لن ينقذ عالمنا المضطرب سوى عدالة الاسلام

لن ينقذ عالمنا المضطرب سوى عدالة الاسلام

لقد قاد وحكم العالم الاسلامي منذ نشاته اقوام عديدون من العرب والاعاجم ومن البيض والسمر والسود فالامر ليس بغريب لان الاسلام دين عالمي ومن قال لا اله الا الله محمد رسول الله يمكنه تبوء ارقى واسمى المناصب. ومن نكص على عهده وارتد عن دينه فينبغي للقضاة والعلماء والمثقفين وأّلي الحل والعقد ان يعزلوه من الحكم. لانه اذا ما اخل الحاكم المسلم بمقدسات المسلمين التي تتعلق بالدين والارض والنفس والمال فقد خان الامانة.
لقد فصل لنا القران الكريم واخبرنا بان هناك اقوام مؤمنون مسلمون قد انحرفوا عن الصراط المستقيم. فقد تكون غرور الدنيا وفتنها او المصالح الانانية وزينتها جعلهم يتخلون شيئا فشيئا عن الاسلام. الى ان وصل الامر بهم الى الارتداد عن دينهم. فاضحوا يوالون الكفار الظالمين. “يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰافِرِينَ يُجَٰاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰاسِعٌ عَلِيمٌ”.
هذه الردة لن تضر دين الله الذي ارتضاه للعالمين. لكنها قد تكون سببا مهما للاستبدال في الارض من قوم ما الى قوم اخرين. فعندما تخلى العرب ونكصوا على اعقابهم ونكثوا عهودهم وعادوا الى جاهليتهم الاولى. فان الله استبدلهم باقوام اخرى احبوا الله ورسوله واحبوا الاسلام ولم يخافوا لومة لائم او باس احد من العالمين. هذه الاقوام المستخلفة تفقه الاسلام واسسه وتعمل على ممارسة العدالة والمساواة وتتخلق بالامانة والاخلاص للاوطان. لذلك فهي تسير على هدى الاية القرانية الشريفة “محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بيتهم”.
لقد صدق العالم الرباني المجدد محمد الغزالي رحمه الله عندما قال ان العرب لا يصلح لهم غير الاسلام فان احتضنوه واعتنقوه رفعهم واكرمهم الله في الدنيا والاخرة. وان تركوه وراء ظهورهم اذلهم الله ووكلهم الى اسوء عباد الله من اليهود الصهاينة والصليبيين المتعصبين. او قد يكونوا امة فوضوية عالة على بقية الامم تتصارع فيما بين شعوبها صراعات داخلية عبثية عقيمة لعشرات السنين من اجل بقرة او حادثة عابرة بين القبائل او اية امور دنيوية تافهة اخرى.
ينبغي اليوم على حكام الخليج والجزيرة العربية والمغرب والسودان ومصر والاردن ان يتوبوا الى الله ويفيقوا من انحراف منهجهم وسياستهم الاستسلامية مع اعداء الله والاسلام والانسانية إسرائيل وامريكا. ان ثقتهم باسرائيل خيانة لله ورسوله والاسلام. ان الاعتراف بالكيان الصهيونى اللقيط لن يمنحهم القوة للاستمرارية في حكمهم غير الشرعي. ولن يكون حائلا لبقاء سلطانهم امام ارادة شعوبهم. فلا يزال باب التوبة مفتوح لهم ولغيرهم. اذ لا تقدم ولا رفاهية ولا تطور دون انتهاج الاسلام العزيز القوي المجاهد.
ان الكثير من هذه الدول العربية محورية لنهضة العرب والمسلمين. فلا يجوز شرعا وعقلا ان تسمح شعوبها باستمرارية حكامها في سلوك طريق الخنوع والذل والخيانة. على شعوبنا ايضا العمل الدؤوب باتجاه نيل سبل المجد وبناء الامة لاسترجاع القدس. لا يمكن ان تعود الامة القهقرى الى الوراء اكثر مما هي عليه الان. نحن اليوم مهددين بانفراط وضياع اخر معقلين للاسلام وهما مكة المكرمة والمدينة المنورة. انهما تحت حكم عشائري متخلف بستهين بالاسلام ويفتح ابوابهما للكفرة الصهانية والصليبيين.
ان العالم اليوم قد فشل فشلا ذريعا في انقاذ البشرية من مآزق الحروب والعنصرية وهيمنة المستعمرين. فهو اسير بين الراسمالية الاستعمارية المتوحشة التي زادت الاغنياء ثراءا والفقراء فقرا. وبين الاشتراكية التي فشلت في خياراتها الاقتصادية ولا تدري اي طريق تسلكه اليوم وتبحث عن منقذ لها. ليس هناك الكثير من الحلول امام عالم اشتراكيته دكتاتورية وراسماليته فاسدة مفسدة. اذ نرى كلتا التجربتين لم تتمكنا من نقل البشرية الى بر الامان نحو حياة حرة كريمة مسالمة بعيدة عن الحروب والارهاب والهيمنة.
يمكن للعرب المسلمون اليوم ان ينقذوا العالم من الطريق الشائك الذي يسير فيه. فيقدموا له تجربة تعتمد على ضمير الانسان واخلاصه لوطنه وحبه للغير. تجربة حكم عادلة مستقلة بعيدة عن هيمنة المستكبرين الصهاينة والصليبيين والدكتاتوريين. تجربة تناصر الفقراء والضعفاء وتبني صرح حضارة نموذجية. تخلص الناس من الضغوطات المادية وترفع سمو درجة الاخلاق الانسانية وتعطي التضامن الاجتماعي دور كبير لتقليل الفجوة ما بين الاغنياء والفقراء او بين الحكام والمحكومين وتجعل الثروات المادية في خدمة الانسان.
د. نصيف الجبوري .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here