العمالة والعملاء في العصور الحديثة

فارس حامد عبد الكريم

ظاهرة العملاء السياسيين برزت بشكل واضح بعد أن قررت بريطانيا العظمى، ولأسباب إقتصادية ابتداءاً، وكذلكماأفرزته تطورات القانون الدولي لاحقاً المتعلقة بحركات التحرر الوطني، سحب جيوشها الجرارة من ما كانت تسميهممتلكاتها في ماوراء البحار، وإستبدالهم بجندي واحد عميل من مواطني البلد المنسحب منه، بعد أن يتم إيصاله للحكمبطرق تتلائم مع طبيعة كل شعب (تنصيب ملكي؛ ثورة شعبية متحكم بها، تركيز الاعلام على شخصية معينة دونغيرها….) ويفضل ان يكون من الأقليات في ذلك البلد ومن الطبقات المسحوقة لمداعبة مشاعر الأغلبية المسحوقة، ويتماختياره وتدريبه بكل عناية ولأجل محدد سلفاً، والعملاء نوعين؛ الأول العميل المباشر الذي اشرنا اليه اعلاه وهو منجندته المخابرات الأجنبية (الغربية او الصهيونية مثلاً) بشكل مباشر وسري وخصصت له واجبات ومهمات محددةورواتب وعادة مايتسنم هؤلاء مواقع متقدمة في الدول التي زروعوا فيها تسللاً او من خلال انقلاب عسكري تحت يافطة(ثورة).

ومن المعلوم تاريخياً انه لاتوجد ثورة في التاريخ الانساني قادها أو ابتدعها العسكر فالثورة انتفاضة شعبية كبرى لهاخصائصها المميزة مثل الثورة الفرنسية(1879) مثلاً.

اما الثاني فهو عميل غير مباشر  وهو من أتباع العميل المباشر أو المؤمنين بطروحاته الثورية، وهو الأخطر على الحياةالإجتماعية لانه لايعرف انه عميل ويكون عادة متعصباً أعمى ينفذ دون ان يناقش، ومن امثلتهم اعضاء بعض الاحزابالتي أسسها الأستعمار لتخلفه في حكم البلاد التي خرج منها جيوشها لتقليل التكاليف كما سبق القول وبعضالمنظمات التي تظهر بمظهر الخدمات الإنسانية والمنظمات الإرهابية وهي مرحلة متطورة من صور الإستعمار الحديث،وكما سبق البيان فإن هذه القيادات العميلة تتصرف دائما بخلاف مقتضى العقل والمنطق الوطني لأنها في الواقع تمثلالاستعمار والمصالح الغربية لا المصالح الوطنية وان تسربلت بسربال الوطنية المتشدد من خلال الشعارات الرنانة التيتستهوي البلهاء والجهلة والغوغاء من الناس وتعمي بصيرتهم

ومن ابرز مظاهر هذه القيادات العميلة كذلك انها تقوم بتقديم المساعدات المالية الضخمة لدول شتى في انحاء المعمورةتنفيذاً لأوامر المستعمر التي تقع تلك الدول تحت حمايتهومن ذلك ماذكره احد الوزراء في احد المقابلات من ان رئيسدولة افريقية زار دولتنا وكنت قد كلفت بإستقباله رسمياً بسبب مشاغل الرئيس خارج العاصمة واثناء المجاملات قال ايانه بصدد طلب تمويل لمشروع اتصالات متطور جداً، ولدهشتي ابلغته ان مثل هذا المشروع الضخم المتطور هو غيرموجود لدينا اصلاً،  فكيف ستموله حكومتنا؟

فرد قائلاً: انا اعرف انه ليس لديكم مشروع متطور مثله، وسأناقش الموضع مع الرئيس.

ويبدو انه حصل على التمويل اللازم!!!!

وعلى أية حال يبدو ان ظاهرة العميل البشري في طريقها للإنحسار بعد تطور تقنية النانوفقد تكون الحمامة أو حتىالذبابة أو البعوضة التي تخترق مكتب الرئيس هي احد عملاء المخابرات المركزية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here