل الخير للأخرين طلبا لرضوان الله. لان اصل العبادة والتقرب الى الله والايمان بالواحد الاحد الفرد الصمد يؤكده ويصدقه ويترجمه العمل الصالح لاسعاد الاخرين من القربى وغيرهم.
فلا فائدة في عبادة مجردة لا تترجم الى عمل سواء لاعمار الارض او معاونة الناس. لقد جاء يوما رجل كبير السن الى رسول الله قائلا له. عندي ولدين احدهما اختلى الى الجبل ويقضي كل وقته في العبادة من صوم وصلاة وقراءة قران وذكر. اما الولد الثاني فهو يسكن معي يعينني على نوائب الدهر. ويعمل في زراعة الارض ولا يصلي الا الفرائض. فقال له رسول الله ان ابنك الذي في بيتك افضل واقرب الى الله من ذلك العابد الذي لا يعمل.
كما ان مساعدة الاخرين من افضل العبادات عند الله. كذلك فان البحث عن العلم النافع والعمل به عبادة عظيمة ورضى من الله لفاعله اذ قال تعالى “يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات”. وقال رسول الله في حديث صحيح. مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِما سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ. وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إلَى الْجَنَّةِ.
من جهة اخرى فقد قال رسول الله. من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له. او في رواية اخرى من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلن يزدد عن الله الا بعدا. مما يوكد بان الله يريد من العبد التقرب اليه بالاعمال وليس بالاقوال فقد قال تعالى “يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون”. لان العبادة التي لا تؤدي الى عمل الخير للاخرين لا فائدة منها.
ان من افضل الاعمال ايضا التصدق على المحتاجين والفقراء والضعفاء فيقول الله تعالى “وانفقوا مما رزقناكم من قبل ان ياتي احدكم الموت فيقول ربي لولا اخرتي الى اجل قريب فأصدق واكن من الصالحين”. هذه الاية الكريمة توضح عظمة ووزن الصدقة عند الله بحيث يتمنى الشخص الميت الذي راى في الاخرة فضل الصدقة على بقية العبادات. انه يتمنى لو يعيده الله الى الدنيا لا لكي يصلي ويصوم ويحج انما كي يتصدق بعد ان وجد ثوابها الكبير عند الله.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here