المرجع الحكيم.. سيرة الاعتدال والعلم!

المرجع الحكيم.. سيرة الاعتدال والعلم!

محمد وذاح

حط أخيراً المرجع الديني الكبير سماحة السيد محمد سعيد الحكيم، اليوم الأحد (5 أيلول 2021)، في مثواه الأخير بجوار مرقد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد تشييع إستمر ليومين متتالين.

وشارك في التشييع المركزي، صباح اليوم، آلاف المواطنيين وطلبة العلوم الدينية وكبار مراجع النجف الأشرف بينهم نجل المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، أنطلاقاً من مكتبه في المدينة القديمة إنتهاء بشارع الرسول ومحيط العتبة العلوية لأرجاء الصحن المقدس.

وكان من المقرر أن يوارى جثمانه الثرى في مقبرة (آل الحكيم) بجوار المسجد الهندي في المدينة القديمة، إلّا أن توجيها صدر من المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، بدفن المرجع الكبير السيد الحكيم في الصحن العلوي المطهر بجوار مرقد الإمام علي (عليه السلام).

ومن المؤمل أن يقام مجلس العزاء لمدة ثلاثة أيام في مسجد السهلة المعظم بقلب الكوفة وبمشاركة من إسرة (آل الحكيم) وجمع علمائي من المراجع وطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف.

تعاطف محلي وعالمي

وما إن أعلن نبأ وفاة المرجع محمد سعيد الحكيم، يوم الجمعة الماضي (3 ايلول 2021) حتى انشغلت معظم الأوساط العراقية والعالمية بالحدث وخيم الحزن على محافظتي النجف وكربلاء اللتين تعدان المركز العقائدي والديني للطائفة الشيعية بسبب احتضانهم مرقدي الإمام علي (ع) في النجف والإمام الحسين وأخيه العباس (عليما السلام) في كربلاء.

فقد نعته الرئاسات العراقية الثلاث، وأرسلت معظم الفعاليات الاجتماعية والشخصيات والأحزاب السياسية في العراق برقيات تعزية إلى أسرة الفقيد، والذي اعتبرت أن العراق فقد علماً من أعلام الهدى، ورايةً من رايات الفكر الإسلامي المعاصر ومرجعاً كبيراً نذر نفسه منذ بواكير تطلّعاته الإسلامية الأولى للنهج والرسالة والعقيدة، وفق بيان الناطق باسم تحالف الفتح، النائب أحمد الأسدي.

كما أرسلت العديد من الدول الإقليمية وسفارات الدول الأجنبية برقيات تعزية مماثلة، فقد تقدمت سفارة المملكة العربية السعودية في بغداد “بخالص التعازي والمواساة للشعب العراقي الشقيق برحيل المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم”

وبعث أمير الكويت نواف الأحمد الجابر الصباح برقية تعزية إلى المرجع السيد علي السيستاني، ورئيسي الجمهورية والوزراء برهم صالح ومصطفى الكاظمي، بوفاة محمد سعيد الحكيم.

كما عزى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بوفاة المرجع، وأعرب السفير الإيراني في العراق أيرج مسجدي، عن حزن بلاده «بتلقي هذا الخبر الأليم، بفقد السيد محمد سعيد الحكيم تاركا خلفه إرثا فكريا وثراء من المعارف والعلوم».

وتقدمت السفارة الأميركية في بغداد بالتعازي وقالت في بيان إنه «من المحزن للعراق فقدان مثل هذه الشخصية العلمية والمحترمة».

سيرة الحكمة والصبر

ويعد المرجع محمد سعيد الحكيم، عميد عائلة الحكيم الشهيرة في النجف التي أنجبت العديد من مراجع الدين الكبار وعشرات الشخصيات الدينية والسياسية، وهو أحد المراجع الأربعة الكبار في حوزة النجف وكان يتوقع أن يشغل منصب زعيم الطائفة خلفا للمرجع الحالي آية الله علي السيستاني الذي نعاه في بيان قال فيه: “لقد خسرت الحوزة العلمية في النجف الأشرف بفقده أحد أعلامها وفقهائها البارزين الذي نذر نفسه الشريفة لنصرة الدين والمذهب وكرّس حياته المباركة لخدمة العلم وأهله وخلف تراثاً علمياً جليلاً يحظى بمكانة سامية”.

وولد المرجع الراحل محمد سعيد الحكيم في مدينة النجف عام 1936 وهو نجل آية الله السيد محمد علي الحكيم، وتتلمذ في شبابه في حوزة النجف الدينية على يد المرجع الأكبر للطائفة الشيعية آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم (1889 – 1970). وتعلم على يد أساتذته وكبار رجال الدين في الحوزة، قام المرجع الراحل بإلقاء المحاضرات والدروس الحوزوية على المئات والآلاف من طلبة العلوم الدينية خلال مسيرته العلمية الممتدة لأكثر من نصف قرن.

وتعد عائلة الحكيم من بين أشهر العوائل الدينية التي اشتغل العديد من رجالها في السياسة والشأن العام وتعرضوا إلى صنوف القتل والمطاردة إبان عهد النظام السابق بالعراق (1968 – 2003). وتعرض المرجع الراحل إلى مضايقات من النظام ثم ألقي القبض عليه وأودع سجن أبو غريب مطلع عام 1983، قبل أن تفرج عنه السلطات في عام 1991.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here