المؤمن لا يلدغ من ( طالبان ) مرتين
في البداية كان هذا التنظيم الأرهابي ( طالبان ) الذي استولى على الحكم في أفغانستان بعد الفوضى التي اعقبت انسحاب الجيش السوفييتي و استيلاء فصائل ( المجاهدين ) الأفغان على السلطة و الحروب التي دارت فيما بينهم في الأستحواذ على الغنائم و المكاسب حينذاك التف الشعب الأفغاني حول ( طالبان ) آملآ في التخلص من سيطرة الميليشيات المسلحة و الأقتتال المستمر و المدمر فيما بينها و ما ان ظفرت ( طالبان ) بالحكم حتى تم تطبيق احكام الشريعة الأسلامية القاسية وفق ما جاءت به النصوص القرآنية و السنة النبوية فرجم الناس حتى الموت و جلد الآخرون في الساحات العامة و بترت الأيادي و قطعت الآذان و جدعت الأنوف و لم تستطع النساء من الذهاب الى الأسواق دون ( محرم ) و أنزلت العقوبات بمن يحلق الذقون و كذلك الذي يرتدي البنطلون .
بعد الأنسحاب الأمريكي ( المتفق عليه ) استولى التنظيم الأرهابي ( طالبان ) مرة اخرى على الحكم و لبس هذه المرة قناع ( الأعتدال ) و نبذ التطرف و الأبتعاد عن العنف كما ادعى زعماء هذا التنظيم الأرهابي من خلال الدعوة الى الحوار و التفاهم في امكانية تشكيل حكومة افغانية أئتلافية تشترك فيها كل المكونات و الأتجاهات الفكرية و المذهبية الأفغانية في محاولة الظهور بمظهر المعتدل الذي نبذ سياسة التطرف و الأرهاب السابقة التي كان عليها التنظيم في فترة حكمه الأول قبل الأحتلال الأمريكي في اعقاب احداث ايلول 2001 حينها هاجم تنظيم ( القاعدة ) الأجرامي الولايات المتحدة الأمريكية في ( الغزوة ) الشهيرة و كان حينذاك في احضان و ضيافة تنظيم ( طالبان ) الأرهابي .
من خلال تتبع سجل الحركات الأسلامية المتطرفة لم يسجل ان مالت تلك الحركات الى الأعتدال و المهادنة و نبذت العنف و الأرهاب لا بل على العكس فقد انبثقت من تلك الحركات الأسلامية المتطرفة فصائل اكثر تطرفآ و عنفآ و اجرامآ فكان تنظيم ( الأخوان المسلمين ) و الذي كان اكثر ( اعتدالآ ) من تلك التي خرجت منه مثل التنظيمات المسلحة و اشهرها تنظيم ( التكفير و الهجرة ) و كذلك الفصائل الجهادية المسلحة المتعددة الأسماء و العناوين و كذلك كان تنظيم ( القاعدة ) الأكثر تطرفآ و منه انبثق التنظيم الأجرامي ( داعش ) الذي اوغل في الدماء و الأرواح بشكل لم يسبق له مثيل و هكذا يتوقع الكثيرون ان يخرج من ( داعش ) الذي هزم و تقهقر تنظيمآ اكثر شراسة و اجرامآ و كأن التنظيمات الأسلامية المتطرفة تتسابق فيما بينها على سفك المزيد من الدماء و الأيغال في القتل و التشنيع .
من الطبيعي ان تغير الأفعى ( جلدها ) و تكتسب ( جلدآ ) جديدآ الا ان السم الزعاف يبقى في انيابها كامنآ و هذا ( الوجه ) الجديد الذي ارتده ( طالبان ) الذي يدعو الى الحوار و التسامح و نبذ العنف و التطرف ما هو الا ( قناع ) مزيف وقتي لا يلبث هذا التنظيم ( طالبان ) و ما ان يستتب له الأمر حتى يخلعه و يكشر عن انيابه من جديد اما اذا ( استجاب ) قادة الحركة ( طالبان ) و ركنوا الى التعقل في التعامل مع العالم الخارجي و نبذ تصدير الأرهاب و الأرهابيين فأن جيلآ متطرفآ سوف يخرج من عباءة الحركة مطالبآ قادتها بالعودة الى النصوص الدينية و الأحاديث النبوية المعتمدة عندهم و الا سوف يعتبرون ( مرتدين ) وجب عزلهم و من ثم قتلهم .
لا يمكن الأعتقاد ان هذه الحركات الأسلامية المتطرفة سوف تغير من نهجها و مسيرتها طالما تعتمد في ذلك المنهج على النصوص الدينية من الآيات القرانية و الأحاديث النبوية و مادامت تلك النصوص غير قابلة للتغير او التطوير لذلك سوف تبقى هذه الحركات اسيرة لتلك النصوص ( المقدسة ) و بالأخص الحركات المتطرفة و التي و ان استطاعت التخفيف قدر الأمكان من النصوص المتشددة فأنها سوف تتهم بالتحريف و التنكر لسيرة الصحابة و احكامهم و عقوباتهم و سوف تتمرد ثلة من هذه الحركة على قادتها مثلما حدث عندما تمردت و انشقت ( داعش ) عن تنظيم ( القاعدة ) و غير ذلك من الأنشقاقات التي حصلت في كل التنظيمات و الحركات الأسلامية .
الأنسحاب الأمريكي ( المبيت ) انعش آمال التنظيمات الأصولية و الأرهابية الذي اعتبرته هزيمة لأمريكا و انتصار لحركة ( طالبان ) من خلال برقيات التهنئة التي انهالت على ( طالبان ) و قياداتها بالنصر ( المبين ) و اذا كانت الأدارة الأمريكية تعتقد ان القضاء على الأرهاب في افغانستان ليس من مهام امريكا لوحدها بل هي مهمة الدول المجاورة اولآ ( روسيا و الصين و ايران و باكستان ) و هذه الدول هي المتضرر الأول من ارهاب ( طالبان ) القادم و قد حان الوقت لتلك الدول من المساهمة و المشاركة الفعالة في محاربة الفكر الأرهابي و الذي تمثل ( طالبان ) ابشع صوره و قد استشعرت دول الجوار الأفغاني الخطر الأرهابي المحتمل بعد اسيلاء ( طالبان ) على الحكم لا بل ان كل دول العالم انتابها الهلع و الخوف من بؤرة الأرهاب الجديدة هذه و التي اكتوى بنارها العالم بأسره سابقآ فهل يلدغ المؤمن من جحر مرتين .
حيدر الصراف
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط