الأحد ١٢ ٢٠٢١
بيروت – الوكالات: ساد التشكيك في لبنان أمس غداة تشكيل حكومة جديدة بعد تأخّر استمر 13 شهرا، فيما يتعيّن على وزرائها تضميد جراح بلد يعاني أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.
وشهد لبنان الجمعة ولادة حكومة نجيب ميقاتي، وهو واحد من أبرز أثرياء هذا البلد وسبق أن ترأس حكومتين.
بيد أنّ الحكومة المؤلفة من 24 وزيرًا والتي كان تشكيلها لا بدّ منه للحصول على مساعدات دولية، أبصرت النور بعد تجاذبات سياسية متمادية بين الأحزاب التي تتقاسم السلطة في لبنان من دون أن تحظى بمصداقية طيف واسع من اللبنانيين.
ووصفت جريدة الأخبار القريبة من حزب الله التشكيلة الجديدة بكونها «حكومة الثقة المستحيلة».
والمخاوف المشتركة التي جرى التعبير عنها سواء في وسائل الإعلام أو شبكات التواصل وأيضًا على ألسنة بعض الخبراء، محورها مدى قدرة الحكومة الجديدة على إنعاش اقتصاد يعاني من تدهور غير مسبوق، وهامش التحرك الذي تحظى به في مجال الإصلاحات.
واتسع نطاق التساؤلات ليشمل طبيعة التغييرات التي يمكن إنجازها على يد فريق حكومي اختار أفراده أقطاب الحياة السياسية الممسكين بمكامن السلطة منذ عقود ويُنظر إلى سياساتهم الزبائنية والشكوك حول فسادهم على أنّها المتسببة بالانهيار الاقتصادي.
وكتبت لبنانية على موقع فيسبوك «إنّها حكومة النيترات والعقم السياسي والفساد التوافقي»، في إشارة إلى الانفجار الهائل الذي زلزل بيروت في أغسطس 2020 نتيجة تخزين كميات ضخمة من مادة نيترات الأمونيوم في مرفأ العاصمة من دون أي احتراز.
وأسفر الانفجار عن أكثر من 200 قتيل ونكب أحياء بأكملها في العاصمة، ورأت فئات واسعة أنّ انعدام كفاءة الفئة الحاكمة تسبب به.
وكانت حكومة حسان دياب قد استقالت بعد أيام من الانفجار في ظلّ استنكار شعبي وغضب عارمين.
وتساءل الباحث والأستاذ الجامعي سامي نادر لفرانس برس «الطباخون أنفسهم شكّلوا الحكومة، فهل هم قادرون على تقديم وجبة جديدة؟»، مضيفًا أنّ «الخوف الحقيقي في ألا يقود أسلوب عمل (النظام) نحو إنتاج شيء جديد».
بدورها، رأت صحيفة لوريان-لوجور الناطقة بالفرنسية أنّ مهمة الحكومة جسيمة و«هرقلية»، في إشارة إلى بطل أسطوري في الميثولوجيا اليونانية والرومانية.
وتتخذ الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يعاني منها لبنان منذ صيف 2019 مسارًا تصاعديًا، ووصفها البنك الدولي بأنّها من بين الأسوأ منذ عام 1850.
وتقدّر الأمم المتحدة أنّ 78% من الشعب اللبناني يرزحون تحت خط الفقر في ظلّ تضخم جامح وعمليات تسريح من الوظائف.
وترافق ذلك كلّه مع عتمة لفّت لبنان مع انقطاع التيار الكهربائي نحو 22 ساعة في اليوم، إلى جانب المعاناة من انهيار قيمة العملة المحلية ومن القيود التي أقرّتها المصارف أحاديًا، فضلاً عن الرفع التدريجي للدعم الذي توفّره الدولة على مواد ومنتجات أساسية مستوردة وشحّ الوقود والأدوية. وصارت الطوابير التي لا نهاية لها أمام محطات الوقود مشاهد تتكرر يوميًا.
ومن بين التحديات التي تواجه الحكومة، التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بعدما توقفت المحادثات معه عمليًا بداية صيف 2020.