في مؤتمر التعاون والشراكة في بغداد، العراق يسارع لحل مشاكل الجيران متناسيا حالته الماساوية

في مؤتمر التعاون والشراكة في بغداد، العراق يسارع لحل مشاكل الجيران متناسيا حالته الماساوية

العراق هذا البلد الذي فيه العجائب والغرائب. فنراه يسير بسرعة خيالية الى مستنقع التخلف. حتى بات لا يعلم احد متى يصل الى القاع او اسفل السافلين. كي يفكر من جديد الى النهوض مرة اخرى. فلا يمكن لاي محلل متخصص ان يفسر اللامنطقية والتصرفات السريالية التي تسير عليها حكومة الاحتلال. لا يمكن باي حال من الاحوال فهم سياسة مسؤولي هذا البلد. فعلى الرغم من ان كل التقديرات العلمية تؤشر بان العراق يتجه الى الهاوية. وان شعبه لا يزال في غيبوبة ويجهل ما يدور وراء الكواليس. تتناسى حكومته انها شتتت ارض العراق ومزقت النسيج الاجتماعي لشعبه.مع كل ذلك فانها تدعو السعودية وايران لتحل مشاكلهما في بغداد.
انه لامر مقرف ان تهرب الحكومة الى الامام وتترك شعبها يأن تحت وطأة الحرمان والتخلف. هذه الفعاليات التراجيدية لا تزيد المشهد العراقي الماساوي الا ضبابية وغموضا. اذا ما علمنا ان ضواحي بغداد كالطارمية وغيرها تشهد هذه الايام حملات تطهير طائفي لسكانها على ايدي الحشد الطائفي الحكومي. هناك ايضا الالف المؤلفة من الذين كانوا ضحية التهجير القسري في سامراء وجرف الصخر وديالى والفلوجة وبابل والبصرة والموصل. انهم حتى هذه اللحظة ممنوعين من العودة الى ديارهم. هناك اوامر ايرانية الى قادة الحشد للاستمرار في تغيير التركيبة السكانية هناك وبناء قواعد ايرانية مشبوهة.
في ظل هذه الفوضى الخلاقة وغير الخلاقة والانهيارات المتسارعة في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فقد وصل الفقر لاغلب طبقات الشعب وتزايدت اعداد البطالة بصورة مقلقة. تم كذلك عسكرة تامة للمجتمع في نظام يعتبر نفسه ديمقراطيا. فاي عراقي يريد ان يعيش مع راتب مجزي ليس امامه سوى ان يشترى مكان كمتطوع في الحشد الولائي او الجيش الطائفي. اما التعيينات المدنية في اغلب المرافق فهي متوقفة منذ سنوات. وعلى كل حال فان منتسبي الجيش او الموظفين تعتبرا قوى غير انتاجية ومستهلكة. انهما عالة على ميزانية الدولة وتستنفذ ثرواتها. دون الحديث ان استنزاف هائل للخزينة بسبب الرواتب العالية لاعضاء الحكومة ورئاساتها الثلاثة: رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان. اضافة الى رواتب مغرية لمئات البرلمانين والوزراء والقضاة والدرجات الخاصة والشركات الوهمية.
اما فيما تبقى من القوى العاملة المنتجة كالفلاحين والصناعيين. فانهم لا يملكون اي حصانة او تامين على مزارعهم او معاملهم. فلا يحظون باي دعم من الدولة في الظروف الصعبة. بل نرى العكس تماما اذ ان هناك جهات مليشاوية حكومية تحرق المحاصيل لتصريف منتجات ايران ومساعدتها بعد فرض الحظر الامريكي والدولي عليها.
في مثل هذه الاجواء الماسوية السابقة الذكر. اختتم في العاصمة العراقية مؤتمر التعاون والشراكة الذي حضرته ايران والسعودية والكويت وتركيا والاردن ومصر وقطر والامارات. الغريب في الامر ان احدا لا يدري لماذا حشرت فرنسا نفسها في مثل هذا الموتمر الاقليمي بين دول عربية اسلامية. ومن الجدير بالذكر ان الرئيس الفرنسي اضحى راس الحربة والعدو الاساسي للاسلام والمسلمين في العالم اجمع.
لم يتطرق احد لاخراج العراق من محنته التي وقع فيها منذ احتلاله عام 2003. المؤتمر اذن ليس لجلب المنفعة للعراق وخلق مشاريع حيوية لمصلحته. لم يطرح فيه اي مشاريع كبرى لاعادة اعماره وايجاد الحلول للمآزق الكبرى التي يمر بها هذا البلد. لقد وجهت الدعوات بالاساس للتوفيق بين السعودية وايران والتقريب بين وجهات نظرهما المختلفة.
هذا الصنيع يذكرنا كيف ان السلطة الجائرة التي ارتضت ان يكون العراق حتى هذه اللحظة ساحة حربية مسلحة لتصفية الحسابات بين امريكا وايران. تعيد السلطة الحاكمة الكرة من جديد لدفع رشاوى بفتح حدود العراق البرية والبحرية والجوية لدخول البضائع البائرة لتلك البلدان المدعوة. لكي تسكت تلك الدول ايضا على جرائم حكومة المنطقة الخضراء في بغداد.
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here