عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّامِنةُ (٤) [وِحدَةُ السُّنَنِِ]

عْاشُورْاءُ

السَّنَةُ الثَّامِنةُ

(٤)

[وِحدَةُ السُّنَنِِ]

نــــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر

لماذا نُؤمِنُ بالسُّنَنِ الكَونِيَّة ولا نُؤمِنُ بالسُّنَنِ الإِجتماعيَّة؟!.

فنُؤمِنُ بالسُّنَنِ الفيزيائيَّة والكيميائيَّة والعلميَّة ولا نعتقِدُ كثيراً بالسُّنَنِ الإِجتماعيَّة؟!.

أَسمعُ أَحداً يسأَلني همساً عن معنى السُّنن؟! الجواب؛ السُّنن هي المناهِجُ والقوانين والطَّريقة.

نُؤمِنُ مثلاً أَنَّك إِذا رميتَ بنفسِكَ من أَعلى سطحِ الدَّار فسوفَ لن تطيرَ باتِّجاهِ السَّماء وإِنَّما ستسقط على الأَرضِ لأَنَّ قانون الجاذبيَّة يشدُّك إِلى الأَرضِ ولا يرفعُك إِلىالسَّماءِ!.

ونُؤمِنُ بأَنَّ السَّائل يستقِرُ بالتَّساوي في الحاوياتِ المُتَّصلة حسبَ قاعدةِ الأَواني المُستطرقَةِ.

ونُؤمِنُ بأَنَّ المجرَّات في المنظومةِ الشَّمسيَّةِ ثابتةٌ في حركتِها لا تسبِقُ أَحدها الأُخرى وأَنَّ الزَّمنَ يتعاقبُ بانتظامٍ {لَا ٱلشَّمْسُ يَنۢبَغِى لَهَآ أَن تُدْرِكَ ٱلْقَمَرَ وَلَا ٱلَّيْلُ سَابِقُٱلنَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍۢ يَسْبَحُونَ}.

وأَنَّ بإِمكانِ الإِنسانِ أَن يخترِقَ المجال الجوِّي شريطةَ أَن يتسلَّحَ بالعلمِ والنِّظامِ {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَاتَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }.

ولكنَّنا لا نُؤمِنُ أَو نعتقِدُ مثلاً بأَنَّ لُقمَةَ الحرامِ تحولُ بينَ صاحبِها والإِصغاءِ إِلى الحكمةِ وكلمةِ الحق، كما وردَ ذلك في خطابِ الحُسينِ السِّبط (ع) بقَولهِ {ويْلكُم ما عليكُمأَنْ تُنْصِتُوا لِي فَتَسْمَعُوا قَوْلي، وَإنَّما أَدعُوكُم إلى سبيلِ الرشَادِ، فَمَنْ أَطَاعَنِي كانَ من المُرشَدينَ، ومَن عَصَانِي كانَ من المُهْلَكِين، وكُلُّكُم عَاصٍ لأَمرِي غيرُ مُسْتَمِعٍ قَوْلي، فَقَدْمُلِئَتْ بُطُونُكُم مِنَ الحَرَامِ وطُبِعَ عَلى قُلُوبِكُم! وَيْلَكُم، أَلَا تَنصِتُونَ؟ أَلَا تَسْمَعُون؟!}.

أَو أَنَّ الظُّلمَ الذي ترتكبهُ عصابةٌ إِذا سكتَ عنهُ المُجتمع ولم يأخُذَ على يدَيها فسوفَ يعُمَّهُم ويتضرَّر منهُ الجميع مِن دونِ استثناءٍ إِن عاجِلاً أَم آجلاً {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ* كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}.

أَو كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ {أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ أَنِّي مُهْلِكٌ مِنْ قَوْمِكَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنْ خِيَارِهِمْ، وَسِتِّينَ أَلْفًا مِنْ شِرَارِهِمْ، قَالَ؛ يَا رَبِّ هَؤُلاءِ الأَشْرَارُمَا بَالُ الأَخْيَارُ؟ قَالَ؛ إِنَّهُمْ لَمْ يَغْضَبُوا لِغَضَبِي وَكَانُوا يُؤَاكِلُونَهُمْ وَيُشَارِبُونَهُمْ}.

أَو ردُّ الحُسينِ السِّبطِ (ع) على مَروان بن الحَكَم عندما [نصحهُ] بالبيعةِ للطَّاغيةِ يزيدٍ {إِنَّا أَهلُ بيتِ رسولِ الله (ص) الحقُّ فِينا ينطِقُ على أَلسِنتِنا، وقَد سمِعتُ جدِّيرسولَ الله (ص) يقُولُ؛ الخِلافةُ مُحرَّمةٌ على آلِ أَبي سُفيانَ الطُّلقاء وأَبناء الطُّلقاء، فإِذا رأَيتُم مُعاويةَ على مِنبري فابقرُوا بطنَهُ، ولقد رآهُ أَهلُ المَدينةِ على مِنبرِ رسُول الله(ص) فلَم يفعلُوا بهِ ما أُمِرُوا فابتلاهُم بابنِهِ يَزيد}.

أَو في قولهِ تعالى {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} والذي يُثبِّت فيهِ المُشرِّع سُنَّةً في غايةِ الأَهميَّةِ مُلخَّصها؛ أَنَّ الذي ينقُضَ الميثاق والوَعد والعَهدسواءً مع الله تعالى أَو معَ الآخر، فإِنَّهُ سيُبتلى بقساوةِ القلبِ التي تحوِّلهُ إِلى سبُعٍ ضاري في تعامُلاتهِ مع الآخرِ سواءً كانَ الآخَرُ أُسرتهُ أَو أَصدقاءهُ أَو زُملاءِ العملِ أَورعيَّتهِ إِذا كانَ مسؤُولاً في موقعٍ ما من مواقعِ السُّلطةِ والإِدارةِ.

أَو أَنَّ خُلف الوعد والكَذِب يورِثُ النِّفاق {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.

ومنَ السُّّننِ الإِجتماعيَّة قولهُ تعالى {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.

نحنُ بحاجةٍ إِلى أَن نعتقدَ بيَقينٍ بأَنَّ السُّننَ مصدرُها واحدٌ لا يتجزَّأ، أَلا وهو الله تعالى خالِقُ كلِّ شيءٍ.

وعلى هذا الأَساس يلزمُنا أَن نُؤمِنَ بكُلِّ السُّننِ الماديَّةِ منها والميتافيزيقيَّةِ كما يسمُّونها، أَي التجريبيَّةِ منها والغَيبيَّةِ، فلا نُجزِّء إِيماننا بها {قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۖ} {أَفَتُؤْمِنُونَبِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.

ولو كان المُجتمعُ في عهدِ الحُسين السِّبط (ع) يعتقدُ بالسُّنَنِ الإِجتماعيَّة إِعتقادَ يقينٍ لما وقفَ أَغلبهُ مَوقفَ المُتفرِّج واللَّاأُبالي إِزاءَ ما حصلَ لسبطِ رسولِ الله (ص).

لو قرأَ أُولئكَ الذين ظنُّوا بأَنَّ سكوتهُم عن الظُّلم يُنجيهِم من بطشِ الظَّالم، الآية الكريمة {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} بشَكلٍ صحيحٍ واستوعبُوها بعقولهِم لما وقفُوا على التلِّ يتفرَّجُونَ!.

ولو أَنَّهم كانُوا قد استوعبُوا جَوهر الآية الكريمة {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} لما تركُوا سُلطة الطَّاغية يزيد تتغوَّل لتتمكَّن فتَفتُكَ بهِم وبدينهِموبمقدَّساتهِم وبكُلِّ ما يمتُّ بالمُجتمعِ من قِيَمٍ وأَخلاقٍ.

ولو أَنَّهم قرأُوا قولَ الله تعالى {قَالَ هَٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ* وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ* فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَٰدِمِينَ} جيِّداً لفهِمُوا أَنَّتمرُّدَ واحدٍ في المُجتمعِ يكفي لتدميرهِ كُلِّه إِذا سكتَ الآخرُون راضين بفعلهِ أَو خائفينَ من ردعهِ!.

هذهِ هي السُّننِ!.

١٢ آب ٢٠٢١

لِلتَّواصُل؛

‏Telegram CH; https://t.me/NHIRAQ

‏Face Book: Nazar Haidar

‏Skype: live:nahaidar

‏Twitter: @NazarHaidar2

‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here