داعش يهاجم قرى شرقي ديالى للمرة العاشرة.. ومسؤول يقترح على سكان العبارة حماية مناطقهم بأنفسهم!

بغداد/ تميم الحسن

يهاجم ما تبقى من تنظيم “داعش” قرى في ديالى، شمال بغداد، بأسلحة متطورة غير متوفرة لدى القوات العراقية، كما يدمر قبل ذلك كل كاميرات المراقبة باهظة الكلفة.
ويسكن المسلحون في ديالى مناطق وعرة لكن داخل مضافات “فندقية” تعمل على الطاقة البديلة بينما سكان القرى القريبة يلفهم الظلام.

التنظيم الذي لا يعرف بالتحديد كم تبقى من عناصره بعد 4 سنوات من إعلان النصر، ومئات الحملات العسكرية، هاجم فجر أمس قريتين في ديالى للمرة العاشرة منذ العام الحالي. كما يستمر “داعش” في قرى أخرى وسط ديالى، بإجبار السكان على المبيت في الشارع لليوم الخامس على التوالي، على أمل إيجاد حل للهجمات المتكررة. وفي نهاية 2017، أعلنت بغداد انتهاء العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش”، لكن بعد شهرين عاد التنظيم إلى الظهور في بعض المدن.

ومنذ ذلك الحين نفذت القوات العراقية بالتعاون مع التحالف الدولي، نحو 700 حملة عسكرية لملاحقة ما تبقى من التنظيم.

واحدة من أبرز المناطق التي تشهد نشاط “داعش” بعد خسارته المدن، هي شمال شرقي ديالى حتى الحدود مع إيران.

الهجوم السادس على حلوان

المسلحون الذين يعتقد أنهم تابعون لـ”داعش” يهاجمون قريتين هناك بشكل مكثف على وجه التحديد لأسباب تتعلق بثأر قديم.

حلوان وأم الحنطة، أكثر القرى في شمال شرقي ديالى التي تستهدف من قبل المسلحين، آخرها كان فجر أمس. يقول احمد الجبوري احد مقاتلي الحشد العشائري في شمال شرقي ديالى لـ(المدى) إن “المفاز الصغيرة التي لا يتعدى أفرادها بين 3 أو 5 هاجموا نقطة عسكرية وأصابوا 5 جنود”. المسلحون استخدموا مجددا طريقة “الفخ” في مهاجمة النقطة العسكرية التابعة للجيش في قرية حلوان الواقعة بين خانقين وجلولاء.

الجبوري يؤكد “بعد الهجوم بالأسلحة الرشاشة جاءت قوة للدعم لكن عبوة ناسفة كانت قد انفجرت في طريقهم”. “داعش” قام في كركوك قبل أسبوع بهجوم مماثل، حيث هاجم نقطة عسكرية من جهة، وفخخ طريق القوات الساندة، واوقع أكثر من 10 ضحايا.

المقاتل في الحشد العشائري يشير إلى أن المسلحين الذين يهاجمون “حلوان” يأتون دوماً من تلال حمرين، ويستخدمون الدراجات النارية أو السيارات.

وحمرين مناطق جبلية وعرة، لكن “داعش” يسكن في مضافات متطورة وفيها اغلب وسائل العيش المريحة. الجبوري يؤكد أن “داعش يحمل أسلحة خفيفة في العادة لأنه يسير على الأقل 2 كيلو متر إذا جاء مستقلا سيارات حيث لا يمكن أن يقترب من حلوان أكثر من تلك المسافة بسبب التضاريس الصعبة”. ويتابع “في عمليات التمشيط نجد المضافات تضم دراجات نارية ومولدات كهرباء وأحيانا مضافات فيها طاقة من لوحات الخلايا الشمسية، بالإضافة إلى الأسرّة وتنور الخبز”.

أين يفر المسلحون؟

أغلب تلك الطلعات لا تجد فيها القوات المهاجمة المسلحين في المضافات، حيث يكونون قد هربوا قبل ذلك بوقت قصير. وتشير بعض المصادر إلى تسرب المعلومات إلى المسلحين قبل الهجوم، لكن الجبوري يقول إن “الحشد العشائري يتأخر في المعالجة لان إمكانياته ضعيفة”.

الحشد العشائري وعلى خلاف رفاقه في الحشد الشعبي وخاصة الفصائل الكبيرة، لا يمتلك سيارات أو أسلحة كثيرة، حيث يتشارك مقاتلان اثنان بسلاح واحد. ويعد الهجوم الأخير على “حلوان” هو السادس منذ بداية العام الحالي، تسبب خلالها بمقتل 15 بين مدني وعسكري، وإصابة 17 آخرين. وشن التنظيم هجمات على القرية في شهر كانون الثاني مرتين، وفي شهر حزيران الماضي 3 هجمات، وفي تموز هجوما واحدا، بالإضافة إلى هجوم الأمس.

الثأر من “أم الحنطة”

أما الهجوم الأخير الذي حدث بشكل متزامن فكان على قرية “أم الحنطة” في شمال شرقي ديالى أيضاً، لكن لم تسجل فيه أية إصابات أو قتلى.

وقرية ام “الحنطة” هي احدى قرى شيخ بابا، حيث يوجد في هذه المنطقة زور “مستقنع” يختبئ فيه المسلحون، والهجوم الأخير هو الثالث منذ بداية العام.

والقرية واجهت “داعش” عدة مرات، ويشكل السكان منذ سنوات حوائط صد، لذلك يحاول التنظيم “إخافة السكان” و”الانتقام منهم” بتلك الهجمات بحسب قول الأهالي.

والهجوم الأخير نفذ بنفس طريقة حادث حلوان، عبر مفرزة صغيرة أطلقت الرصاص على نقطة عسكرية، قبل ان يعودوا الى “شيخ بابا”.

وتضم منطقة “شيخ بابا” التابعة لقضاء خانقين، 8 قرى أبرزها “الإصلاح” و”أم الحنطة”، ويبلغ عدد نفوس القرى مجتمعة نحو 26 ألف شخص.

وهذه القرى كانت فقدت نحو 300 شخص بين قتيل وجريح في السنوات الأربع الماضية، بسبب تكرار الهجمات التي ينفذها “داعش”.

كما قامت فصائل من الحشد بتجريف نحو 3 آلاف دونم زراعي مثمر بذريعة حماية تلك المناطق، دون ان يتسبب ذلك في إيقاف الهجمات.

قناص الدواعش!

ويقول المقاتل في الحشد العشائري في شمال شرقي ديالى أن “المسلحين يمتلكون أدوات تساعدهم على الهجوم، مثل الاستهداف من التلال، وامتلاكهم قناصات حرارية، وهي غير موجودة لدى الجيش”. وكان وزير الدفاع جمعة عناد الجبوري، أشار إلى أن “قناص تنظيم داعش” مازال يسبب الخسائر للقوات الأمنية.

وقال في تصريحات متلفزة سابقا، إن “تنظيم داعش لا يمتلك قوة جوية، حيث يقاتل بالرشاش الثقيل، الأحادية 12 ملم، أو 14 ونصف، لكن لدى داعش قناصات متطورة وقناص حراري، والعراق لحد الآن يقدم خسائر بسبب هذا القناص”. وأضاف في تلك التصريحات التي بثت العام الماضي أن “العراق في طور التعاقد مع جهة من الجهات لكي يجلب القناص المتطور، وقريباً سيصل”. كما يفجر “داعش” أثناء تلك الهجمات اغلب الكاميرات الحرارية دقيقة الرؤية، وهي كاميرات تبلغ تكاليف شرائها ونصبها بين 20 و50 الف دولار.

من يحمي العبارة؟

وفي وسط ديالى، يستمر سكان ناحية العبارة، شمال بعقوبة (مركز المحافظة) لليوم الخامس على التوالي بنصب السرادق في الشوارع احتجاجا على تصاعد الهجمات.

ويقول علي رضا، احد منسقي التظاهرات في العبارة في اتصال مع (المدى) إن “الأهالي لن يفضوا الاعتصام لحين تحقيق المطالب”.

ويطالب السكان بإيجاد حلول جذرية لمشكلة الناحية، وإيقاف الهجمات المتكررة على القرى، ومحاسبة الفاعلين. ويضيف رضا: “المسؤولون الأمنيون قدموا حلولاً ترقيعية، منها استبدال القيادات وهذا أمر لا يعنينا، نريد تحقيق الأمن”.

ويوم الأحد الماضي قطع سكان ناحية العبارة طريقاً رئيساً في البلدة احتجاجا على تصاعد العنف، بعد هجومين جديدين تسببا باصابة 5 من المدنيين والشرطة. وليلة السبت على الأحد الماضي، هاجم مسلحون مجهولون منزل احد السكان في القرى هناك، وتسببت الاشتباكات بين الأهالي والمسلحين بإصابة 2 من المدنيين.

وبطريقة “الفخ” أوقع المهاجمون 3 جرحى آخرين اثنان منهم من الشرطة، بعد أن زرعوا عبوات ناسفة قرب المنزل، انفجرت على القوات والأهالي التي حاولت صد الهجوم.

احد المسؤولين في ديالى وبحسب المتظاهرين في العبارة ابلغهم أنه “ليست لديه إمكانيات أو عناصر لنشرهم في المناطق الهشة”، وبدلا عن ذلك “طلب من السكان التسلح وهو سيقوم بدعمهم”. لكن المتظاهرين بحسب رضا، رفضوا ذلك الأمر لأنه سيزيد من معدلات العنف، وان الأهالي ليس من واجبهم حمل السلاح.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here