عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّامِنةُ (٦) [أَصْنافُ النَّاسِ]

عْاشُورْاءُ

السَّنَةُ الثَّامِنةُ

(٦)

[أَصْنافُ النَّاسِ]

نــــــــــــــــــــــــزار حيدر

الناَّسُ في كلِّ مُجتمعٍ على خمسةِ أَصنافٍ؛

*فصِنفٌ مُبادِر.

*وصِنفٌ يلتحِق.

*وصِنفٌ يُتابِع.

*وصنفٌ لا يُبالي.

*وصنفٌ يُثبِّط ويُجبِّن ويُرجِف.

أَلأَوَّلُ؛ هو الذي يتميَّزُ برُؤيةٍ ثاقِبةٍ ووعيٍ مُتَّقِد ويتحلَّى بحكمةٍ وشجاعةٍ يندفعَ بها ليتقدَّم الصُّفوف وهو على أَتمِّ الإِستعدادِ للتَّضحيةِ من أَجلِ إِنجازِ الواجبِ الذي تصدَّىلمَسؤُوليَّتهِ.

هذا الصِّنفُ لا يأخُذَ بنظرِ الإِعتبار مَوقف الآخرين، فيتردَّد إِذا تردَّدوا ويُحجِمُ إِذا أَحجمُوا، ويتقدَّم خُطوةً إِذا أَيَّدوهُ بشَكلٍ من الأَشكالِ.

إِنَّهُ الصِّنفُ الذي يتمثَّل بالقادةِ الرساليِّينَ والزُّعماءِ الربانيِّينَ الذين يتعاملُونَ مع القِيمِ والمبادئ أَكثر من تعاملهِم مع الحياةِ والمادَّة.

مثَّلهُ الحُسينُ السِّبطِ (ع) عندما بادرَ للإِصلاحِ يَومَ أَن جبُنَ الآخرونَ، وخرجَ يومَ أَن لبُدَ الآخرونَ، ونهضَ يَومَ أَن استكانَ الآخرونَ، وقرَّرَ أَن يكُونَ حُرّاً يَومَ أَن استسلمَالآخرُونَ للعبوديَّةِ!.

يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ أَهْلِهِ فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى مَائِدَةٍ شِبَعُهَا قَصِيرٌ وَجُوعُهَا طَوِيلٌ}.

الثَّاني؛ هو الذي يلتحقُ، وعادةً ما يلتحِقُ بالقويِّ أَو المُنتصر بغضِّ النَّظرِ عن الصَّحِّ والخطأ أَو الحقِّ والباطِل.

فهوَ معَ سفيرِ الحُسين السِّبط (ع) مُسلم بن عَقيل (ع) عندما كانت يدهِ هي العُليا في الكُوفةِ، وهوَ معَ عاملِ طاغيةِ الشَّام يزيد بن مُعاوية عُبيد الله بن زياد عندما انهارتقِوى السَّفير فتحوَّلت يدُ ابنُ زيادٍ لتكونَ هي العُليا في السُّلطةِ!.

وكثيرُونَ من هذا الصِّنفِ يلتحِقُونَ بثمنٍ كما وصفهُم أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بقولهِ {وَلَمْ يُبَايِعْ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ عَلَى الْبَيْعَةِ ثَمَناً فَلَا ظَفِرَتْ يَدُ الْبَائِعِ وَ خَزِيَتْ أَمَانَةُ الْمُبْتَاعِ}.

هذا الصِّنفُ في حقيقةِ الأَمرِ مع دُنياه وما تُمثِّلهُ من مصالح تحميهِ من المَوت، فالأَولويَّةَ بالنِّسبةِ لهُ هوَ الحياة على كلِّ حالٍ، أَعاشَ فيها ذليلاً أَو عزيزاً، لا يهُمُّ!.

وهوَ لا يُبادرُ وإِنَّما ينتظرُ ليحسِبَ الكفَّة الرَّاجِحة ليلتحقَ بها، ولو صادفَ أَن تغيَّرت موازين القِوى فهوَ مع القادمِ، معَ الكفَّة الجديدة التي سترجح لاحقاً.

الثَّالث؛ هو الصِّنف الذي يُتابع ويُحلِّل عن بُعدٍ.

هوَ يتسقَّط الأَخبار ويدوِّن المعلومات، ولكنَّهُ غَير مُستعد أَبداً لأَن يكونَ مِمَّن يصنعُونَ الخبر أَو يشتركُونَ في صياغةِ المعلومةِ والحدثِ والموقفِ والتَّحليلِ.

ولقد حوَّلت وسائل التَّواصل الإِجتماعي اليَوم وبفضلِ التَّكنلوجيا ونِظام القرية الصَّغيرة، الأَغلبيَّة مِن المُجتمع إِلى هذا الصِّنفِ من النَّاس! مُتابِعُونَ عن بُعدٍ ومُتفرِّجُونإِفتراضيّاً.

وهو يشبهُ إِلى حدٍّ بعيدٍ الصِّنفُ التَّاريخي الذي كانَ يقفُ على التلِّ مُتفرِّجاً ومُتابعاً ومُدوِّناً ورُبما مُشجِّعاً فقط.

هذا الصِّنفُ يملأُ وسائل التَّواصل الإِجتماعي حرُوباً وضجيجاً ونظريَّات، وهو يُحطِّم كُلَّ شيءٍ ثُمَّ يعودُ فيبني كُلَّ شيءٍ، وفي نهايةِ المطاف هو لم يفعل شيئاً يُعتَدُّ بهِ أَبداً.

الرَّابع؛ هو الذي يقفُ على يسارِ الصِّنفِ الثَّالث، لا يتأَثَّر بشيءٍ سِلباً كانَ أَم إِيجاباً، ولا يُحرِّكهُ حدثٌ ولا تُثيرهُ أَزمة ولا تُجلبُ إِنتباههُ مُصيبة ولا تُحرِّك مشاعرهُ صُوَر إِراقةالدِّماء أَو أَخبار إِنتهاك الأَعراض.

الرَّابع؛ هو الذي يُثبِّط ليُبرِّر جُبنهُ وتقاعُسهُ.

تصفُهُ الآيةِ الكريمةِ {ٱلَّذِينَ قَالُواْ لِإِخْوَٰنِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْ ۗ} وقولُهُ تعالى {وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَٰبَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَىَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْشَهِيدًا}.

هذهِ الأَصنافُ من النَّاسِ مَوجودةً في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، فلقد كانت في عاشوراء وما قبلها وما بعدَها، وهيَ مَوجودةٌ اليَوم.

الشَّيءُ المُرعبُ في لَوحةِ الصُّورة هو أَنَّ الذي يدَّعي الإِنتماء لعاشوراء مُنقَسِمٌ إِزاء الأَحداث إِلى الأَصناف الخمسة آنِفةِ الذِّكرِ!.

فكيفَ حصلَ هذا؟!.

كيف؟! وكُلُّهم يدَّعونَ إِنتناءهُم للحُسينِ السِّبطِ (ع)؟!.

هذا يعني واحدٌ مِن إِثنَين؛

فإِمَّا أَنَّ منهجَ المصدرِ [عاشوراء] غَير واضحٍ وفيهِ لَبسٌ ولذلكَ اختلفَ أَتباعهُ! وهذا مُستحيلٌ فليسَ في عاشوراء شيءٌ مُبهمٌ أَو غامِضٌ، فكُلُّ ما فيها واضِحٌ وُضوحَالشَّمسِ في رابِعةِ النَّهارِ.

وإِمَّا أَنَّ مَن يدَّعي الإِنتماء لعاشوراء كذَّابٌ أَشِرٌ، يتَّخِذُ منها عباءةً تسترَ عَورتهُ الأَمويَّة خاصَّةً السياسيِّينَ مِنهُم.

وهوَ الصَّحيح.

لا تقيسُوا عاشوراء بأَفعالهِم وسلُوكيَّاتهِم، بل قيسُوا أَخلاقهُم بعاشوراء، على حدِّ جوابِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) للحارثِ بن حَوط الرَّاني عندما قالَ لهُ؛ أَظُنُّ طلحةَ والزُّبَيروعائِشة اجتمعُوا على باطلٍ؟! فردَّ (ع) يا حارِث! إِنَّهُ ملبُوس عليكَ، وإِنَّ الحقَّ والباطِلَ لا يُعرَفانِ بالنَّاسِ، ولكِن اعرِف الحقَّ تعرِفُ أَهلَهُ، واعرِفِ الباطِلَ تعرِفُ مَن أَتاهُ.

١٤ آب ٢٠٢١

لِلتَّواصُل؛

‏Telegram CH; https://t.me/NHIRAQ

‏Face Book: Nazar Haidar

‏Skype: live:nahaidar

‏Twitter: @NazarHaidar2

‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here