إحساس مؤلم..!!

إحساس مؤلم..!!

امجد توفيق

من السهل تماما أن توجه الاتهامات للمثقفين ، ومن السهل أيضا طعن دورهم في المجتمعات التي تمور وتضطرب ، ذلك أن اتهامهم يعفو صاحبه من مسؤولية أو عقاب حتى وإن كان معنويا ..

لماذا يحدث ذلك ؟

قبل الانتصار للمثقف والثقافة ، أظن أن النظر بجدية إلى حقيقة الدور الثقافي أمر مطلوب ، أي مثقف نعني ؟ وأية ثقافة ؟ لأن هذه المصطلحات من السعة والفضفاضية ما يجعل الاحاطة بها ضربا المتاهة .

ما يعنيني في هذه الكلمات هو دور المبدعين والمفكرين .. والسؤال المؤلم : هل هناك حقا دور مستقل ، والأهم هل يتناسب مع ما هو مطلوب أو متوقع منهم ؟

ممكن ، وبسهولة أن نجيب ب : لا .

وهذا بطبيعة الحال يستدرجنا إلى سؤال آخر هو : لماذا ؟

في مجتمعاتنا العربية الاسلامية ، يصبح المبدع أو المثقف الهدف الأول للخيانة ، خيانة دوره ، واستغلاله ، وسلب منجزه ، وتشويه سمعته ، وصولا إلى اغتيال دوره في المجتمع ، واغتيال الدور يكمن بشكل أساس في خلق قطيعة أو سوء فهم بينه وبين جمهوره .

يطلب من المثقف أن يكون بوقا لهذا السياسي أو ذاك ، ويطلب منه منح هالات التضحية والشجاعة والنبوغ لسياسيين لا يجيدون سوى حساب ارباحهم أو خسائرهم ، ويطلب منه أن يكون مدافعا عن طائفة صنع القدر انتماءه لها ، والحقيقة هي استغلال الطائفة لمصلحة سياسيين يستغفلون جمهورهم .

في كثير من الحالات يخضع المثقف للابتزاز ، بل يحاول أن يشرعنه بحثا عن انسجام مفقود أو تخدير لضمير . وفي حالات أخر تكون السلبية والابتعاد عن الهم العام هي ما يميز موقفه ، أما المثقف المعارض فما أسهل النيل منه ، وتلك لعبة يتسلى بها السياسيون .

البحث عن خلاص لا يأتي إلا عبر الصدق الذي يسبقه الاحساس .

وأعلم جيدا بأنني أدعو المبدع والمثقف إلى مكابدة الألم فالصدق والاحساس أصبحا للأسف الشديد مرادفين للحزن والمعاناة .

هل ثمة أمل يمكن أن تمنحه الاتحادات والمنظمات والنقابات في الدفاع عن المثقف أو منع اغتيال دوره ؟

أظن وإن ( بعض ) الظن أثم وليس كله ، ان هذه التشكيلات تخضع بشكل مباشر أو غير مباشر للقوة والسلطة والمال ، أما الادعاءات الأخرى فمهما بلغت من المتانة والبلاغة فإنها غير قادرة على تغيير النتائج ، قوة المبدع والمثقف تنبع من داخله ، ولا خير في مبدع أو مثقف يستظل بقوة الآخرين ، أو يخشى منهم ، وضعف المثقف ينبع من داخله أيضا ، ومتى ما كان كذلك فلا قوة على وجه الأرض يمكن أن تجعله قويا .

ليس من نبي أو مصلح كبير أو مبدع فذ لم يعان أو يتألم أو يضطهد ، فلماذا يفترض البعض أن الطريق ينبغي أن تفرش بالورود والرياحين .

دع الألم يصهر الروح أملا في نتاج عظيم

النتاج العظيم لا يفترض قطيعة مع المتلقي

والنتاج العظيم يستجيب لقوانين أو معايير النصية وأهمها المقبولية

والنتاج العظيم ليس صدى لجهود الآخرين ومنجزاته ، والنتاج العظيم يخلق قاعدة عظيمة من الايمان والقناعة والتأثير ، أو هذا ما أظنه .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here