الملا مصطفى البارزاني.. قائد ثورة 11 أيلول 1961

الملا مصطفى البارزاني.. قائد ثورة 11 أيلول 1961

• المسلَّمة الاجتماعية تقول “الكثرة تغلب الشجاعة” لكن الملا مصطفى البارزاني غايرها، بإنتصاره على دولة

القاضي منير حداد

شهد جنوب كوردستان الكبرى، ثورة قدحت شرارتها الأولى يوم 11 ايلول 1961 في جبال المنطقة المعروفة محليا بـ “كوردستان العراق” التي أنطلقت بقيادة الزعيم الوطني الخالد الملا مصطفى البارزاني.. رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني.

إعتصم الملا بجبال كوردستان معلناً ثورة المطالبة بحقوق الإنسان الكوردي، الذي قطعت معاهدة سايكس بيكو أوصاله عام 1916 متشظياً بين أربع دول وثلاث لغات.. العراق وسوريا.. عربيا، وإيران، وتركيا… في محاولة لإحتواء الوجود الكوردي في صراع دام ومرير، يسعى الى محو الهوية الكوردية وتبديدها بين العرب والايرانيين والأتراك، لكن… باقٍ وأعمار الطغاة قصيرة.

أنعم الله على الكورد بقائد تاريخي فذ، أسس النضال وصنع التاريخ الكوردي المعاصر؛ متماهياً مع الجبال.. صخراً صمداً يحلق من ضاهر القمم الى السماء.

شهدت القضية الكوردية مؤامرات لو صبت على النهارات لصرن ليالي؛ إلا أن الوجه الكوردي الثائر، لج أبيض يقاوم الزمن، من خلال الأهمية العظمى التي شكلها الحزب الديمقراطي الكوردستاني، بزعامة الملا مصطفى البارزاني.

• الثورة والإنسان

11 أيلول 1961 واحدة من العلامات التاريخية في سفر الشعب الكوردي، أثبت فيها بطولة متفردة في القتال، إلتفافاً حول شخص الملا، من إجـل الإستقلال وتحرير الإنسان والارض، فجاءت إنتفاضة قتالية سرعان ما تحولت الى ثورة شعبية، خضبت ربوع كوردستان بدماء الثائرين الكورد الطاهرة.

إلى الآن ما زال الدم الزكي يلهب قمم جبال كوردستان المستعرة، ضد دستور تنصل من مضمونه متنكراً لمطالب الكورد، بل رد على الحوار السلمي بالسلاح.. ناراً ورصاصاً وإستباحةً للحرمةِ الكوردية المقدسة.. أنهار من دم أريقت على طريق مضيق دربند بازيان ومشارف دربند خان ومدخل السليمانية، أخذوا على حين غرة، لكن عندما “إستعدلوا” للمواجهة، عرف المعتدي “إيش جابت الأمهات” إذ إستطاع الملا مصطفى، تلقين العسكر المدججين بأحدث الأسلحة “حينها” درساً في الشجاعة والبطولة والتخطيط الفائق، الذي لم تفلح معه الكثرة والمفاجأة ومتانة التسليح، بالغلبة.

المسلمة الاجتماعية تقول “الكثرة تغلب الشجاعة” لكن الملا مصطفى غاير ذلك؛ بإنتصار حزب على دولة، لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه.

• الوعد الحق

” كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ، وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ، تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ” الآيات 249 – 252 القرآن الكريم، التي أجد فيها نبوءة بما بلغه المجتمع الكوردي حاضراً من رفعة حضارية تقتدى.

• قيادة بارزانية

الحزب الديمقراطي الكُـردستاني بالزعامة البارزانية الحكيمة، قاد ثورة مسلحة أركعت طاغية، ويقود ثورة ثقافية الآن.

إنتظم في صفوف ثورة الملا مصطفى 1961 فلاحون وعمال وكسبة ومثقفون وطلاب وفي ما بعد عسكريون وشرطة.

إجتذبت شخصية الملا.. بشجاعته وتفرده ونزاهة مساعيه.. الشعب الكوردي كُلـه، ممتثلاً للقيادة البارزانية نحو وطن منيع وكريم يحنو على الشرفاء وينبذ الفاسدين.

* محطات ثورية

تلخصت أسباب الثورة بمطالب عادلة، تنكرت لها سجلات الدستور؛ لذر رماد الحبر في عيون التاريخ.

وأهم المطالب الدستورية التي تنصل منها العسكر: عودة جريدة “خبات – النضال” لسان حال الحزب الديمقراطي الكوردستاني، للصدور بعد حظرها من قبل السلطة آنذاك، وتطبيق الحكم الذاتي رسمياً في المناطق الكوردية، وإعتماد اللغة الكوردية، في منطقة الحكم الذاتي، وأن تؤمن المنطقة بشرطة وجيش وتعليم وصحة وشؤون بلدية كوردية خالصة، وصرف جزء من عائدات نفط الموصل وكركوك الى كوردستان.

إعتبرتها السلطة المركزية تهديداً لوحدة العراق، ولم تبالِ بخصوصية القومية الكوردية، ولم تحترم ديموغرافية المحيط الجغرافي سكانياً بلغته وقوميته وإقتصاده المؤلف من ثروات يجب أن تكرس للإنسان الكوردي، المتوارث الوجود في نطاق دائرة ما أنزل الله كمثلها في البلاد.. جبال وخضرة وماء متدفق و…

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here