الناصرية ايقونة العراق

ادهم ابراهيم
شهدنا في الانتفاضات العراقية الأخيرة زيادة في استخدام القوة المفرطة والخطف والاغتيالات من قبل افراد من قوى الامن والميليشيات تجاه الشباب العراقي الرافض لكل اشكال التبعية . ثم جرى التركيز على اهل الناصرية لاستمرارهم في التظاهر ورفض المماطلات والتسويفات لتنفيذ مطاليبهم الوطنية والانسانية المشروعة .

وجاء الحريق المروع لمستشفى الحسين في الناصرية نتيجة فعل فاعل او اهمال يصل الى حد الجريمة ، والذي تسبب في وفاة اكثر من 60 مريضا وعدد من الكوادر العاملة فيه .

كل ذلك يجري في محاولات فاشلة لاخضاع المدينة المناضلة التي لاتنام على ضيم .
وعندما نذكر الناصرية فاننا لاننتقص من همة شباب المحافظات المنتفضة الاخرى ، ولكن للناصرية خصوصية تاريخية ونضالية تمثل العراق بأباءه وشموخه .

تقع مدينة الناصرية على بعد
30 كم من مدينة اور عاصمة السومريين . ويفتخر أهالي  الناصرية بانتمائهم إلى حضارة سومر، حيث تمتد ثقافتهم لاكثر من ستة آلاف سنة من الحضارة .
ولذلك نجد كثير من اسماء الاماكن العامة والمهرجانات تحمل أسماء تاريخية مثل أور، وسومر، واوروك، وهي مدن سومرية حضارية .
وقد حازت الناصرية مكانة مرموقة لدى الاديان التوحيدية باعتبارها مدينة النبي إبراهيم الاب الروحي لهذه الاديان .

تضم مدينة الناصرية كثيرا من القبائل العربية النازحة من الجزيرة العربية . وقد تميزت بالعدد الكبير من اهاليها الذين تبوءوا مناصب مهمة في الدولة العراقية منذ نشأتها الحديثة . ابتداء” من أول رئيس للوزراء المرحوم عبد المحسن السعدون في مطلع العشرينيات من القرن الماضي . وليس انتهاء بالمرحوم ناجي طالب رئيس الوزراء الاسبق المشهود له بالوطنية والكفاءة .

وكانت الناصرية مشهورة بانفتاحها الحضاري والاجتماعي وفيها نشأت طليعة الاعمال المسرحية والفنية،  وكانت معروفة برفدها للشعراء والأدباء والفنانين .

وفيها أنشأ الحزب الشيوعي العراقي أول فروعه عام 1928 من قبل يوسف سلمان “فهد” .
وتم تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي فيها عام 1952، عندما جرى تعيين فؤاد الركابي أميناً للقيادة القطرية للحزب .

كانت الناصرية ولم تزل معقلاً تاريخياً للاحتجاجات في العراق .
ففي عشرينات القرن الماضي، كان أهل الناصرية في طليعة المشاركين في الانتفاضات التي قام بها الشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني .

.
وبعد الاحتلال الامريكي قاومت الناصرية القوات المحتلة ببسالة فائقة ، ثم عادت من جديد تقاوم سلطة الاحزاب الدينية الفاشية
التي استندت على ميليشيات مارقة لحماية النظام الفاسد الفاقد لكل مقومات الدولة والضالع في الخيانة من رأسه الى اخمص قدميه .

ان المقاومة العنيدة التي نجدها في الناصرية تعكس الوضع المتأزم الذي آلت إليه الأوضاع في العراق بسبب اصرار النظام الفاسد على المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية .

الناصرية في نضالها ودفاعها عن اصالتها العربية تمثل قلب العراق النابض بتحدي النفوذ الايراني ومن معه من ازلام النظام ، واصبحت رمزا ملهما لكل مدن العراق لاسقاط حكم العمالة والفساد من خلال نشر الوعي الوطني الرافض لكل اشكال  الطائفية السياسية والشوفونية التي وصمت الوضع الحالي للعراق بوصمة سوداء .

هذا الوعي الآخذ بالتصاعد يوما بعد يوم في كل ارجاء العراق
سيكون نقطة انطلاق للرد الحاسم والنهائي القادر على احباط وافشال المخطط الهادف لتدمير العراق ارضا وشعبا والذي ستكون محصلته النهائية تحقيق الاستقلال العراقي الناجز
ليعود الوطن سالما معافى ولمواصلة مشوار بناء العراق الجديد على وفق اسس وطنية وحضارية متقدمة بعيدا عن اساليب الدجل والشعوذة والخداع .
ادهم ابراهيم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here