الانسان والصنمية المقيتة

بقلم محمد الكعبي
لقد أحدث الإسلام  بمفاهيمه وأحكامه_ التي لا تنافي و لا تضاد  في ملاكاتها_ تحولاً شاملاً وانقلاباً عظيماً في المفاهيم السلبية التي حكمت الانسان بجاهليتها المقيتة، والتي وطّئته باقدامها وسحقته بعنجهيتها فجعلته اعمى لايرى النور  وجاهل لايعي قيمة العلم، حيث عاش ذليلا حقيرا مكبلا بقيود الصنم المتنفس والمقدس المزيف الذي يملي عليه ارائه وافكاره ويحركه أنا يشاء، فافنى عمره في صومعة يتعبد اله غير الله ويسجد لغير رب السماء، فتاه في صحراء الجهل والانحطاط، فتسافل، حتى عاش الندية مع خالقه فادعى الربوبية{ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى}، فعصى وتمرد وقتل ابناء جلدته من اجل دنيا فانية، فهبط إلى مستوى الأسفليّة، تاركاً مقام الأحسنيّة، فجاء الدين ليحي فيه البعد النوراني ليخرجه من تكبّره وتجبّره ويدخله في دائرة الحق ليكون مستحقاً  لتمثيل الرب في عالم الخلق.
الاسلام يحاكي فطرة الانسان لأنه يتناغم مع متطلباته الروحية والجسدية، فجعل القيمة العليا التقوى فهي عنوان التمايز والتفاضل، {…إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، وجعل رفعته بالعلم بعد الإيمان،{…يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِين َآمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}،  وفضله بالجهاد  لما به من إصلاح وحماية للفرد والمجتمع وإعلاءً لكلمة الحق، حيث إن الجود بالنفس أقصى غاية الجودِ {.. وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عظيماً } الجهاد بالنفس، القلم، العلم، الكلمة، البناء الحضاري والانساني والاخلاقي الذي يجعل الانسان انسانا بانسانيته بعيداً عن الوحشية بكل أنواعها الفكرية والمادية ليكون خليفة الله في الارض.
الحزب والمنصب والمال مسائل اعتبارية عارضة، والعاقل هو من يعرف قيمة الايمان ويمتثل لتعاليم السماء من خلال  ابراز الحق وتطبيق العدالة، لقد حاول رسول الله(ص) أن يبني الإنسان بغض النظر عن لونه وعرقه وقوميته، وأراد الله تعالى لهذا المخلوق العجيب في تركيبته والبعيد في اطواره  والواسع في مخيلته حراً كريماً وله الريادة والحاكمية على الارض من خلال منحه الاختيار والارادة، لكن البعض إبى الا العبودية للصنم، فسجد للمنصب وعبد الحزب وسبح للمسؤول، فعطل عقله وحبس نفسه في ذل العبودية، فاحتقرته الدنيا ولم تعر له اهمية، فاصبح يستجدي الرغيف من قاتله ويطلب العون من غاصبه، وهذا هو الخائن وستلعنه الاجيال حتى بعد موته.
لعمرك ما الإنسان إلا بدينه ** فلا تترك التقوى اتكالا على النسب
لقد رفع الإسلام سلمان الفارسي**  وقد وضع الشرك الشريف أبا لهب.
كن حرا بفكرك وانتماءك ولاتسمح للاخر أن يقودك بجهله، وكن قائداً لنفسك وعبدا لربك عندها ستعرف معنى الحرية وستكفر بكل الاصنام مهما كانت مغلفة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here