كركوك الحقائق والوقائع التاريخية تتكلم عن أصالتها الكوردية وعراقتها الكوردستانية 1/21

محمد مندلاوي

إن الشيء الذي لا يحتاج إلى دراسة أكاديمية لمعرفة بداية ظهوره على الأرض هو الكائنات المتباينة، ومنها الإنسان أيضاً،لأن هذا الأخير يعرف بالفطرة أو بالعقل بأن له بداية على الأرض رأى فيها النور، إما أن أوجدته الطبيعة بمعزل عن تدخل الإنسان ذاته، وذلك من خلال قوانينها الحتمية التي لا مفر منها – طبعاً لا ننسى هنا الخالق الذي أوجد بقدرته المطلقة الكون وما فيه من العدم- حيث يعيش الإنسان كالمخلوقات الأخرى في ثناياها المتغيرة عبر الأزمنة والعصور المختلفة. إما أن ابتكرها عقل هذا الجرم الصغير ذاته المسمى إنس- إنسان؟، الذي اختلف اختلافاً كلياً عن بقية الكائنات الأخرى التي تعيش في حضن الطبيعة دون عقل، أي: بالغريزة التي لا تعرف الاختيار وتتصرف تصرفاً خلقياً. لكن الإنسان، بخلاف الحيوان الغريزي له دماغ أكثر تطوراً من أدمغة الكائنات الأخرى، ويمتاز دماغه على المخلوقات الأخرى بعامل التطور الذاتي باستمرار، وذلك عبر مراحل الزمن. بهذا الصدد يقول العلماء: “إنه – الإنسان- تميّز دماغه عن أدمغة بقية الكائنات الأخرى التي تمشي على قدمين أو أربعة بطبقة “نيوكورتكس” (القشرة الدماغية الحديثة) التي تشكل خمسين بالمئة من كتلة الدماغ، ووظيفتها تمكين الإنسان من تنفيذ الأفكار، لأن الدماغ حين يتمخض يولد أفكار”. إذاً، الدماغ عضو مركزي في جسم الإنسان، ويتحكم في سلوكه، أي في تصرفه حسن كان أم سيء، وهو – الدماغ- بنك تصوراته واستدلالاته، ويدرك به الأشياء التي حوله أو في الكون الواسع، وهو الذي يميز به الأمور الإنسانية كالحق من الباطل، الخير من الشر، الجيد من الرديء الخ. فعليه، إذا يفتقد الإنسان إلى الدماغ بلا أدنى شك عنده لا يسمى إنساناً أو بشراً، بل يكون حيواناً غريزياً كبقية الحيوانات الأخرى على الكوكب الأرضي، وقد يكون مفترساً ودون رحمة، ودون حس إنساني، كما كان في العصور الغابرة، قبل قيامه بتحريك خلايا دماغه الراكدة لأداء مهامه البشرية على أكمل وجه، التي مهدت له فيما بعد الطريق لتسيده على الكوكب الأزرق.
كي لا ننسى، كما تعلم عزيزي القارئ، أن الحياة على كوكبنا الدوار بكل أشكالها المتباينة لا تولد إلا عندما تتوفر لها عوامل ولادتها،على سبيل المثال، لولا الماء لا توجد الشجر ولا الزرع ولا الحيوانات ولا الطيور ولا الإنسان؟؟ لأنها لا تنبت ولا تعيش أي شيء في صحراء قاحلة، في أرض مجدبة محتبس عنها المياه التي هي نواة أساس التطور ونماء استمرارية الحياة، وهي المادة الوحيدية التي تعتبر إكسير الحياة،عصب الحياة؟؟ لأن رمال الصحراء القاتلة تزحف يومياً على كل شبر منها ولا تدع أي شيء فيها يخرج من باطن الأرض نحو ضوء الشمس الذي كعنصر مناخي يساعد الشجر والنبات على النمو وذلك من خلال التركيب الضوئي؟؟ إذاً، إذا لا تنبت هذه المفردات الحياتية من باطن الأرض بلا أدنى شك لا تظهر حياة على أديم الأرض أيضاً لأن استمرارها في الحياة مرهون بما تنبتها الأرض. كما يقول العلم والعقل والمنطق بأن نشوء الحياة، ولادة عموم الكائنات وارتقاء الإنسان تحتاج إلى أرض أعدتها لها الطبيعة مسبقاً، بمعنى، إذا لا توجد أرض خصبة فيها مفردات النشوء والارتقاء كالتربة الصالحة، والماء الصالح، والهواء المعتدل، والحرارة المناسبة التي تولدها شمس مشرقة وليست شمس محرقة كتلك التي تسطع على الصحارى الخ، بلا أدنى شك لا تظهر حياة بكل تفاصيلها على تلك الأرض التي ليس فيها تلك العوامل التي ذكرناها أعلاه؟؟. بما أن الصورة أبلغ من أي كلام ولا تكذب أدناه صورة للكثبان الرملية المتحركة في صحراء الربع الخالي التي تقع في الجزيرة العربية، التي تفتقد فيها مفردات الحياة التي ذكرناها أعلاه هل فيها آثار لوجود الإنسان أو الحيوان أو النبات عاشت هنا في الزمن الماضي أو حتى في الزمن الحاضر، هل فيها بقايا الشجر أو النبات أو قطرة ماء؟ هنا أتذكر شعراً معبراً لـ(مظفر النواب) جاء في قصيدته المشهورة (وتريات ليلية):
يا هذا البدوي الضالع بالهجرات تزود قبل الربع الخالي بقطرة ماء:
1
أدناه، صورة للطبيعة الخلابة في كوردستان، ننشرها هنا للمفارقة بين الجبل والصحراء؟، الجبل هو وطن الكورد كوردستان، الذي بزغ منه فجر الحضارة البشرية، وعرف في صفحات التاريخ ببلاد الجبال، بلاد الكورد، أرض الكورد التي كانت مهد البشرية الثانية بعد الطوفان وذلك بعد استقرار سفينة النبي نوح على قمة إحدى جبالها الشماء إلا وهي جبل”گوتی= جودي” كما يقول القرآن، أو جبل آرارات كما يقول كتاب التوراة، أو جبل الكورد كما يقول كتاب كنز ربا وهو كتاب المندائيين (الصابئة). لا يخامرني الشك أيضاً، أن أرض كوردستان الغنية بالمياه الفيروزية وثمار البراري والحيوانات الأليفة والمتوحشة والطيور المتنوعة كانت أيضاً مهداً للإنسان الأول؟ عزيزي المتابع، أن التأثير الإيجابي للزراعة على الإنسان جعلته يستقر في منازل مبنى من آجر وفي موطن واحد لا يغادره بحثاً عن المياه والكلأ كما هو شعب الصحراء الذي يفتقد إلى مياه، لذا من أجلها يتنقل في كل يوم من منطقة إلى أخرى ويتبع مساقط الغيث ومنابت الكلأ؟. لكن الأرض الخصبة والزراعة في كوردستان هي التي جعلت الإنسان الكوردي القديم يفكر ويبتكر الأشياء التي يحتاجها في شق الأرض وحصد ما يزرع، ومن ثم يبتكر الآلة التي تساعده على تحويل المحاصيل الزراعية إلى مواد يستفاد منها للاستهلاك البشري:
1

01 06 2021
يتبع

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here