زيارات المشاهير إلى الموصل تذكارات عاطفية

زيارات المشاهير إلى الموصل تذكارات عاطفية

عبداللطيف الهجول

منذ أن تحررت الموصل من قبضة داعش شهدنا عددا من الزيارات لممثلين وفنانين ورؤساء دول أجنبية اقتصرت على جولات استطلاعية للدمار الذي حل بالمدينة والتقاط الصور التذكارية مع خراب المدينة.
نجحت القوات الأمنية والتحالف الدولي في هزيمة تنظيم داعش وانتزاع جميع الأراضي التي كان التنظيم الإرهابي يسيطر عليها في العراق وسوريا منذ 2013. لكن العمليات العسكرية ضد التنظيم دفعت مئات الآلاف من سكان الموصل ومدن وبلدات محافظة نينوى إلى النزوح من المدينة واللجوء إلى مخيمات تم فتحها بعد انطلاق عمليات التحرير في 2017.

ويتوزع النازحون في محافظة نينوى على تسعة مخيمات، سبعة منها في جنوب الموصل، بحسب وكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، واثنان آخران في شمال شرق المدينة باتجاه مدينة أربيل. يسكن في المخيمات أكثر من ثلاثين ألف نازح إلى يومنا هذا ويؤدي الطقس الحار في فصل الصيف إلى شح في الماء والكهرباء، مما يتسبب بمعاناة كبيرة لسكان المخيمات.

أسباب عدم عودة هؤلاء النازحين إلى ديارهم تختلف من منطقة إلى أخرى. فبعض المناطق تسيطر عليها الميليشيات التي تتبع إيران، ومناطق غرب نينوى كقضائي البعاج والحضر ما زالا يفتقران إلى الخدمات الأساسية والمدارس، في حين يخشى نازحو منطقة سنجار من العودة نظرا للظروف الأمنية غير المستقرة التي يشهدها القضاء الواقع شمال غرب الموصل من التعدي على الأهالي وانتهاكات تقوم بها الميليشيات الموالية لإيران ضد أبناء المحافظة والسيطرة على ما تبقى من المحلات التجارية والعقارات والمحاصيل الزراعية في الموصل من خلال عمليات تزوير، ويرافق ذلك عدم تحرك حكومي أو دولي ضد هذه الانتهاكات.

اليوم نشاهد زيارات من سياسيين ورؤساء كتل في البرلمان العراقي ومرشحين جدد من خارج المدينة تتسلط أعينهم على تلك الفئة من المستضعفين، يحاولون إغراءهم بالقليل من المواد الغذائية والملابس ظنا منهم أنهم سيكسبون أصواتا من أناس حل بأرضهم الدمار. وعود كاذبة بالإعمار والخدمات وغيرها تقدم على لسان السياسيين إلا أننا نعلم جيداً وضع المواطن المزري.

يبدو أن الوعود الفرنسية لن تثمر عن شيء في ظل سطوة الميليشيات والتنظيمات الموالية لإيران لأنها لن تسمح بمرور أي مشروع لأي دولة كانت دون الاستفادة منه وهذا ما سيحصل مع الوعود الفرنسية

منذ أن تحررت الموصل من قبضة داعش شهدنا عددا من الزيارات لممثلين وفنانين وشخصيات سياسية عراقية وعربية بارزة ورؤساء دول أجنبية اقتصرت على جولات استطلاعية للدمار الذي حل بالمدينة والتقاط الصور التذكارية مع خراب المدينة. وأظهرت لقطات مصورة وصور وزعها مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين لقاء نجمة هوليوود المبعوثة للمفوضية أنجلينا جولي عام 2018 بعائلات من غرب الموصل، وكيف سارت في شوارع سبق أن تعرضت للقصف. وتلتها زيارة بابا الفاتيكان حيث كانت مهمتها تتعلق بوقف الكثير من الممارسات التي تسببت باستمرار هجرة المسيحيين، سواء في بغداد أو نينوى أو باقي مدن العراق. ولم تفصح الحكومة العراقية ولا رئاسة الجمهورية عن نتائج أي من الاجتماعين اللذين عقدهما رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس الجمهورية برهم صالح مع البابا فرنسيس آنذاك.

وبعد القمة التي انعقدت في بغداد مؤخراً زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مدينة الموصل وأثمرت الزيارة عن تعهد الرئيس الفرنسي ببقاء القوات الفرنسية المقاتلة ضد تنظيم داعش في الموصل إلا أننا نعلم جيداً أن تنظيم داعش أخرج من تلك الأراضي وهي منذ ذلك الوقت تحت سيطرة الميليشيات الإيرانية التي تمنع عودة ساكنيها. كلام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان دليل على ذلك حين قال في مؤتمر صحافي عقد في دمشق إن على ماكرون “الامتنان لنا لأننا جعلناه يزور مدينة الموصل بفضلنا بعد أن حررناها”.

ويبدو أن الوعود الفرنسية لن تثمر عن شيء في ظل سطوة الميليشيات والتنظيمات الموالية لإيران لأنها لن تسمح بمرور أي مشروع لأي دولة كانت دون الاستفادة منه وهذا ما سيحصل مع الوعود الفرنسية.

مرت الزيارات ولم نلتمس عودة أي نازح من سكان الموصل. فقضية النازحين أصبحت تجارية وعاطفية أكثر مما هي إنسانية وحق لأهالي المدينة. السنوات ليست سوى رقم بالنسبة إلى النازحين لأنهم لا يعرفون إلى ماذا سيؤول مصيرهم وإلى متى ستكون الحياة في المخيمات هي أفضل الخيارات المتاحة لهم؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here